موقع مقال موقع تواصل اجتماعي يتخذ من المقال وسيلة تعبير وتفاعل، وينتج فيديو عن كل مقال
بيننا صنف من الناس يدعي المعرفة في كل شئ، يعتقد بأنه اذا احسن الحديث وانتقاء بعض الكلمات اصبح يملك الحق في فرض أفكاره ومعتقداته، صنف اعطى لنفسه الحق في اختراق خصوصيات الآخرين واطلاق الاحكام على حياتهم ومحاولة معرفة ما ضمن حولهم ليتسنى لهم سلك الطرق التي يتسللون بها الى عقولهم، يصل حالهم أحيانًا الى تقييم عقول وعواطف ونفوس الآخرين دون مراعاة بأن العقول قد تنضج والعواطف قد تتبدل والنفوس قد تتقلب، بل يصل بهم الحال الى الدخول في النوايا وادعاء تمييز الاشخاص السيئين عن غيرهم ليعطوا لأنفسهم الحق في الحكم على الآخرين.
*****
كيف سيكون شعورك لو اكتشفت بأنك كنت السبب في انهيار مستقبل وحياة اشخاص اعتقدت لوهلة بأنك كنت تعلم ماذا يريدون ؟!
- جاستين شخصية مرحة تعمل في احدى الشركات الامريكية العملاقة
- قررت جاستين الاستمتاع باجازتها التي ستقضيها في رحلتها الى جنوب افريقيا
- عند انتظارها لطائرتها كتبت تغريدة ساخرة في تويتر قالت فيها “أنا متجهة الى جنوب افريقيا اتمنى ان لا اصاب بالايدز “أمزح أنا بيضاء“
- هي تقصد ان الايدز لا يصيب اصحاب البشرة البيضاء ولكنها كانت تمزح
- توقعت جاستين ان تشاهد بعض الضحكات من متابعينها المئتان في منصة تويتر
- بدأت رحلة جاستين التي كانت تستغرق اكثر من احدى عشر ساعة
- وصلت جاستين الى وجهتها لتتفاجئ بعدد كبير من الإشعارات على جوالها
- ماحدث هو انه بعد ثلاثة ساعات من اقلاع الرحلة قام احد متابعينها بنشر تغريدتها عند احد الشخصيات المؤثرة
- قامت هذه الشخصية بتحويل التغريدة الى فوهة بركان ضد جاستين
- وصلت تغريدة جاستين الى الترند بسبب تداول اكثر من مئة الف شخص لتلك التغريدة
- العالم كله اصبح يتحدث عن تغريدة جاستين العنصرية ضد اصحاب البشرة السمراء
- لم تكن جاستين تعلم بالجحيم الذي كان ينتظرها عند وصولها الى وجهتها
- انطلق هاشتاق في تويتر بعنوان، هل وصلت رحلة جاستين الى جنوب افريقيا؟!
- حتى ان الشركة المتخصصة في تجهيز خدمة الانترنت للطائرات في الجو شاركت في الهاشتاق وكتبت “قبل ان تكتبين شيئًا غبيًا وتسافرين ننصحك ان تحجزين في طائرة توفر خدماتنا“
- لم يكتفي المغردون بذلك بل قاموا بنشر اسم الفندق الذي ستسكن به
- قام عمال الفندق بتهديد الادارة بعمل اضراب في حال استقبالها فيه
- اول تعليق قرأته جاستين عند وصولها كان من عمتها، قالت فيه “لقد قمتي بتشويه نضال عائلتنا ضد العنصرية“
- بعد ساعات من وصول جاستين قامت الشركة التي تعمل بها بنشر تغريدة تعلن فيها فصلها عن العمل
- قطعت جاستين اجازتها وعادت لتجد نفسها بدون عائلة وبدون اصدقاء وبدون عمل
- دخلت جاستين بعدها في مرحلة من العزلة والاكتئاب والحزن بسبب 140 حرف كتبتها في تويتر لم تكن تقصد بها الا المزاح
- صحيح ان جاستين أخطأت في كتابة تلك التغريدة ولم تكن تعلم بأنها ستصل الى تلك المرحلة
- بعد سنة من فصل جاستين من عملها قابلت الشخص الذي قام بتبني الحملة ضدها واكتشف ذلك الشخص بأن جاستن لطيفة وانها لم تكن تقصد الاساءة والعنصرية من تغريدتها وانه تسبب في تدمير حياتها ومستقبلها
- نشاهد الكثير من النماذج التي تتشابه مع قصة جاستين، والسبب في ذلك هو عدم تقدير بأن ما يكتبونه او ما يقولونه قد يساق بطريقة خاطئة وقد يستخدمه البعض ضدهم دون ان يعلموا ما الذي يقصدونه وما هو الهدف الحقيقي لحديثهم او ماهي الغاية التي أرادوا ايصالها من ما كتبوه.
*****
أحيانًا نتحدث ونكتب ونعبر عن ما بداخلنا دون أن ننظر في حال وعقلية من حولنا او من نحاول إيصال حديثنا وفكرتنا لهم، غالبًا يساء فهم الفكرة التي نريد ايصالها فندخل في نقاشات طويلة ومحاولات مستمرة واصرار بأن ما نقوله هو الصحيح وان الزاوية التي نرى الصورة منها هي زاوية الرؤية الحقيقية لما نراه نحن، لذلك نظن بأن على الجميع الوقوف في نفس المكان ليروا مانراه ويؤمنون بما نؤمن به، بعض الأفكار التي ترسخت في عقولنا ناتجه عن اطلاعنا وتجاربنا التي خضناها في حياتنا وبعض هذه الافكار لا يمكن ان تتطابق مع جميع من حولنا، لذلك فإن الاختلاف أمر وارد في جميع الأمور الا في ما يتعلق بالثوابت الدينية التي لا يمكن لنا أن نبتعد عنها.
*****
أصبحنا لا نحترم الآراء والأفكار واختلاف وجهات النظر
اصبحنا لا نحترم الآراء والأفكار واختلاف وجهات النظر وخصوصية الآخرين في التفكير، اصبحت محاولة فهم الآخرين من الامور التي لا نستهويها، اصبح الاختلاف عداوة ومحاولة الابتعاد عن دائرة العادات والتقاليد جنون يستحق “التكفير“، وكتابة بعض الكلمات التي تخالف آراءنا تعني الخروج عن المألوف فنحكم على صاحبها “بالعزل“، اصبحنا لا نتقبل اخطائنا لأننا لا نريد رؤية حقيقة الكثير من السلبيات التي تعايشنا معها لدرجة الادمان، اصبح النقد تقليل والاختلاف جهل ومحاولة التغيير خيانة، “اصبحنا بحاجة إلى أقفاص تعزل كل مجموعة عن الاخرى لكي نعش بسلام“، اصبحنا نعاني من جائحة حقيقية اجتاحت عقولنا تحتاج منا استخدام عقار الدين والاخلاق والمعاملة التي امرنا بها ديننا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
