شجرة الكريسماس

بينما أتجول في أحد الشوارع الكبرى بمدينة مكناس ، لفت انتباهي شيء لم أعهده في باقي الأيام الخوالي ؛ألا وهو  تسابق بعض الشباب لإلتقاط صور لهم بالقرب من شجرة كبيرة قد زينت سلفا بمصابيح مختلفة الألوان؛ استوقفني المشهد لهنيهة وأتممت مسيري ، والعديد من الأسئلة تدور في ذهني ، هل يعلم هؤلاء الشباب حقيقة تلك الشجرة؟ وهل يدرك ذاك الشاب المرتدي لثياب البابا نويل حقيقة الشخصية التي بتقمصها ؟ وهل للشباب المغاربة حصانة ثقافية ودينية تمنعهم من الوقوع في التقليد الأعمى ؟.

لا زالت هذه الأسئلة لم تراوح ذهني حتى وجدت في الجانب الآخر للرصيف صفا من النساء والرجال أمام محل تجاري “مخبزة ” ينتظرون دورهم لاقتناء حلوى الاحتفال بهذه المناسبة ؛ أي مناسبة بداية السنة الجديدة ؛ هنا علمت أن جزء كبير من مجتمعنا يسير في طريق التقليد الأعمى للغرب. فهؤلاء الناس أرادوا تقليد الغرب تقليدا أعمى ولا  يعرفون بل لا يحسنون ذلك؛ بحيث لم يعرفوا كيف يميزوا بين أعياد الميلاد و الكريسماس ورأس السنة الميلادية ولهذا إرتأيت كتابة هذا المقال عن عيد الميلاد، الكريسماس والبابانويل والإحتفال برأس السنة الميلادية ، فما الفرق بينهم؟.

قصة الكريسماس وبابانويل

فالكريسماس هو عيد ديني يحتفل به النصارى ، وذلك بميلاد عيسى  عليه السلام وذلك ليلة الرابع والعشرون  و الخامس والعشرون  من دجنبر من كل سنة، حسب  التقويم الهيغروغرافي و في السادس  والسابع  يناير في التقويم اليوناني. وهنا نلاحظ عدم انضباط من يحتفل بالكريسماس لتاريخ موحد؟؟؟

فكلمة كريسماس ببحثنا في مدلولها اللغوي ؛ فهي تتكون من مقطعين “كريس” : وتعني “المنقذ” وكلمة “ماس” : تعني “الميلاد” ؛ أي ميلاد المنقذ أو المخلص والأناجيل كلها سواء بالتقسيم القديم أو الحديث لم يحدد فيها التاريخ بالضبط لميلاد المسيح إطلاقا.  وبعد ذلك اتفقوا على تاريخ الخامس والعشرون من  ديسمبر من كل عام للإحتفال بميلاد المسيح  ؛ وللعلم يعتبر تاريخ الخامس والعشرون من ديسمبر تاريخا وثنيا ؛ وهو تاريخ ميلاد الشمس لديهم وحدده آباء الكنيسة كموعد لذكرى لهم و كرمز للمسيح الذي  يعتبر شمس العهد الجديد ونورا للعالم حسب اعتقادهم .

شجرة عيد الميلاد

يتوافق مع عيد الميلاد هذا احتفالات دينية وصلوات خاصة عند أغلبية المسيحيين،  وأبرزها وضع شجرة عيد الميلاد وتبادل الهدايا بينهم واستقبال بابانويل وإنشاد الترانيم الدينية.

إذن ما دلالات هذه الشجرة و من هو البابانويل أو ما يعرف بالسنطكلوز؟  مع أن قصة ميلاد عيسى عليه السلام الفعلية لم يرد فيها أي ذكر للشجرة عند النصارى ؛ إلا أن تزيين شجرة عيد الميلاد عادة شائعة عندهم ما يجعلنا نتساءل من أين جاءت هذه العادة ومتى بدأت ؟ فهذا التزيين لشجرة عيد الميلاد سابقة للمسيحية ومرتبطة بالطقوس الوثنية في تقديس الشجر وتكريمه.

متى انتشرت ظاهرة شجرة عيد الميلاد؟

وكانت منتشرة على وجه الخصوص في ألمانيا ، وأول ذكر لها في المسيحية يعود إلى البابا القديس بونيفس الذي أرسل في الدعوة التبشيرية إلى ألمانيا وحصل أن شاهدهم يقومون بالحفر تحت شجرة البلوط ، وقد ربطوا طفل صغير وهموا بذبحه لتقديمه كقربان لآلهتهم، فقام بمهاجمتهم وخلص الطفل منهم ، وأخذ بعد ذلك ينصحهم ويحثهم على السلم واعتناق الدين النصراني ، وقام بعد ذلك بقطع تلك الشجرة وقد رأى نبتة شجرة التنور أي الصنوبر وقال لهم أن هذه الشجرة هي التي  تمثل الطفل يسوع ؛ومع اعتناق سكان المنطقة للمسيحية لم تلغى عادة وضع الشجرة في عيد الميلاد.

حقيقة شخص السانتاكلوز

قد تظن في بداية  الأمر أن “السانتاكلوز” شخصية وهمية ، بل هي شخصية حقيقة و تاريخية لكن لم تكن على الشكل الذي تعرفونه الآن؛ فالسنطكلوز تعود قصته إلى ما قبل ألف سنة وفي تركيا بالتحديد ، لقديس يدعى “شان نيكولاس” ويروى عليه الكثير من القصص  والمشهور منها أنه شخص ورث على والديه ثروة كبيرة لكنه فضل أن يتفرغ للعلم وأن يصبح كاهنا ، واستخدم أمواله في مساعدة المحتاجين وشراء الهدايا للأطفال ليلة الكريسماس و من هنا جاء تقليد بعض الناس في العالم عامة  و بالمغرب خاصة  بتبادل الهدايا ليلة كل الواحد والثلاثين من شهر ديسمبر. وهناك رواية أخرى تذكر أن السان نيكولاس هو الذي أدخل للدين النصراني فكرة تأليه المسيح ؛ أي جعله ابن الله وحارب حتى الموحدين من النصارى الذين رفضوا هذه الفكرة .

بقلم: د.أحمد البخاري

 

أضف تعليقك هنا