الباعة المتجولين والكرامة

بقلم: نهاد صالح الطفيلي

بقدر مايؤلمني رؤية أشخاص كبار في السن أو أطفال صغار يجولون الشوارع ليكسبوا لقمة العيش بقدر ماتسرني كرامتهم، حقًا يؤذي روحي هذا المنظر عندما أرى عجوز بالكاد يقف على قدميه لكنه يدور ببطء متأملًا أن يبيع شيئًا من تلك المناديل التي يحملها على ظهره كي يعود إلى أطفاله وهو فرح سيوفر لهم الخبز للعشاء، تحترق أرواحنا برؤية هكذا مناظر لكنا نتَّقد فقط بلا جدوى حالنا لم يتغير منذ سنين. (الباعة المتجولون).

قصة الطفل المتجول الذي دخل المطعم

ذاك المساء الذي أشعل النيران بقلبي حيث كنت ذاهبة كي استريح لوهلة في أحدى المحلات الخاصة بصنع المرطبات كنت أنظر من خلال الزجاج اراقب حركة الأشخاص بصمت، احاول الخروج من الأشياء التي ترهق عقلي، حتى لمحت فتى صغير يحمل جمالا خلاب، وعيون بريئه، ثم على الرغم من ان ملابسه قديمة وباليه لكنها نظيفه جدًا.لفت انتباهي حقًا رأيته يحمل أبريق شاي وأكوابًا ورقيه ويجوب بين المِحَال حتى أقترب من المكان الذي أجلس به ودخل من الباب.

لماذا رفض الطفل أن يشتري الآيس كريم؟

تكلم بهدوءً شديد وسئل عن سعر الاَيس كريم فأجابه النادل، بعدها نظر لهُ بنظرة بؤس وغادر لم أقصد ان استرق السماع لحديثه لكن صوت النادل كان عاليا فور رحيله شعرت أنني أصاب بالجنون كيف لصغير أن يحتمل مثل هذا أن يبقي نفسه محروم من الأشياء التي من حقه أن تتوفر لهُ، اسرعت وخرجت الى الشارع راكضة نحوه توقف ايها الجميل اريد ان أطلب لك على حسابي لكنه رفض، اسعدتني تلك الكرامة أنه ليس طفل دام يحمل كل هذا الكرامة لكنِ لم أرحل رجوته كثيرًا أن يقبل دعوتي وبعد الالحاح اخبرني قائلا.

لماذا لم يقبل أن يَأخذ الآيس كريم مجاناً؟

حسنا أطلبِ لكن اريد آيس كريم واحد فقط لا أكثر دعيني اريكِ شيئًا، اخرج لي النقود التي يحملها وتبسم بعيناه السوداء البراقة انا لدي نقود لأشتري لكنِ لا أريد، كانت عيناه تتكلم عكس ماينطق به لسانه كانت تتحدث ان هناك من هو اهم مني، هناك من ينتظرني، هناك من يحتاج الى الغذاء ليس الى هذه الترهات، نظرت لهُ بحب أذن لأجلب لك الايس كريم وعندما اعطيته نظر بتبسم وقال لي وداعا.

قصة الفتاة الجميلة التي تبيع الورد

كذلك قبل شهر رأيت فتاة صغيرة سمراء وعيناها خضراء لامعه جدا تقف في احد الأماكن العامة تبيع الورد جميله لدرجة ولكنها لاتشابه الفتيات الصغيرات محتشمه من جميع النواحي كأنها شابه كبيره على ما يبدو أن الدنيا والشارع أرهقاها بشدة لكنها بقيت محتفظة بتلك الكرامة التي لايملكها الجميع حتى انها لاتطلب من أحد الشراء ان وقفت بقربها تسئلك بكم تريد،

الكرامة التي يمتلكها المتجولون

غالبًا ارى مثل هولاء الاشخاص أي كرامة يمتلكون لا أعلم ان اعطيتهم نقود ولم تأخذ شيئًا يرفضوك بشدة لا يتقبلوا كأنهم يخبروك نحن نقف هنا او نتجول هنا كي لانتسول نحاول ابتياع الأشياء البسيطة كي لا نمد يدنا للأخرين صدقًا جميلون هكذا أشخاص، أشعر ان الرب ينظر لهم بنظرة مختلفة، اشعر انه سيعوضهم ذات يوم

يعلمونا ان الحياة والارزاق بيد الله وحده علينا أن لا نستهين بهم ولا نقلل من شأنهم بحجة أن هناك فرق مستويات هم يملكون الكرامة التي أثمن من اي شي يجب علينا أن نحبهم بعمق هم قادرين ان يتكاسلوا ويجلسون في الطرقات ويتسولون لكن هيبتهم أهم عندهم من أي نقود . “الباعه المتجولون والكرامة حكاية لن يثني عليها الزمن”. (اقرأ المزيد من المقالات على موقع مقال من قسم قضايا مجتمعية، وشاهد مقاطع فيديو موقعنا على اليوتيوب).

بقلم: نهاد صالح الطفيلي

 

أضف تعليقك هنا