فلسفة الوجود الفردي في التاريخ

يتقاطع التاريخ دائمًا ويتصادم مع حقيقة أن الفرد هو الذي شكّل التاريخ بوجوده كاملًا ومن علاقته بالظواهر تشكّلَ (التاريخ). ولكن، هل يعود للفردية مجدها الذي سلبه المأرِّخون؛ لأكثر الأسباب تشوهًا ورمادية؟. (فلسفة الوجود). (اقرا المزيد من المقالات على موقع مقال من قسم فلسفة).

فلسفة الوجود لدى الفرد

من الممكن أن الخطاب العصري ركز على أهمية الوحدوية وجدال الفرد الممتد لضرورتيّ التطوّر والتحوّل لكن، هذا الخطاب حالمًا، وفي تماثل أقل مع الواقع، والواقع اكتشاف مهم أيضا من اكتشافاتنا لأسباب إعاقة وضوح مشهد الفردية.المنطلَق الذي انطلقتُ منه نحو فكرة أنَّ الفرد أساس التاريخ؛ هو كيانية الفرد الواسعة والفضفاضة، والتي تحتملُ عالَمًا واسعًا وكبيرًا وقد يصبح هذا العالم الذي تقاطع مع مدى أهمية الفرد لتقويم بُنية التاريخ هو محتوى حالة التاريح في حاضره القائم والمتتابِع.

هل يُعتبر الفرد جزء من كُل أم هو الكُل؟

انطلقتُ بهذا لأنَّ الفرد ليس جزءً من كُل، الفرد هو الكُل بأسئلته أولا وثانيا بتنقُّلاته بين الحِقَب بطابعه الوجودي كاملًا وبملامحه.. بصوتِ خلوده وصناعته للوجود بمنهجية إنسانية عالية المستوى؛ تُختَزل في تصّوراتنا لمسارات التاريخ المختلفة والسؤال حول تكوينها وما بديل المطروح النقلي، نظل في حيرة لأنَّ التاريخ ذوّب فردينا في أكاذيب ملحمية جامعة تتناقض مع الذات الواحدة التي خلقت الجميع.

انصاف الفرد

إنصاف الفرد من خلال تقديمه كمفهوم، وتحديد مكانه من الإعراب، طريقان أساسيّان لتحصيل مصداقية تاريخية؛ فالفرد هو أصل الشعوب واستيلادها لوجودها لكنّ الراصدين لهذه الحقيقة؛ تنكروا لتلك الأهمية، هذا التنكّر استلهم حضوره من مقت التدمير المُحدَث لأسبابٍ مغايرة لأجل الفرد واقتتالاته مع الأحداث.

يكفي أن يكون الفرد هو المسؤول عن توالد الأفكار، ويخلق الأزمات لملء جدولة تحقيق وجود وحضور التاريخ كجزء دلالي مهم على حقيقة أننا كبشر بكل سقطاتنا، لنا مجد صناعة التاريخ والصدق والأكاذيب، نحن من يبني التاريخ كأفراد بداخل جماعات، وبالعكس، جماعات بداخل أفراد.. هذه الإزدواحية المُرهِقة مَلمَخ مهم من ملامح سؤالية جديدة حول لغز التاريخ وإجابته على تملصه من الفردية.

النجاة في قراءة الجهات للتاريخ وبرأيها، مستحيلة بقدر ممكنِها، لو تزامن ذلك مع تضامُن الفرد مع ذاته، وانتمائه إليها بكل ما أوتي من قدرةٍ على إجابة نفسه لنفسه، هل ستتحقق نبوءة الظهور الفردي تاريخيا بصورته الموضوعية؟. ربما يحدث ذلك؛ لو كفَّ السؤالُ عن السؤالِ. لقد تأخر كل شيء بعد هذه الصرخة الزمنتية التي سمعناها فأصمَّتنا كأفراد وبشر إلى الأبد.

هل التاريخ صالح؟

قد يكون كذلك حين يهَبُ نَفْسَه لحقيقته، ويحدث ذلك حين يدافع التاريخ بابتكار تعابيره عن الأجزاء التي هي الكل والكُلّ انبثق منها. يكون التاريخ صالحا حين يحترم هذه الكيانية الفردية الخالصة والمَحضة ويؤمن بها، يكون صالحًا حين لا يكون ما هو كائنه. التاريخ يعجُّ بالضلال الذي أحدثته أداة الاستفهام “لماذا” لأنَّ هذا الأداة تُحدِث انكسار وخدش كبيرين في منطقة استيعاب للفرد واستثنائه كحدثٍ وجوديٍّ ضخم يتفوق أدبيات الجماعة الطوباوية؛ هذه الأدبيات ساهمت على الدوام في تحطيم حضور الفرد في العرض الأحداثي الكبير والمنقول.

يقول مصطفى السباعي: “محكمة التاريخ تحكم بالإعدام على أولئك الأفراد والشعوب الذين يملكون من الحقائق أكثر مما يملكون من الوقائع”. من يملك من الحقائق أكثر مما يملك من الوقائع هو جامد بصورة أو بأخرى وسبب من أسباب التنكّر لذاته كمحور تأريخي، أو أساس تدوين الأحداث. العزاء في هذه الاستباحة الفردية الفاحشة هو أن حقائق الأفراد تموت أحيانًا!

على الفرد أن يكون جديراً حول وجوده ونتائج تواجده في التاريخ

أدار الفرد دفّة وجوده كمكون مهم وأساس في الخطاب التاريخي المُقاد فيه بشكل أشبه بالفاسد والتالف من خلال إصباغ الوجود الفردي في التاريخ بصبغة النزعة والتصوّر.على الفرد أن يكون أهلًا أو جديرًا بترتيب أفكار سؤاله الكبير حول وجوده أولًا ونتائج تواجده في التاريخ ثانيًا، ويأتي هذا في حال أصبح الإنسان هو الأول على قائمة اهتمامات الإنسانية الخاصة بالغاية،

وإذا ما نجح في إدراج نفسه على هذه القائمة فستنتحر الفردية وتُكمِل طريقها نحو المعقول من حدود ودرجات الاختفاء، وهذا ما لم يتم رجاءه لأجل الهوية الإنسانية قبل كل شيئ فالفرد إنسانًا إذا بلغ وصول الخطاب التاريخي وإذا حدث العكس، وفي ذات اللحظة؛ لا يجب أن تكون الإنسانية هي الدافع وراء التواجد في الممكن التاريخي.

هل الفرد أصل التاريخ؟

الفرد أصل التاريخ سواء كان هذا واقعًا أو لم يكُن. فيما ما عدا الحفاظ على أهمينة كينونة الإنسان من خلال إدراجه ضمن الجدول التاريخية فيسقُط هذا الإدراج لأنَّ غايته سقطت، التاريخ ليس أمانا ضمن اعتبارات فردية قد يطول تعدادها، لأنه بصيغةٍ ما عِبء ويحتاج إلى مسؤولية وهذا غير المرجو من قبل عمليات بحثنا كبشر عن مصادر الأمان، أو ما يكفل وجودنا كبشر.

التاريخ غير مُطالَب بالصلاح بقدر مطالبته بالتجرد والحيادية وتقدير الجوهر الفرد في عملية وجود وتوزيعة الأحداث المرصودة تأريخيًّا. ثمّة ما يؤرقني حول هذه المُعادلة، مطالبة التاريخ هي درب خَرِب؛ نستوضح فيه عن احتمال صمودنا كأفراد أمام مكر تأريخ التاريخ. كان حريٌّ بنا كأفراد أن يكون مشروعنا في استقطاب مكانة لنا في التاريخ مشروعًا نزيهًا وإلى جانب ذلك، مُستقيمًا على الأقل في السياق الأخلاقي. كان الفرد دافعًا لموت فرديته، كان غامضًا أيضا وفاسد.

فيديو مقال فلسفة الوجود الفردي في التاريخ

 

أضف تعليقك هنا