نظرية التطور من وجهة نظر رسائل إخوان الصفاء وخلان الصفاء

سبق لــي في مقال نشرتـه في عدة مواقع إخبارية الحديث عن جمع مُختصر لخصت فيها موجز الكلام المُقتطف عن مؤلفي الرسائل وقد تطرقتُ بشكل بسيط للبعض لأن الحديث عن أثنان وخمسون رسالـة في مقالـ عابر كهذا من الصعب جداً أن يلخص أو يغطي كل مُحتوى من مُحتويات الرسالـة الواحدة.

تمهيد 

وجب الأمر أن نكتفي بالإنتقاء والتفرد بمساحة واسعة للحديث عن مُصطلح نرىٰ فيه التساؤلات والفضول المعرفي والبحث فوجدت أن نترك عميق الرسائل الفلسفية والفكرية – لحين نجد لوعينا الفكري إكتماله أو نضجه – ونتجه لما هو ابسط وبما يتوافق مع فهمنا وقدراتنا العقلية والقارئ العادي لنتمكن من فهم أوضح للمادة العلمية المطروحة وكان الأسهل أن نبدأ في الحديث عن وجهات النظر وليس الدراسة العلمية البحته التي طرحها واضعي أُسس هذه الرسائل فيما يخص ” نظرية التطور ” والتي هي أيضاً اليوم محل تساؤل الكثير من المُهتمين والباحثين عن محتواه وما هو قول الرسائل في هذا الجانب الذي هو أقرب لعالم الأنطولوجيا ” العالم الوجودي “.

المفردات والقصد العلمي والتأويل

ليس من السهل ترجمة الاقوال ونقلها للقارئ كما جاءت في أهم مرجعيات ومخطوطات الرسائل الموثقة كمصدر يُعتمد عليه في الدراسة البحثية، لا شك هُناك مُفردات مجازيـة مُشبعة وإقتضاب في نقل المعاني ومُفرداتها تحمل لغـة مُختلفة تتجرد من عبث السرد الكلامي والحشو الفكري الزائد، أي كل ما ذُكر في طياتها لـه معنىٰ ودلالـة فلسفية تختلف تماماً عن فلسفة ارسطو وافلاطون في الشرح والمعنىٰ وكأنها جاءت بشيئ اكثر تقدم من حيث الفكر والوعي الخالص للرسالـة في حديثهم عن نظرية التطور بل تجاوز الشرح المألوفـ لما شرحـه تشارليز داروين مجازاً عن صياغة النظرية ونشوء الإرتقاء فقط إضافات البعض منها تتوافق مع الثوابت، والأُخرى أعطت تفاصيل أعمق للمُسلمات وظواهرها لتقريب القصد الفلسفي الذي حمل نوع من السرد المعرفي المُبهم لدى البعض ليتطلب ذلك فهم بديهي وذكاء في شرح النصوص والقصد منها، ولم يكن عبثاً.

عندما تطرقوا للتكوينـة الأولـية للإنسان وجدوا أنه وحسب دراسة مُكثفة خصت النشئة الكونية وتسلسل الكائنات الحية هو آخر الكائنات التي وجدت على هذه الأرض تطورت ونشأت وفق تمام الكمال والإرتقىٰ حتى وصلت لأجمل الأشكال وأتم الصور الأدمـية مما ترفعت إلى أعلى مقام فتميزت عن باقي الحيوانات جوهراً وتركيباً ففيه تجلت صفة الجوهر المادي بأبهىٰ مكامن الخلق في جسده وهندسته الربانية البديعة، وصفة الجوهر الروحي الذي هو مكمن الإرتقىٰ الحقيقي للنفس وثاني غيبات الصورة الإنسانية المُكتملة.

مقتضب الرسالة الجامعة

في مُقتضب الرسالـة الجامعة لـ مُحتوى نظريـة التطور ذكر في الأُمهات الكلية عن ثلاث مولدات وسميت بالجُزئيات بدء من الحيوان والنبات والمعادن وصنف الإنسان كأفضل كائن حيواني من الكائنات العُليا حيث انه نزهـه الله وجعله في اتم صور الجمال والإبداع والنظافة وهو آخر الكائنات على هذه الأرض التي أنبثقت من نوعين من الصور وكان أبغلها وأجلها الصورة المُتممة التي بغلت به إلى أفضل حالاته الشكلية.

وذكر أيضاً في مُقتضب الرسالـة تفسيراً ظاهـرياً ” إن لكل كون نشوء وغاية أولاً وابتداء وله غاية ونهاية إليها يرتقي ولغايتها ثمرة تجتني” أي أن ذلك يعني دورة تسلسل النشئ الأولـي للكون ،فالإنسان يُعتبر أخر كائنات التطور من حيث التسلسل وكان أعقدها لسبب أن الترتيب بدأ بالبسيط ثم بالأعقد وهذا ما ذكره جلياً في القولـ ” آخر مرتبة النبات متصل بأولـ مرتبة الحيوانات ،وآخر مرتبة الحيوانـات متصل بأول مرتبة الإنسانيـة، وآخر مرتبة الإنسانية متصل بأول مرتبة الملائكة “.

نظرية الكون والوجود

بشكل أسهل الإنسان وحسب نظرية التطور من وجهة نظر رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء هو آخر ما خلق الّلّٰه على هذا الكون بعد وجود الحيوانات والنبات بمعنىٰ أكثر تقريب الحيوان والنبات، مثلاً النبات أقدم خلق من الحيوان لآنها مصدر غذائـه أي أن كِلاهُما أقدم من الإنسان نشأتٌ كونهما مصدر غذائه الحياتي لِمد بقاءُه وطاقته ،هذا أيضاً ما ينطبق على باب شرح الجُزئيات فالنبات خلق بعد المعادن لآن المعادن عناصر تركيبية كيميائية لجعل التربة صالحة لزراعة النبات وتكاثرها بفصائلها المُتعددة ،والماء هو أول موجودات ما سبق لآنه مصدر بقاء الإنسان والحيوان والنبات ومصدر تكوين المعادن.

تلخيص

تلخيصاً لما ذكر سابقاً عن تطور نظرية التكوين الأولي للحياة بعناصرها يُرىٰ في الرسائل مُختصر القول أن ” الحيوانات كلها مُتقدمة الوجود على الإنسان بالزمان ” مهما ظل الإختلاف والدراسة قائمة في البحث تظل ” الحكمة الإلهية ” هي دستور التطور والتكوين ومرجعاً حقيقياً لا غبار فيه وإن وجد الصراع لأجل البقاء فثمة من يفصل القضية وما هو أعمق في الرسائل ربُما كفيل للإستيفاء بما يدور في الفكر والعقل معاً من تساؤل وبحث ،لكننا سنترك ذلك لحين نرى الوعي قد اكتمل في فَهم القصد والمعنىٰ وبلغ مرتبة الفسح المعرفي والإطلاع والبوح بمكنوز المعارف والفائدة.

فيديو مقال نظرية التطور من وجهة نظر رسائل إخوان الصفاء وخلان الصفاء

أضف تعليقك هنا