تنمية الموارد البشرية في مدارس وزارة التربية والتعليم بمحافظات غزة في ظل جائحة كورنا

لقد أبدع الله الكون وجعله منظماً، وتفرد بإدارته فأحسن قيادة كل مكوناته، وخلق الإنسان ليكون خليفةً له في الأرض؛ ليعمرها بحكمة، وهذا الأمر يتطلب وجود قيادة حكيمة قادرة على رؤية المستقبل بصورة شمولية، وليس خفياً على أحد أن الأهداف يمكن تحقيقها لمجرد وجود الإمكانات المادية، بل هي بحاجة إلى أدوات وموارد بشرية تجعل من هذه الموارد الأولية صورة فنية حية.

لقد تطورت الإدارة تطوراً كبيراً، وأصبحت أداة التنمية والتطور فهي تتكيف مع المستجدات، والتغييرات البيئية الداخلية والخارجية، وذلك تبعاً للتطور التكنولوجي الحديث، وأضحى هذا التغير ضرورة ملحة، عن طريق تطوير القدرات الذاتية لكل القادة والمرؤوسين، حيث تتجه المؤسسات للتسيير الابتكاري، وإلى اثبات جدارتها في بيئة متغيرة مشحونة بالتناقضات من أجل تحقيق التميز، لأنه أصبح رهاناً أساسياً لتمكين المؤسسات من البقاء والاستمرار( بلهادي،2008 :2).

وعلى ذلك فإن بقاء أي منظمة واستمراريتها مرهون بتنمية الموارد البشرية لديها، باعتبار أن أثمن ما تملكه المنظمة هي القوة البشرية، وبالتالي تهتم المنظمة_ على اختلاف أنواع المنظمات_ بطرق تعظيم الاستفادة من هذه القوة البشرية الكبيرة لتحقيق أهداف المنظمة، وتعتبر فئة المبدعين في المنظمة ثروة حقيقية يجب استغلال إمكاناتها، وتوجيهها الوجهة الصحيحة لفائدة المنظمة ( الطوخي وآخرون، 2016 :56). 

ويعتبر التعليم من أهم الأنظمة الإنسانية في المجتمعات، فهو يتناول جميع فئات وأفراد المجتمع بالتشكيل والتوجيه، حيث يزودهم بما يلزمهم من تعليم وقيم ومهارات ليصبحوا أعضاء فاعلين في مجتمعهم، ويضع في يد الفرد الوسائل السليمة التي يستخدمها للنهوض بجميع أموره الحياتية، بالإضافة إلى أنه يزود المجتمع بالموارد البشرية التي تسهم في تنمية المجتمع في جميع المجالات، فهو الطريق الطبيعي للحرية والاستقلال.

أهداف التنمية المهنية لإدارات المدارس

أشارت الدراسات والبحوث إلى أن هناك مجموعة من الأهداف الاستراتيجية للتنمية المهنية التي يجب أن تسعى لتحقيقها أي مؤسسة لديها رؤية للتطوير النوعي في مجال التعليم، وقد ذكر(الحر،2002) بعضاً من تلك الأهداف كالتالي:

  • إنشاء كيان مؤسسي متخصص في مجال تنمية الموارد البشرية في المؤسسة.
  • إعداد قاعدة معلومات تدريبية كاملة عن الاحتياجات التدريبية، والمتدربين، والمدربين.
  • إعداد كادر فعال وكفؤ لإدارة التنمية المهنية، تخطيطاً، وتنظيما وتنفيذًا، وتقويماً، ومتابعة.
  • وضع الخطط للتنمية لتلبية الاحتياجات الميدانية والمركزية.

المزايا والفوائد التي تقدمها التنمية المهنية لإدارات المدارس

إن التطورات التي يشهدها العالم بصفة عامة والمجال التربوي بصفة خاصة جعلت موضوع التنمية المهنية لقيادات المدارس من المواضيع الملحة، والتي عليها يتوقف نجاح التربية في بلوغ غايتها، وتحقيق دورها في إنتاج العنصر البشري القادر على العمل والراغبة فيه، ولعل للتنمية المهنية لقيادات المدارس العديد من المزايا والفوائد منها:

  • إضافة معارف جديدة.
  • إكساب قوة ذاتية ومرونة في معالجة الامور المتعلقة بالعمل اليومي.
  • وضع خطة لتعزيز نواحي القوة والتغلب على مواطن الضعف لدى القائد التربوي.
  • مواكبة العصر في كل ما هو جديد في مجالاتهم العلمية، والتربوية، وتشجيعهم على إقامة الملتقيات التربوية، والثقافية، وورش العمل.

التنمية المهنية للموارد البشرية

معيقات تنمية الموارد البشرية بصفة عامة

قد يواجه موضوع تنمية الموارد البشرية بصفة عامة العديد من المعيقات والتي يمكن تسميتها بعملية ” مقاومة التغيير”، وهناك العديد من الأسباب التي تجعل الناس تعمل على مقاومة التنمية والتغيير، وقد حددها(جون كوتر) بالتالي:

  • دائرة اهتمامهم محصورة بأنفسهم: أي أن الأفراد يهتمون بما ينطوي عليه التغيير بالنسبة لهم قط.
  • سوء الفهم: مشاكل في الاتصال أو معلومات غير كافية.
  • ضعف الرغبة في تقبل التغيير: إحساس بعدم الاطمئنان.
  • تقدير مختلف للوضع: عدم الموافقة على الحاجة للتغيير أو عدم الموافقة على إيجابياته وسلبياته.
  • العادة: العادة توفر الأمان والاطمئنان، وهي غالباً ما قد تكون قد ترسخت وأصبح من الصعب تغييرها.
  • الخوف من المجهول: يشعر الناس عادةً بالخوف من والقلق عند مواجهة التغيير، إذ أن استحداث أنظمة وممارسات جديدة يسبب نوعاً من الغموض وعدم الاحساس بالثقة.

ما المعوقات التي تواجه تنمية الموارد البشرية لمديري المدارس الحكومية ؟

  • ندرة وجود ثقافه التدريب الإلكتروني في ظل هذه الجائحة لإدارات المدارس حيث توافقت مع دراسة et.al(2019)  حيث أفادت بأن التدريب والتطوير يرتبط بشكل كبير بأداء الموظفين وزيادة كفايتهم.
  • الأعباء الإدارية الكثيرة الملقاة على عاتق مديري المدارس.

ما سبل تطوير أداء مديري المدارس الحكومية ؟

وبعد مراجعة الادبيات السابقة، وتحليل استجابة القيادات التربوية التي حصل عليها الباحث من خلال المقابلة كانت النتائج كالتالي:

المجال الفني :

محاولة توفير التسهيلات المادية والفنية والتقنية المساعدة لعملية التغيير وتنفيذها من قبل وزارة التربية والتعليم والاهتمام بالعنصر البشري  كمديري المدراس والنواب لتطوير مهارتهم بالعملية الاشرافية الحديثة وخاصة بالمواد الغير قريبة من تخصصهم ،حيث توافقت مع  نتيجة دراسة (الحسيني 2009) والتي توصلت الدراسة إلى ضرورة اهتمام إدارة الموارد البشرية وتركيزها على العنصر البشري حيث يعتبر أثمن مورد بشري لدى الإدارة.

 مجال تكنولوجيا المعلومات :

1العمل على إيجاد برامج تدريبية الكترونية تعزز الكفاية التكنولوجية بما يواكب متطلبات العصر الحالي  وكيفية الاشراف القني على المعلمين ، وقد توافقت الاستجابة مع  نتيجة دراسة Nathalie & Swaleyah (2017) والتي أوصت بأن موضوع الاتصالات الحاسوبية تشجع قادة المدارس على استخدام التقنيات الحديثة وتدعم التواصل بين قائد المدرسة والمعلمين .

  • تنوع البرامج التدريبية بطريقة محببة للموظفين والابتعاد عن الروتين بالبرامج حيث توافقت الاستجابة مع نتيجة دراسة Riadi& Hakim (2019) والتي أكدت على أهمية تنمية الموارد البشرية للمعلمين وموظفين التعليم من خلال برامج مختلفة من أجل تحسين الكفاءة المهنية وتطويرها .

المجال الإداري :

  • تقوم الجامعات والكليات التربوية بوضع دبلوم إدارة مدرسية أو مقررات في الإدارة المدرسية لطلبة أقسام التربية يتعلق بالتخطيط الإداري والعلاقات والتواصل .
  • ضرورة اهتمام الإدارة المدرسية بالمستجدات الإدارية  التربوية  الحديثة ، والمستجدات المتعلقة بدورهم كمديرين بالقرن الواحد والعشرين كالإدارة الالكترونية .

التوصيات :

يمكن عرض عدد من التوصيات كالتالي:

أولاً: لدائرة التربية والتعليم: 

  1. تبني سياسة تنمية الموارد البشرية لإدارات المدارس الحكومية، انطلاقاً من وجود رؤية واضحة ومواكبةً لمعايير التطور الإداري والقيادي الحديثة .
  2. تشكيل لجنة من الخبراء في مجال التطوير المهني، وتنمية الموارد البشرية تنمية كاملة تراعي إدخال الكفايات التكنولوجية الحديثة لإدارة برامج التعلم عن بعد والتعليم وقت الطوارئ، لدراسة خبرات الدول المتقدمة في مجال التدوير الوظيفي.

 

  • عقد الدورات التدريبية النوعية والعملية لجميع المديرين والنواب مستخدمة التدريب الإلكتروني  .

4.وضع نظام واضح ومحدد ومستمر لتوجيه عملية التنمية المهنية لإدارات المدارس ومتابعتها وتقييمها، ومواكبة  التطور العلمي والتكنولوجي، ومواكبة الأحداث الجارية .

5.دراسة خبرات الدول المتقدمة في مجال تنمية الموارد البشرية في المدارس للمدراء، والنواب، والمعلمين، ومحاولة تطبيقه بما يتناسب مع الواقع الفلسطيني .

ثانياً : لمديري المدارس:

  • السعي الدائم إلى التطور الذاتي ، والانخراط في الدورات التدريبية الجديدة والإلكترونية .
  • نشر ثقافة التنمية المهنية المستدامة لدى نواب المدارس والمعلمين من خلال إكسابهم كفايات ومهارات جديدة تواكب التطور العلمي والتكنولوجي.
  • عمل شراكات حقيقية مع المديرين الآخرين للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم الأكثر نجاعة

المراجع العربية والأجنبية:

1.بلهادي، سعيدة (2008). تنمية الإبداع الإداري في الأداء المتميز بين القادة والمرؤوسين. رسالة ماجستير غير منشورة، كلية العلوم السياسية والإعلام، جامعة الجزائر.

2.الطوخي، هيثم والحربي، حماد وعوض الله، إبراهيم (2016). العلاقة بين التنمية المهنية والإبداع الإداري لدى مديري مدارس التعليم العام بالمملكة العربية السعودية من وجهة نظرهم. مجلة العلوم التربوية، ع(3)، ج (3)، ص 56

3.الحر، عبد العزيز (2002). القائد التربوي دائم التعلم. المؤتمر التربوي الحادي والثلاثين” القائد التربوي في الاستراتيجية التربوية”. جمعية المعلمين الكويتية، الكويت.

4.الحسيني ، سعيد (2009): القيادة الإدارية وأثرها في إدارة الموارد البشرية استراتيجياً. رسالة مقدم إلى مجلس كلية الإدارة والاقتصاد في إلاأكاديمية العربية في  الدنمارك وهي جزء من متطلبات نيل شهادة الماجستير، الجامعة الناصرية، العراق.

1.Nathalie, C., & Swaleyah, B. (2017). Turning the Flashlight on Human Resources in Schools: A Case Study in a Secondary School in Mauritius. International Journal of Social Sciences, 3(1), 165-187

2.Riadi S, Sukard& Hakim.M.(2019). Human Resources Management in Middle School Vocational State 4 Mataram, International Journal of Multicultural and Multireligious Understanding,6(6), s: 286-292

فيديو مقال تنمية الموارد البشرية في مدارس وزارة التربية والتعليم بمحافظات غزة في ظل جائحة كورنا

أضف تعليقك هنا