إلى ابني البطل

إلى ولدي عاصم

إلى من انتظرت قدومه طويلاً، وأحببته قبل مجيئه كثيرًا، واشتقت إليه اشتياقًا طويلاً، ورجوته قبل مجيئه رجاءً كبيرًا، بل وسميته قبل أن يرى نور هذه الحياة، أردته عاصمًا قبل أن تُبذَر بذرته، فكان مسك ختام أخواته، مَنَّ الله – تعالى – عليَّ به، ليكتمل عقد سعادتي، وبستان محبتي، فكان خِتام أسْرتي التي أحمد الله صباح مساء أن من الله علي بها.

وإنك لتعجب كل العجب من أفشي لك سرًا -ولم يعُد سرًا- أني لم أكن يومًا في اشتياق إلى الولد من أجل الولد، فقد كنت على رضىً تامٍ ويقينٍ كاملٍ بأن فضل الله وكرمه لا يرتبط بذَكَرٍ أو أنثى، وهذه مِنَّة مِنه يهبها لم يشاء من عباده، قال الله تعالى: ” يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُور …(49)”

بل كنت على العكس تمامًا …. أحدث نفسي دومًا … أأكون مذنبًا لو دعوت الله – عز وجل –أن يجعل كل ذريتي إناثًا …. ولقد كنت حينما أُسْأل عن كنيتي فأقول: أبو عاصم.ولقد مرت بي ثماني أعوام سريعًا، ملأت علينا حياتنا بقدومك بهجة وسعادة وفرحًا وسرورًا، تَكْبر وتَكْبُر معك أحلامي وأحلامك، تنمو وأرى فيك طفولتي وبراءتي، وأرى فيك رقة وحنانًا …تجمع بين رقة المشاعر وطيب النفس، يبدو حبك لأخواتك باديًا، وبرك لأبويك طاغيًا، وملامح وجهك تنبي عن ذكاء ودربة، وشجاعة وفطنة، أسأل الله أن ينميها لك وأن يجعلها في سبيله.

بني الغالي …. تعلمت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كيف كان يَسعْد بالأبناء من حوله، وكم كان حريصًا أن يغرس فيهم معاني العزة والثقة بالنفس واحترام الذات وتقديرها، ولذا فقد تربى على يديه شباب الصحابة الذين فتحوا الدنيا وعمروها، وأصبحوا – فيما بعد – قادة الدنيا، أناروها بالإسلام ونشروا في ربوع الأرض العدل والنور، وبنوا وأسسوا حضارة إنسانية عظيمة لم يرى التاريخ مثيلاً لها.

كم أتمنى يا بني أن تكون أخلاقك مثل أخلاق الصحابة

ولَكَم أتمنى من الله – وليس هو على الله بعزيز – أن أراك – يا بني -فيك من عبد الله بن الزبير عزته وثقته بذاته، ومن ابن عمر علمه وورعه وتقواه، ومن ابن عمرو خشيته وخوفه وصفاء قلبه، ومن ابن عباس علمه وحبه للقرآن الكريم، ومن جابر وأنس والمقداد وعمار وغيرهم ممن رضي الله عنه فكانوا شبابًا، بنوا الأمة وقادوا العالم كله إلى الخير والفلاح في الدنيا بأسرها، ولله در شوقي وهو يقول:

أشباب الغد: وأبناء الفــــــــــــــدا     لكم، أكرم وأعــــــــــــــــــزز بالفــداء

هل يمد الله لي العيش عسى      أن أراكم في الفريق السعداء؟

بني الغالي …. ولقد اخترت لك لقبًا … رجوت أن يتحقق فيك … فقلد لقبتك بالبطل منذ نعومة أظفارك …. وكنت في المهد صغيرًا وفي الفراش رضيعًا …. وأسعدني أن ابتهجت به ووجدت نفسك فيه.

في يوم ميلادك أرجو أن تكون مثلاَ يُقتدى به

في يوم ميلادك يا بطلي …. أرجو الله أن تكون مثلاً يُقتدَى به برًا بوالديك … ورحمة وعطفًا على أخواتك … حصنًا لهم وحماية ….. نافعًا لغيرك …. محبًا لوطنك …. شجاعًا لا يخاف في الحق، ولا يهاب ظالمًا في باطل …. بطلاً في المواقف كلها …. يعيش على الحق ويموت عليه …. دعواتي لك بطول عمرك، وببركة فيه، وعافية في بدنك وبرًا بوالديك …. ورضى منه سبحانه وتعالى …

فيديو مقال إلى ابني البطل

أضف تعليقك هنا