هل سلم الشرف الرفيع من الأذى؟

تعودنا على هذه الكلمة من الأهل من المجتمع
لا بل تكاد تتحكم بنا فهي المصدر لكل ما نسميه
عادات وتقاليد؟! كلمة اثقلت بالكثير من المعاني
وتكاد تصبح بلا معنى ! بسبب تخلف المجتمعات
حيث نسبت اليها كل أنواع العنف والجرائم ( جرائم الشرف)؟!

كلمة “جريمة الشرف”

وبعد ان تصبح كلمة مصدرا وسببًا للجرائم ومفاهيم التخلف والبؤس الذي تجاوزته مجتمعات عديدة وما زالت شعوبنا العربية تئن تحت وطأتها !! عندها يصبح اكثر من ضرورة واجب
العمل والنضال لابطال مفاعيلها الجرمية؟!! اذ اصبح العالم قرية صغيرة بتوسع وسائل الاتصال وبالتالي يجب ان يتم التفاعل بين الحضارات والاستفادة من خبرات الشعوب والمجتمعات !!
واعني هنا الكلمات المتداولة في الشرق والغرب !!
وقديمًا كانت هذه الكلمة ترمز الى النبل والفروسية
والعنفوان والكبرياء ! وفي العادات العربية القديمة
كان الرجل اذا استدان مبلغاً من المال ؟ تكون الضمانة ان يعطي الدائن شعرة من شاربه!! باعتبار
ان الشارب لدى الرجل دليلاً للرجولة! ولن ينكث ويتخلى عن شعرة شاربه !!

بصراحة اكتب عن موضوع شائك ومعقد! ليس دفاعًا عن المرأة او بنات جنسي فقط! بل عن مجتمعنا العربي بعد ان ادخل هذا المصطلح !
” كلمة جريمة شرف “!! الى حياتنا ويومياتنا ! فالمرأة هي نصف المجتمع ! وعندما يصبح نصف المجتمع مهمشًا ويعيش تحت رهبة تلك الكلمة؟
هل نتعجب لماذا تتراكم الهزائم وإذا بقينا على هذا المنوال؟!لن يبقى لنا مكاناً تحت الشمس!!

مفهوم الشرف في الغرب والشرق

في الغرب الذي نلعنه ليل نهار يعتبرون الشرف هو العمل والعلم والإنتاج ! وفي الشرق والمجتمع العربي تحديدًا نربط الشرف بالجزء السفلي من المرأة ونفهمه انه يعني غشاء البكارة عند الفتاة العزباء الذي يجب المحافظة عليه حتى ليلة الزواج
الأولى  ؟!!! وفي هذه النقطة بالذات يقول الاخصائيون  ” ان ٢٥ بالمئة من الفتيات لا تظهر نقطة الدم من الغشاء
لان نوعه مطاطي “!! وكم من فتاة ذبحت وكم من عروس قتلها اخوها او ابوها بسبب عدم وجود هذا الغشاء ليثبت تشريح الجثة انها ما زالت عذراء !!
المجتمع الشرقي يرى في المرأة مجرد وعاء للإنجاب ثم تربية الأطفال وخدمة الزوج ! دون النظر الى عقلها وكيانها ومشاعرها ! يقول كينيث
ووكر : ” ان جهل الرجل بالمرأة لا يعني جهله بجسم المرأة ورغباتها والوظائف الفيزيولوجية للجنس فحسب ، ولكنه يعني أيضا الجهل بما هو اهم واخطر ، ذلك الفهم الإنساني للمرأة كأنسان مثله تماماً ” ! وهذا التوصيف يشمل الرجل ككل حيث نظرة الرجل بشكل عام في الغرب والشرق معًا لكن الغرب وبعد الثورة الصناعية وإصلاحات كالفن الدينية وقيام الثورة المدنية فيه وأصبحت المساواة تامة بين الرجل والمرأة ! فالمناضلة الفرنسية التي قادت ثورة في بلادها ضد الإنكليز
وهي في سن ال ١٨ عاما وبعد ان القي القبض عليها اتهمت بالسحر والشيطنة وتم اعدامها حرقاً عام ١٤٣٠ الى ان أعيد لها الاعتبار عام ١٩٢٠ واعتبرت قديسة في فرنسا !

مفهوم الشرف في عصرنا الحاضر

اما في عصرنا الحاضر فان الغربي يفقد شرفه عندما
يغطي الفساد وينهب الأموال العامة والخاصة!
يفقد شرفه عندما يرتشي ليتستر على فاسد وقاتل وناهب ! يفقد شرفه اذا دافع عن سياسي فاسد!!
عديم الشرف أي الفاسد في الغرب ينبذه أهله ويتبرأ منه أصدقائه ويعاقب قانونا ويتعرض للتشهير العلني! كما حدث مع زعيمة حزب العمل الاجتماعي السويدي ” منى سالين ” عندما ملأت خزان وقود سيارتها من أموال الدولة؟! ومع انها اعادت النقود في اليوم التالي، اعتبروها فاسدة مما دفعها الى الاستقالة !!
اما عندنا ما زالت المرأة العربية تدفع حياتها ثمن علاقة ما يسمى جريمة شرف الا الرجل كعادته يفلت من العقاب ! ولعل اعتبار المرأة العربية انها العنصر الضعيف في المجتمع يطبقون أحكامهم عليها بدون عدالة ! وأحيانا توصف المرأة بانها ناقصة عقل ودين ؟

احترام مكانة المرأة في كل زمان ومكان

ويبدو ان قصيدة ابو الطيب المتنبي الدموية المشهورة ! فهموها خطأ ؟ عندما
مر المتنبي على إسحاق بن إبراهيم فطلب منه الأخير ان يمدحه ولما رفض المتنبي وقال انه لا يمدح احدا في الطريق! فقام إسحاق باعتقاله وبسبب هذه الحادثة قال المتنبي في قصيدته:
لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى
حتى يراق على جوانبه الدم
على اية حال عيوبنا كثيرة ومؤسف هذا الواقع حيث نعيش الازدواجية بإتقان ! نقدم. للمرأة الورود
في عيدها ! ونردد قول الشاعر :
الأم مدرسة اذا أعددتها / أعددت شعبًا طيب الأعراق
نرضيها في المناسبات ونمارس عليها القهر واعتبارها درجة ثانية في الحياة ، وهذه الممارسات تدل على بؤس في التفكير عندما نطلق على امرأة ما لقب عاهرة!! أليس مقابل المرأة العاهرة؟ رجال عاهرون!! ومع هذا لن نيأس! واكيد من يبارك جرائم الشرف لن يقرأ هذه الكلمات ! فالمهمة مهمة المثقفين، مهمة المتعلمين! مهمة الجمعيات الخيرية لنشر الوعي ! وستبقى تلك المحاولات مؤقتة بانتظار قيام الدولة المدنية !!
ولانني أعيش في بلد غربي وفي السويد تحديدًا فأكثر ما يلفت نظري واشعر بالخجل احيانا عندما ارى بعض الشباب العرب ، يهاجر الى الغرب هرباً من الفقر وعدم الحصول على ادنى مقومات الحياة
في بلاده ويبدأ البحث عن امرأة غربية ليتزوجها من اجل الحصول على إقامة من اجل العمل والعيش في بلد متطور ويحترم حقوق الانسان ولا يسأل من
هي تلك المرأة ولا عن سمعتها كما يفعل في بلده
الأصلي ! ولا يتجرأ على محاسبتها مهما فعلت ويتظاهر بالرضى والحب – وهو بذلك يكذب -!! وعند حصوله على الاقامة يتغير فجأة وتصبح المرأة التي تزوجها امرأة بلا شرف ؟! ثم يبدأ بالبحث عن فتاة ( ما باس تمها الا امها )!

ولن يجد في الغرب فتاة بهذه الصفات واصلا في بلده وفي عصر اليوم لا يوجد فتاة لم تعرف الحب والصداقات مع الجنس الآخر قبل الزواج ! لان ذلك مخالف لقانون الطبيعة !! ومع ذلك فانه يرضي عنفوانه الفارغ ويعتقد انه حصل على شروطه !
فهل هذا الشاب مثلًا بدون شرف ام( الحاجة تبرر الوسيلة )؟!وبذلك يكون منافق من الدرجة الأولى !
وأحيانًا ينفصل عن حبيبته التي تزوجها لانها القت التحية على ابن الجيران مثلاً !! وربما في بلده الأصلي اقدم على ذبح اخته لانها اقامت علاقة مع رجل تحبه!
الأخلاق الغربية متطورة جدا وتحاكي العصر والدليل تفوقهم الساطع على مجتمعاتنا الغارقة في الجهل والاستبداد والمرض والخرافة ! ولا اعتقد اننا في المدى المنظور نستطيع الوصول الى مكانتهم وخاصة في الاختراعات وتوفير كل المقومات لمجتمعاتهم واهمها الحرية الفردية!

الشرف لا ينحصر بالمرأة

عندما تحصر بعض المجتمعات – ونحن منها- كلمة
الشرف بالمرأة فقط، هي مجتمعات بائسة تستحق
الشفقة ! وهذا ما يحدث اذ ان الغربيين يتأسفون
لبؤسنا وخضوعنا للعادات والتقاليد البالية!!
وأقول للشباب في بلدي الأصلي : ارفعوا رؤوسكم
قليلًا حتى تشاهدوا قلة الشرف بحقيقتها أي الفقر
الجهل، الاستبداد، التبعية!! واذا فكرتم قليلاً تعرفون المعنى الحقيقي لكلمة شرف!!
اخيرا: اود ان اخاطب الذين ينظرون الى المرأة نظرة دونية!

من هي المرأة؟

المرأة هي والدتك سبب وعلة وجودك ولهذا قيل ” يظل الرجل طفلا حتى تموت أمه، ومتى ماتت شاخ فجأة ” ! المرأة هي جدتك والتي للعبث بين أغراضها والاكل عندها نكهة مختلفة!
المرأة هي زميلتك في المدرسة وفي اللعب قبل مراحل الصداقة الناضجة ومعها تبدأ بالتدرب لدخول مراحل الحياة ! المرأة صديقتك الكبيرة تناقشها وتناقشك ومن طبيعتها الأنثوية تخفف من
خشونة طباعك فتكتمل شخصيتك اكثر! المرأة هي ابنتك غنوجة حياتك تنظم لها الكلمات والأشعار وعندما تصبح في سن المراهقة تبدأ بمحاصرتها بكلمات عيب واخلاق وغيرها! المرأة هي شقيقتك واختك الكبيرة او الصغيرة تراقبك عن بعد ( عيون الأخت ما بتنكر أخاها ) المرأة هي زوجتك وشريكة حياتك في السراء والشراء ، تتقاسمان السراء اما الضراء فتحاول ان تحمله هي
لتخفف عنك !! المرأة هي صديقتك وحبيبتك التي
عندما تعصف بك ظروف قاسية مفاجئة او يتمدد
الروتين في حياتك ، فتجد عندها الملاذ لتحافظ على عنفوانك !! المرأة هي كل هذا ويجب النظر اليها نظرة شاملة! وعندما تختار ما يناسبك دعها تختار ما يناسبها !!!

فيديو مقال هل سلم الشرف الرفيع من الأذى؟

أضف تعليقك هنا