عالم الافتراض وتطلعات شباب اليوم

الواقع الاجتماعي حتم على المرء العيش داخل نطاق الرقميات، رغم محاولات متتالية للفرار، يجد نفسه في علاقة مباشرة كانت او غير مباشرة مع هذا العالم الافتراضي.

فترة البروز لعالم الرقميات

النشأة الحقيقية لعالم الرقميات في علاقتها مع المستخدمين المدنيين لم تأخذ نصيبها من التطور والاستخدام المكثف إلى بعد أواخر الثمانينات، لأن الأمر آنذاك لم يكن بالأمر اليسير، نظرا لمحدودية الموارد الرقمية، ولقلة البرامج المطورة، وكذا لغلاء الوسيلة، والتكلفة الباهضة للتقنية التي جعلت ترويجها صعبا جدا على ظهر المستهلك العادي.

كل ما سبق ضرب في عرض الحائط، بالضبط في الفترة ما بين أواخر القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، فقد أصبحت التكنولوجيا وليدة المحيط، بمعنى أدق؛ هي الوسيلة الوحيدة لإدماج الذات داخل عالم نموذجي محض، فقد أصبحت من بين أساسيات الحياة، فالواقع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي حتم على البشر عامة الانخراط في صلب هذا النموذج الاستهلاكي بالصفة الربحية والتطوعي بالصلة الشخصية.

الصورة المعاكسة للمستخدمين

أصبحنا اليوم نرى وجها أخر من عقليات المستخدمين الاديولوجيين، فبعضهم يظل أو يحرص على أن تبقى صورته راقية أمام الطرف الآخر، وذلك بالتفاعل خارج نطاق التفاعل الإيجابي في مفهومه الطبيعي، وهذا الأمر فيه نوع من الإرهاق والتعب والعمل فوق كل الظروف المحيطة، بينما المستخدم الصريح يعمل في هذا المجال كونه افتراضا، فكما نعلم جميعا هو عالم فرض نفسه نظرا للخدمة السلسة والتواصلية بين أفراد المجتمع، لكن وجب اعتماد مبدأ الموازنة في الاستخدام.

إن المستخدم ومع ظهور عالم أخر من التطبيقات ومواقع الويب، والمواقع الالكترونية ذات الطابع التعريفي، أصبح يعيش في عالم يحكمه الوهم، والغريب في الامر ان الشخص يظن ان نشاطه في هذا العالم أمر جدير بالذكر.

حدودية الرقمنة

الكل يرى حدود الواقع أين تسري بنا، لكن قلة قليلة فقط من تضع على عاتقها مسؤولية تصفية شوائب هذا الواقع المرير، نحن في حاجة ماسة للفكر الباطني الذي سيخرج البشرية من إشكالية العبودية الحدودية، وبالمقابل يضيء له نور القداسة الروحية، بمعنى أننا نحتاج إلى من يحرر ذاته، فكره، أسلوبه، ونمط عيشه…، ويحرر الجميع معه، الدهر قصير وهو يقصر إن لم تكن متمكنا من ذاتك وواعيا بمنطقك، نحن هنا من أجل طرح النمطية في التفكير جانبا، وتعويضها بالفكر الحر المرافق لفكرة الحرية والتحرر من القيود المفروضة، والتي غالبا ما تكون من نسيج مخيلتك فقط، حاول ما أمكن أن ترى أن هذا العالم مجرد صورة استغلالية، أو هي مجرد رموز سهلة التفكيك.

-كيف نحقق الفكر الحر المرافق لفكرة الحرية في عقولنا والتحرر من القيود المفروضة؟

أنت وحدك من تصنع المجد وليست المقارنة بين الحقيقة والخيال، لا يمكن أن يتضح لك الطريق إن لم تكن متمكنا من تحصيل قدراتك الباطنية.

الواقع يحتاج تغييرا للذات المعهود الانطلاق منها سالفا، نريد جيلا جديدا خاليا من مخلفات المعيقات التقليدية السلبية المؤخوذة من الأجداد، دع الايام تحكي عن مجدك وليس عن مجد الأخر، أعني، حاول التوحد في أفكارك، قم بخلق عالم خاص بك، من الوهلة الأولى والمقارنة السطحية سترى أنه كلام صعب التقبل لكن كن على يقين أنه سهل الفهم والتطبيق، يجب تجريد الواقع الاجتماعي و إخراجه من مقدساتك الشخصية حتى ترى أن العيش المجتمعي حقيقة، لن نقول أن الخيال سائد في العقل البشري، بل هو واقع مغلوط على خلاف الخيال، لأن الخيال سائد ويبرز ويبدأ التفرع في الحلم، أما التغليط للأمور هو شبيه الحقيقة.

عالم الرقميات أصبح بعيدا عن الفكر والثقافة الإنسانية، فأن تبتعد كل البعد عن سلطة الفكر باستخدامك للإيديولوجيات أمر معقد، ولا يمكن معرفة سبب هذا الانغماس وأنت تؤمن بفكرة البروز في عالم الكذب، لا أحب تسمية هذا العالم الرقمي ب-الافتراض-، هنالك فرق شاسع بين الإفتراض والإجتماع، التعريف الحقيقي للمجتمع، هو جمع من الناس في واقع حقيقي، أما التعريف بالافتراض يمكن القول أنه عالم مجمعي كذلك، لكن على خلاف السابق، هو بمثابة التحول من الحقيقة إلى فرض فكرة نمطية.

مواقع التواصل الاجتماعي في علاقتها بشخصية المستخدم

ان تحدثنا بلغة الأرقام ربما سنجد ما يفوق 70 بالمائة من الشباب لا يعتمدون التعلم الذاتي في المواقع الاجتماعية، والسبب راجع لكثرة الطلب على المحتويات التافهة، التي ربما قد تعطي للمستخدم التخاطب الفعال مع ذاته الهاربة من معيقات المجتمع.

وما يوضح حقيقة التفاوض مع المحتويات التافهة، هو المحتوى الرائج الذي يظهر في أعلى المنصات كاليوتيوب، السبب الرئيسي يكمن في الابتعاد التام عن الحقل التربوي والتوعوي والعائلي بالأساس، وبالمقابل يحاول المستخدم البحث والتفتيش عن ملائمة شخصيته في مواقع التواصل الاجتماعي، يجب تحديد الهدف في الحقيقة وليس انتظار تفاعل الأخر مع ما تنشره.

فيديو مقال عالم الرقميات وتطلعات شباب اليوم

أضف تعليقك هنا