فلسفة الريادية وعلاقتها بالنمو المهني للأفراد في المنظمات التربوية

بقلم: إيمان أحمد بشير عبيد

وزارة التربية والتعليم العالي: إن المستجدات الحديثة والتطورات في مجال الإدارة تتطلب نوعاً فريداً من الأعمال الريادية لتحقيق الإنجازات النوعية والكيفية وتحسين نوعي في الأداء وفقاً للمعايير العالمية للجودة واستحداث منظومة متكاملة من السياسات التي تحكم وتنظم عمل المؤسسة وترشد القائمين بمسئوليات الأداء إلى قواعد وأسس اتخاذ القرارات، فالفرد يعتبر أحد العوامل المؤثرة في العملية التربوية، إذ يتفاعل معه العاملين و يكتسب عن طريق هذا التفاعل الخبرات و المعارف و الاتجاهات والقيم.

أهمية الفرد ضمن النسيج التنظيمي للمنظمة

لقد شغـلت قضية إعداد الفرد وتدريبه مساحـة كبيـرة من الاهتمام من قبل أهل التربية و ذلك انطلاقـا من دوره الهام و الحيوي في تنفيذ السياسـات التعليمية في جميـع الفلسفات و على وجه الخصوص في الفكر التربوي الحديث، ففي هذا المقال سيتضح مفهوم فلسفة الريادية من حيث كونها وسيلة لتحقيق التميز وفقاً لمعايير جودة الأداء المتعارف عليها دولياً. حيث إننا ندرك أن مفهوم الإدارة الحديث يتداخل مع مجموعة علوم كعلم السياسة والاقتصاد والنفس والسلوك الإنساني وحتى مفاهيم العلوم الطبيعية، وهذا يدل على أن الإدارة ليست مجرد قوانين موضوعة تستهدف إيجاد آلية ثابتة للمنظمة.

أو نظام خاص تفرضه طبيعة العمل أو طبيعة المدير، وإنما الإدارة المتميزة هي مجموعة القواعد والأساليب المنطقية الحكيمة التي توازن بين الأهداف والقدرات والممارسات. ومما لا شك فيه أن الأداء يدل على ما يتمتع به العاملون في المؤسسات الإدارية بصفة عامة والوزارات بصفة خاصة من مهارات وقدرات وإمكانات فإذا كان الأداء مناسباً للعمل المطلوب إنجازه، فإنه يحقق الغرض منه، أما إذا كان لا يرقى إلى المستوى المطلوب لإنجاز العمل، فان ذلك يتطلب استحداث وسائل وطرق جديدة وتدريب العاملين عليها لرفع كفاءاتهم وتحسين مستوى أدائهم (إسماعيل: 1993 ، 63 ) .

الفلسفة الريادية وعلاقتها بالتغيرات الحديثة

إن تميز الأداء الإداري يحتل مكانة خاصة داخل أي منظمة أهلية كانت أو حكومية باعتباره الناتج النهائي لمحصلة جميع النشاطات بها، وذلك على مستوى الفرد والمؤسسة والدولة لأن المؤسسة تكون أكثر استقراراً وأطول بقاءً حيث يكون أداء العاملين بها متميزاً (السلمي: 2013 ، 81 ) . ومن هنا كان اهتمام هذا المقال في النظر إلى فلسفة الريادية وعلاقتها بالنمو المهني للأفراد في المنظمات التربوية وعلاقته بالتغيرات الحديثة، ومدي تأثير هذه التغيرات على بنيته وانعكاسها على تنمية عقول الأفراد و خلقهم و مهاراتهم و إكسابهم المعارف و الآداب المختلفة.

الريادية والشخص الريادي

الريادية (Entrepreneurship) من الموضوعات المثيرة للاهتمام في الفترة الأخيرة، وذلك لأنها مصدر للابتكار، فالريادية تحمل معنى أن تكون الرائد الأول الذي يأتي بالجديد. كما أنها تمثل مصدرا مهما لفرص العمل الرخيصة، ومحدودة رأس المال، وهذا ما نجده في قطاع واسع جدا من الأعمال الصغيرة التقليدية والجديدة على حد سواء. ويعرف الريادي (Entrepreneur بأنه الفرد الذي يتحمل المخاطرة وإدارة العمل والمشروع. وهذا التعريف يركز على أمرين أساسيين هما: الأول: المخاطرة فلا ريادية دون مخاطرة، والفشل والنجاح وجها العملة في كل مشروع، وهذا ما يقبل به الريادي عادة. والثاني، تحمل مسؤولية إدارة العمل والمشروع,
الإطار الفكري لفلسفة الريادية وعلاقتها بالنمو المهني للأفراد بالمنظمات التربوية”؟

دور الإدارة في التأهيل المهني

إن الأداة الحقيقية والقوة الفاعلة في تحقيق غايات وأهداف المنظمات هم الموارد البشرية من العاملين ذوي المعرفة ((Knowledge Workers الذين يتم اختيارهم بعناية فائقة، وتوفر لهم الإدارة فرص التنمية المستمرة والتدريب الهادف إلى زيادة مهاراتهم، وتستثمر قدراتهم الفكرية والمعرفية في تطوير الأداء وتمكنهم دائما من السيطرة على مقدرات العمل وحرية الحركة والمشاركة في تحمل المسئوليات واتخاذ القرارات. إن الريادية هي في الأساس إدارة متميزة للموارد البشرية.

حال مجتمعاتنا

إن الناظر في حال مجتمعاتنا الإسلامية والعربية يلمح بوضوح أنواعا من الخلل قد انتظمت كافة مناحي الحياة وشرائح الأمة، فالخلل واضح والقصور واضح سواء كان على الأداء السياسي، أم على الأداء الاجتماعي وكذلك على الاقتصادي والتعليمي، حيث تدني مستوي الأداء والذي يرجع إلى ضعف القائمين على تطوير السياسات والتوجهات بشكل عام وتطوير أداء الفرد بشكل خاص. لذا كان لا بد من توضيح لمفهوم الريادية من خلال عمل الريادية على بناء وتنمية العلاقات مع مختلف الطوائف والأطراف الذين ترتبط بهم المؤسسة التربوية. ويكون من سمات الريادية القدرة على استثمار وتوظيف تلك العلاقات في سبيل تعظيم فرص المؤسسة للوصول إلى غاياتها وأهدافها.

وإن القياس أساس تفوق الريادية التي تعمل وفق مبدأ ما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته والسيطرة عليه. ويتطلب إعمال مبدأ القياس ضرورة التعبير الكمي عن العناصر والآليات والعلاقات الداخلة في الأداء. وإن هذه السمات والأسس الفكرية تتكامل لتمثل منظومة متشابكة هي الأساس في بناء وتنمية مقومات الريادية في المؤسسات المعاصرة، والتي تخضع للقياس والتقويم من جانب إدارة المؤسسة ذاتها. ويعتبر التطوير المستمر (Continuous Improvement) من مقومات الريادية إذ يتيح للمؤسسة أن تكون دائما في موقف أفضل من المنافسين، وأن يكون لها السبق في تطوير الخدمات التي تقدمها ونظم الأداء بما يكفل لها التفوق في الوصول الأسرع إلى الريادية وتوفير منافع ومميزات للمستفيدين لا يجاريها المنافسون.

ماهي المتطلبات الرئيسية للريادية في المنظمات التربوية؟

يتضح من المعلومات السابقة أن تحقيق الريادية يتطلب توافر المقومات التالية:
1. بناء استراتيجي متكامل يعبر عن التوجهات الرئيسية للمؤسسة ونظرتها المستقبلية
2. منظومة متكاملة من السياسات التي تحكم وتنظم عمل المنظمة وترشد القائمين بمسئوليات الأداء إلى قواعد وأسس اتخاذ القرارات.
3. هياكل تنظيمية مرنة ومتناسبة مع متطلبات الأداء وقابلة للتعديل والتكيف مع المتغيرات الداخلية والخارجية.
4. نظام متطور لتأكيد الجودة الشاملة يحدد آليات تحليل العمليات Process Analysis وأسس تحديد مواصفات وشروط الجودة ومعدلات السماح فيها وآليات رقابة وضبط الجودة ومداخل تصحيح انحرافات الجودة
5. نظام معلومات متكامل يضم آليات لرصد المعلومات المطلوبة وتحديد مصادرها ووسائل تجميعها وقواعد معالجتها وتداولها وتحديثها وحفظها واسترجاعها، فضلاً عن قواعد وآليات توظيفها لدعم اتخاذ القرار.
6. نظام متطور لإدارة الموارد البشرية يبين القواعد والآليات لتخطيط واستقطاب وتكوين الموارد البشرية وتنميتها وتوجيه أداءها. كما يتضمن قواعد وآليات تقويم الأداء وأسس تعويض العاملين وفق نتائج الأداء.
7. نظام لإدارة الأداء يتضمن قواعد وآليات تحديد الأعمال والوظائف المطلوبة لتنفيذ عمليات المنظمة، وأسس تخطيط الأداء المستهدف وتحديد معدلاته ومستوياته، وقواعد توجيه ومتابعة الأداء وتقويم النتائج والإنجازات.
8. نظام متكامل لتقييم الأداء الفردي وأداء مجموعات وفرق العمل ووحدات الأعمال الاستراتيجية والأداء المؤسسي بغرض تقويم الإنجازات بالقياس إلى الأهداف ومعايير الأداء المقررة.
9. قيادة فعالة تتولى وضع الأسس والمعايير وتوفير مقومات التنفيذ السليم للخطط والبرامج تؤكد فرص المؤسسة في تحقيق الريادية.

استراتيجية الريادة

قد أوضح ( Hitt and others, 2012 ) بأنه لا يمكن تحديد معني واحد لاستراتيجية الريادة لكنها ترتبط بمكونات متعددة حيث أن على المديرين ابتكار شيء جديد وما سيكون عليه المستقبل ، وإن استراتيجية الريادة تساعد في تحقيق الرؤية للمؤسسات وهي مفتاح لتحقيق التميز على المدى الطويل وإن النجاح في تحقيق استراتيجيات الريادة من الأفكار المهمة في الوصول إلى الرؤيا بالنسبة لمؤسسات الأعمال ، القدرة على القبول بالمخاطرة والتوجه نحو التغيير المطلوب والوصول إلى المؤسسة المتعلمة لتحقيق الرؤية المطلوبة . في ضوء هذا المقال المتعلق بفلسفة الريادية وعلاقتها بالنمو المهني للأفراد بالمنظمات التربوية توصي الكاتبة بما يلي:

– أن التطوير والريادة ، ينبغي أن يتم وفق خطة وطنية منظمة ومدروسة وتصاغ من خلال مشاركة مجتمعيه موسعة ، وتبعاً لإدارة سياسية متينة.
– ضرورة الاستفادة من الاتجاهات الحديثة في علم الإدارة وتوظيفها بشكل عملي يضمن استدامة العمل التربوي بشكل فعال.
– أهمية تحديد الاحتياجات التدريبية والتخصصية للأفراد للنهوض بأداء المؤسسة على المستوى المحلي والدولي .
– توفير كافة المتطلبات البشرية والمادية لدعم التوجهات الحديثة في أعمال تطوير أداء المنظمات التربوية.
– وجود قنوات اتصال وتواصل بين المنظمات التربوية والقائمين على الإدارة في الجامعات والمؤسسات التربوية لأخذ الدروس المستفادة في مجال تطوير أداء الأفراد بما يتناسب مع المنظومة التربوية للتحديث والتطوير.

المراجع:

• اسماعيل ، السيد ( 1993 ) : الإدارة ، الاستراتيجية : مفاهيم وحالات تطبيقية، الاسكندرية ، المكتب العربي الحديث .
• سلمى، على، (2003):التخطيط والمتابعة، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة.
• Hit , M,A. and Ireland R.DandHoskisson.R.E ( 2001 ): strategic Management : competitiveness and Globalization, 7thEdithion. South western college Publishing.

بقلم: إيمان أحمد بشير عبيد

 

أضف تعليقك هنا