فارقنا عام 2020 بعد أن أودع فينا آلاما وأحزانا لم يعشها الجيل الجديد من قبل بعد أن طغى الوباء وتجبر على سكان الأرض، فودعنا أحبة وأودعناهم تحت التراب، وسُرّح التلاميذ من المدارس، والطلاب من الجامعات وأوصدت الملاعب أمام الجماهير، واستبدلت المصافحة بالأيدي إلى المصافحة بالأرجل واستعمال القبضة بدل راحة اليد، واحتجنا إلى التكنولوجيا أكثر من ذي قبل لتملأ هذا الفراغ،وفرض علينا الوضع الصحي بأن نبقى حبيسي البيوت وبذلك أحسسنا بنعمة الحرية التي ذكرنا بها الحجر الصحي.
الاحتفال بالسنة الجديدة في ظل كورونا
كممت الأفواه اتقاء للعدوى في انتظار أن تكمم اتقاء لقول السوء والبهتان وهتك لأعراض الناس، فضاقت علينا الأرض بما رحبت وبلغت القلوب الحناجر…، لكن الانسان بمرور الأيام يألف الوضع ويتأقلم معه حتى يجتاز الاختبار بسلام ويصل إلى بر الأمان…
قبيل أيام احتفل العالم بقدوم السنة الميلادية الجديدة، فمنا من استحق الاحتفال ومنا من وجب عليه أن يقوم بالعزاء بدل الاحتفال.
فرضت علينا أوضاع عام 2020 بالمكوث في بيوتنا وحظر علينا التجوال فمن استحق الاحتفال استغل الوضع ليجالس أسرته ويستمع إلى أبنائه ويمنح لهم قدرا أكبر من المرافقة والمتابعة، ويساعد زوجته على القيام بأمور البيت فيتعلم منها أصول التنظيف والطهي والترتيب وعمل أيضا على تدارك نقائصه واكتساب مهارات جديدة وذلك من خلال حضور مختلف الدورات التكوينية التي أطلقها المختصون عبر مختلف المنصات المخصصة لذلك وبشكل مجاني بعد أن كانت تقدم بالمقابل وبذلك خرج من بوابة 2020 سالما غانما…
وأما من جب أن يقيم عزاء فلقد ظل طوال العام لاهيا ومنشغلا بالتفاهات ولاعنا الأيام وسنة 2020 التي خيبت ظنه على حسب تعبيره فلم يكتسب جديدا ولم يجتر قديما، بل ظل على حاله وخرج من عامه مثلما دخله خالي الوفاض صفر اليدين، ومعلقا الأسباب على الظروف ناسيا أن الانسان هو من يتهيأ للظروف وهو من يغيرها.
لنطور أنفسنا بقدوم العام الجديد فالعمر يمضي مسرعا
إن الأيام تتسارع وتمر مر السحاب، ولايهم أنحن في عام 2020أم 2030بقدر ما يهم أنحن بقينا على حالنا أم تغيرنا!!
إن العلل والأسقام التي تعتري قلوبنا وأفكارنا لاتحتاج طبيبا لعلاجها ولا لقاحا روسيا أو أمريكيا للشفاء ، بل يحتاج لوقفة طويلة مع أنفسنا ونشير ببعض أصابع الاتهام إليها حتى تشعر ببعض الذنب وتتحمل قليلا من المسؤولية ، فلقد ظلت لسنوات تعلق فشلها على مشجب الغير لتزيل عن كاهلها مسؤولية الفشل والخمول.
لقد حان الوقت للنهوض ولنشمر على سواعدنا لإحداث ثورة في التغيير فقط إذا آمنا بقدراتنا واستيقظنا من سباتنا العميق، لقد ولى زمن الهدم والتقليد، وآن أوان البناء والتجديد وتقليب تربة عقولنا لنزرع ثقة أكبر ونحصد نتاجا أوفر، لذلك وجب التوقف عن الحديث عن أمجاد الآباء والأجداد، ولنبدأ صناعة مجدنا والذي سيخلد إلى من بعدنا ليجد تربة صالحة ويكمل مابدأناه.
فلنجعله عام جديد..بنفس جديد…