نقض التأويل القرآني

بقلم: أ.د.صباح علي السليمان

جاء في كلام العرب حمل اللفظ على معنى آخر يختلف عن معناه الأصلي وعبروا عنه بـ( المجاز، والتأويل، والحمل على المعنى، والتعويض، والتحويل، والتلوين، والالتفات، والانزياح، والانعطاف …الخ )

تأويل بعض المعاني لدى فقهاء اللغة

منه قول سيبويه: ” وقد يجيء المصدر من المفعول وذلك قولك لبن  حَلَبٌ أنما تريد محلوب”(الكتاب 4/43 ] ، وقول الفراء : ” وهو كريم إذا كان موصوفا بالكرم فإنْ نويت كرما يكون منه فيما يستقبل قلت: كارم” ( معاني القرآن 2/ 73] ، وقول أبي عبيدة : ” ومن مجاز المصدر الذي في موضع الاسم والصفة “( مجاز القرآن /12) ، وقول ابن فارس : ” ومن  سنن العرب التعويض ”  وهو إقامة الكلمة مقام الكلمة

مصادر الأفعال

من ذلك إقامة الفاعل مقام المصدر يقولون: قم قائماً، أى قياماً” ( الصاحبي /179 ) “وتكلم عنه ابن جني في باب تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني  ( الخصائص 2/ 147 )وتناوله ابن يعيش في قوة اللفظ لقوة المعنى (شرح شافية ابن الحاجب 2/ 601 ) وكتب كثير من البحوث والرسائل الجامعية متتبعين كلام علمائنا القدماء، ولكن الوهم الذي وقع فيه هو تطبيقه على القرآن الكريم وما جاءوا به يطبق على كلام العرب فقط؛ لأنَّ العرب يتوسعون في كلامهم لأجل الإيجاز، والقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف مبني كلامهما على السياق، والسياق هو سوق الكلام من بداية السورة أو القصة، ومناسبة النص، والموقف العام حول الآية الكريمة أ هو موقف رضا أم سخط، فرح أم حزن؟

الحكمة من إرادة المعنى الأصلي للمفردات القرآنية

من خلال هذه المعايير نعرف أنَّ الله سبحانه وتعالى قد جاء باللفظ ليدل على معناه الأصلي لا بلفظ آخر، ولا يجوز أن نقول أنَّ الله سبحانه وتعالى يريد كذا وكذا من دون الرجوع الى السياق؛ فمنه قوله تعالى :{ وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ}[يوسف / 18 ]. ففسر كذب على كاذب ومكذوب والأصل أنَّ نعت المصدر جاء على أصله الذي أراده الله سبحانه وتعالى ؛ فوصف الدم بانَّه كذب مبالغة كما في وصف العين باسم المعنى فكأنه نفسه صار كذباً ( فتح البيان في مقاصد القرآن 6/ 130 ) ، أو لأنَّه كُذّب فيه كما قال الله تعالى :{ فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ} [البقرة / 16] .

علينا ضبط الفهم للنص القرآني

فعلى هذا المنوال علينا الاكتفاء بالنص القرآني مع الرجوع إلى معاني الأبنية التي دعا إليها ابن الحاجب في شافيته، ولا يجوز فتح باب كثرة الكلام، والطعن في القرآن الكريم فأعداء الإسلام يتربصون هذه المسائل، ويبنوا عليها عشرات المسائل.

بقلم: أ.د.صباح علي السليمان

أضف تعليقك هنا