جائحة كورونا وأثرها على هيكلة الأجور والمرتبات

بقلم: مريم محمود خليل دهمان

في نهاية شهر فبراير (شباط) للعام 2020م بدأت أجراس الخطر تدق في العالم العربي، وذلك بأن شهد العالم انتشار وباء فيروس كورونا الذي اجتاح جميع دول العالم، واحتارت هذه الدول في كيفية التعامل معه، وذلك لعدم التمكن من الوقوف على أسبابه وطرق انتشاره، وكيفية التخلص منه.

امتدادات جائحة كورونا وتأثيرها على مفاصل الحياة

لقد امتد تأثير هذا المرض على مسارات الحياة المختلفة، فما من قطاع حياتي إلا وقد عصفت به الجائحة، وتركت بصماتها الواضحة عليه، ونتج عن ذلك حصد الكثير من أرواح الناس، وإصابة العديد به، ومن القطاعات التي تأثرت بهذا المرض القطاع التعليمي، واحترازا من انتقال العدوى قامت العديد من وزارات التربية والتعليم بإغلاق المدارس والجامعات والعمل بنظام التعليم عن بعد المتمثل في التعليم الالكتروني والتعليم المحوسب من خلال مواقع التعليم المتعددة.

ومن الدول التي تأثرت مؤسساتها بشكل كبير كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية والإمارات العربية المتحدة والاردن وفلسطين والمغرب والجزائر وغيرها من الدول العربية والغربية التي قامت بمجموعة من الإجراءات واتخاذ التدابير والوسائل العلاجية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من العملية التعليمية ومن العملية الادارية والسلوكية على حد سواء.

ويشير معظم الخبراء بأن العالم ما بعد جائحة كورونا لن يكون مشابها لما قبلها، حيث سيؤثر انتشار هذا الفيروس على مجمل الانظمة الدولية (السياسي-الاقتصادي-الثقافي-الاجتماعي)، كما نلاحظ تأثر المنظمات والمؤسسات التعليمية من حيث تأثيرها على هيكلية الأجور والمرتبات والاجراءات المتبعة من قبل ادارة الموارد البشرية.

تأثير جائحة كورونا على هيكلة الأجور والمرتبات

تعتبر الأجور والمرتبات من القواعد الأساسية التي تبنى عليها المساواة التي تقوم على إعطاء المكافآت على أساس المساهمة في العمل، فالموظف الذي يداوم دواماً كاملاً في المنظمة فإنه يستحق أجرأ أكبر من الموظف الذي يدام دواماً جزئياً، ولم تتحقق هذه القاعدة في ظل الانقطاع عن العمل حيث بقيت الأجور كما هي للجميع الذين يداومون والذين انقعوا عن الدوام لأسباب.

وتتمثل العدالة في توزيع المكافآت والموارد بين الموظفين في المنظمة، والأجر، والتزام المنظمة بالوفاء بالعقد النفسي، وتوزيع الموارد على العاملين بأسلوب عادل، وقد بقيت هذه العدالة حتى هذه اللحظة كما هي فلم يحصل أي فرد على أي مكافآت.

الأجر والمكافآت

ويتأثر العاملون داخل المنظمات التعليمية بالأجر والمكافآت التي ينتظرونها أو يتحصلون عليها، وكلما زاد الأجر تحسن العمل، ويمكن قياس العدالة من خلال مقارنة الجماعة للجهود التي تبذلها مع العوائد المالية أو المعنوية التي تحصل عليها مع الجماعات الأقران التي تشبههم في العمل.

لقد عملت جائحة كورونا على تغيير مدخلات عمل الجماعة داخل المنظمة التعليمية، وذلك من خلال تقليل المجهود المبذول، ومثال ذلك نرى أن كثيراً من المنظمات التعليمية قد سعت إلى توجيه الجماعة إلى إنجاز أعمالها عن بعد دون وجود فرص للاحتكاك بينها، للحد من انتشار فيروس كوفيد19 بين الجماعات، كما أنها لم تتح فرص زيادة أجر العاملين بالرغم من تشجيعهم على أداء الأعمال التي يكلفون بها على أفضل وجه ممكن، ولم يتم تعزيزهم بالأجر المناسب.

ومن يتتبع تأثير جائحة كورونا يجد أنها لم تحقق المساواة بين الموظفين بعدالة، وذلك أن هناك بعض الموظفين يداومون في منظماتهم دواماً كاملاً، ويتقاضون أجراً يماثل موظفين لا يداومون، وهذا لا يحقق العدالة عند تطبيق قاعدة المساواة.

ومن يتتبع تأثير جائحة كورونا على النوعية سيجد أنها تراعي ذلك، وذلك أن جميع الموظفين العاملين وغير العاملين يحصلون على أجر متساو عندما تقدم المنظمة خدمات صحية لهم، فلم يقتصر النشاط الصحي على فرد دون آخر.

ماهو تأثير جائحة كورونا على الإجراءات التالية

(إجراءات تقييم الأداء- تحديد الأجور-النقل- الترقية-احترام متخذي القرار العاملين)

تلك الاجراءات هي التي تعبر عن حقيقة التصرفات الرسمية التي تنعكس على إحساس المرؤوسين حيال الإجراءات المستخدمة في تحديد المخرجات التي يحصل عليها الفرد، وهي بمثابة رسالة تقدير وامتنان من المنظمة للفرد.

وتتمثل الإجراءات في جانبين أساسيين، هما: الجانب الهيكلي الذي يعبر عن الإجراءات التي تأخذ طابعاً رسمياً للعدالة، وذلك مثل: تقييم الأداء، وتحديد الأجور، والنقل، والترقية. والجانب الآخر هو الجانب الاجتماعي، ويتمثل في احترام صناع القرار العاملين، وذلك عن طريق إخبارهم بكيفية اتخاذ القرارات المناسبة.

إجراءات تقييم الأداء

تقوم المنظمة بوضع مجموعة من المعايير الموضوعية التي تعمل على تقييم أداء العاملين وفق معايير موضوعية صادقة، ومن تلك المعايير الاستئناف، ويراد به سماح الإدارة للعاملين لديها بالاعتراض أو التعديل على القرارات الصادرة.

تحديد الأجور

تعمل المنظمة على توفير العدالة في الإجراءات من خلال وضع الأجور للعاملين بقدر عطاء كل واحد منهم، فالعامل المبدع في عمله يحصل على اجر كبير، في حين ان العامل المتوسط يحصل على أجر متدن، والعامل غير المنتج يحصل لا يحصل على أي أجر.

النقل

تعمل المنظمة من باب تحقيق العدالة في تنفيذ الإجراءات القانونية حرصاً على سلامة المنظمة على عقاب العامل المقصر بنقله من مكان عمله إلى عمل آخر، ولكن هذا الإجراء لا يكون بشكل مفاجئ، وإنما يسبقه سلسلة من التحذيرات التي توجه له، وإن استمر في تقصيره وعدم قيامه بمهامه على أفضل وجه فإن المنظمة تقوم بنقله.

 الترقية

تعمل المنظمة بتحقيق العدالة في إجراء الترقية، وذلك فيما يتعلق بالعامل المبدع في عمله داخلها وخارجها تقديراً لجهوده المميزة، فتقوم بترقيته، وتأخذ الترقية صوراً وأشكالاً مختلفة، منها: منحه علاوة دورية، أو إعطاؤه درجة أعلى، أو شغله رئاسة قسم، أو غيرها.

احترام متخذي القرار للعاملين

من صور الديمقراطية التي تمارسها المنظمة لتحسين أداء العاملين فيها أنها تتشاور معهم في اجتماعاتها الدورية أو الطارئة، وتتبادل معهم وجهات النظر من أجل التوصل إلى قرارات بناءة تطور المنظمة وتحسن خدماتها للجمهور.

كيف انعكست جائحة كورونا على تقييم أداء العاملين؟

أثرت جائحة كورونا على تقييم أداء العاملين بشكل سلبي، وذلك أنها عملت على إيقاف نظم تقييم الأداء الوجاهي منذ تاريخ انتشار الفيروس، ولم تتمكن المنظمة التعليمية من متابعة أعمال الموظفين الذين ينتسبون إليها، بسبب إغلاق المؤسسات التعليمية وانقطاع الطلاب عن مدارسهم وجامعاتهم، غير أنه يمكن القول إنها تابعت تقييم أداء الموظفين بطريق غير مباشر، وذلك من خلال ممارسة أساليب التقييم عن بعد الذي يعطي الفرصة للمنظمة للقيام بمتابعة أعمال التقييم.

كما أن جائحة كورونا كان لها تأثير سلبي كبير على نقل الموظفين، حيث أوقفت حركة تنقلاتهم من منظمة تعليمية إلى أخرى، ولم تعد هناك ترقيات للمجيدين منهم، ولا احتساب علاوات إضافية أو زيادة في أجورهم أو تغيير في مسمياتهم التعليمية، إلا للحالات الضرورية.

أما لتأثيرها على الجانب الاجتماعي فكان لها تأثير كبير؛ حيث منحت الفرصة للمسؤولين في المنظمات القيام باتخاذ قرارات جديدة، تتمثل في فتح أبواب الدراسة عن بعد وأصدروا تعليماتهم بمتابعة الدراسة عبر بوابة للتعلم الإلكتروني وتفعيل نظام المودل (moodle).

كيف أثرت كورونا على صناعة القرار الإداري؟

من الشواهد العملية التطبيقية لتأثير كورونا على صناعة القرار الإداري أن الصفة المميزة له هي أن هذه القرارات تعد أحادية الجانب، بمعنى لا يوجد تشاور بين أطراف المنظمة، ما دفع الكثير من العاملين إلى عدم القبول بها وأبانوا الاستياء منها، ومن ذلك قرار أتمتة الخدمات إجبارياً كما حدث في دولة الإمارات العربية المتحدة، فصار هذا عبئاً ثقيلاً على كثير من الموظفين، لعدم امتلاكهم الخبرات الإدارية الكافية في هذا المجال، بالإضافة الى المشاكل التي نشأت عندما قررت المؤسسات الجامعية اعتماد التعليم الالكتروني نتيجة ضعف في قدرات العاملين في توظيف الوسائل التكنولوجية.

بقلم: مريم محمود خليل دهمان

 

أضف تعليقك هنا