الحوافز وأثرها على الأداء الوظيفي

مقدمة

يزخر القرآن الكريم بأساليب شتى من التحفيز التي من شأنها أن تدفع المسلم وتحفزه نحو العمل الصالح ومضاعفة الثواب كقوله تعالى: “مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا “، والتحفيز بالترغيب والترهيب كقوله تعالى: “فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ” وغيرها كالتحفيز بالأسوة الحسنة وبالقصص، كل ذلك لتحقيق المقصد العام من الشريعة الإسلامية والغاية من خلق الإنسان. إن اتباع هذا المنهج القرآني يُحقق الاستفادة من المورد البشري، فهو بمثابة القلب النابض لأي مؤسسة، إذ يُعتمد عليه بشكل رئيسي في تنفيذ برامجها وأنشطتها، وتحقيق رؤيتها ورسالتها وأهدافها.

وتتوقف كفاءة الموارد البشرية في العمل بالمؤسسات على عاملين أساسين هما المقدرة على العمل، والرغبة فيه، وتتمثل المقدرة على العمل فيما يملكه الفرد من مهارات ومعارف وقدرات، بالإضافة إلى الاستعداد الشخصي للفرد والقدرات التي ينميها بالتدريب. أما الرغبة في العمل فتتمثل في التحفيز الذي يدفع سلوك الفرد في الاتجاه الذي يحقق أهداف المؤسسة، وتتمثل عملية التحفيز في العوامل والمؤثرات الخارجية التي من شأنها حث الأفراد على الارتقاء بالأداء.

مفهوم الحوافز

عرفها (زيد، 2009) بأنها العملية التي تسمح بدفع الأفراد وتحريكهم من خلال دوافع معينة نحو سلوك معين أو بذل مجهود معين قصد تحقيق هدف محدد.

وأفاد (أبو شيخة، 2000) بأنها عملية تنشيط الموظفين بطرق إيجابية أو سلبية بهدف زيادة معدلات الإنتاج وتحسين الأداء.

وعرفها (ماهر، 2010) بأنها المقابل المادي والمعنوي الذي يقدم للأفراد كتعويض عن أدائهم المتميز.

وأشار (أبو علان، 2016) أن الحوافز هي عملية شحن القدرات الفكرية والابتكارية والإنتاجية لدى العاملين بشكل يحقق أهدافهم وغاياتهم من ناحية، ويحقق أهداف المنظمة من ناحية أخرى.

هل يوجد فرق بين الحوافر والدوافع؟

رغم الارتباط الوثيق بينها إلا أن هناك فرقًا بين المفهومين، فالدوافع تمثل الطاقات الكامنة لدى الفرد، وتدفعه ليسلك سلوكًا معينًا، أي هي قوة داخلية للفرد، تدفعه للبحث عن شيء محدد، على نحو ييسر له رسم غاياته وأهدافه، وتسهل له عملية التكيف مع أحوال البيئة الخارجية.

أما الحوافز، فهي المثير الخارجي الذي يحرك في نفس الفرد الدافع للقيام بعمل معين، إذًا فالدافعية إذًا عملية داخلية على عكس التحفيز الذي هو عملية خارجية.

أنواع الحوافز

لقد تعددت تصنيفات الحوافز، وكل تصنيف يستند إلى أساس معين، ويهدف إلى إبراز جانب معين من الأنواع المختلفة للحوافز، وسنعرض في هذا المقال تصنيف (زويلف،1994).صنف زويلف الحوافز إلى حوافز إيجابية وحوافز سلبية:

أولًا: الحوافز الإيجابية

وهي الحوافز التي تنمي روح الإبداع والتجديد وتنقسم إلى مادية ومعنوية:

  • الحوافز المادية: كالأجور والتعويضات والمشاركة في الأرباح.
  • الحوافز المعنوية: كالتفويض، الصلاحيات، وإشراك العاملين في الإدارة.

ثانيًا: الحوافز السلبية

وهي التي تمنع الفرد من التصرف في اتجاه معين. ويدور محورها حول مفهوم العقاب، والحد من السلوكيات الوظيفية الخاطئة أو غير المقبولة بتطبيق الجزاءات والعقوبات المنصوص عليها في الأنظمة واللوائح الإدارية. وتنقسم إلى مادية ومعنوية:

  • الحوافز المادية: كتنزيل الدرجة الوظيفية، وتوقيف العلاوات الدورية.
  • الحوافز المعنوية: كتوجيه تنبيه، تأنيب الموظف، وتوجيه إنذار.

أثر الحوافز على الأداء الوظيفي

  • إشباع حاجات الأفراد العاملون، ورفع روحهم المعنوية، الأمر الذي يحقق هدفًا إنسانيًا في حد ذاته، وغرضًا رئيسيًا له انعكاساته على زيادة إنتاجية هؤلاء الأفراد، وتعزيز انتمائهم وعلاقتهم مع المؤسسة.
  • التحكم في سلوك العاملين بما يضمن تحريك هذا السلوك وتعزيزه أو توجيهه أو تعديله وتغييره أو إلغائه.
  • تنمية عادات أو قيم سلوكية جديدة تسعى المؤسسة إلى وجودها في صفوف العاملين.
  • تنمية الطاقات الإبداعية والابتكارية لدى العاملين بما يضمن نتيجة ازدهار المؤسسة وتقدمها.
  • تخفيض الفاقد في العمل، كتخفيض التكاليف، وتخفيض الفاقد في الخدمات، والموارد البشرية.
  • إشعار العاملين بروح العدالة داخل المنظمة، وتنمية التقدير الذاتي لديهم.

أسس منح الحوافز

تُوجد مجموعة من الأسس والمعايير التي تستخدم لمنح الحوافز للعاملين في المؤسسات، من أبرزها التميز في الأداء، المجهود، الأقدمية، والمهارة.

أولًا: الأداء Performance

يعد التميز في الأداء المعيار الرئيسي، وهو ما يزيد عن المعدل النمطي للأداء، سواء كان ذلك في الكمية، أو الجودة، أو وفر في وقت العمل أو التكاليف أو أي موارد أخرى.

ثانيًا المجهود Effort

في بعض الأحيان يصعب قياس ناتج العمل؛ لأنه غير ملموس وواضح كما في أداء وظائف الخدمات، والأعمال الحكومية، لذلك العبرة بالمحاولة وليس النتيجة، وعليه فإن هذا المعيار أقل أهمية من معيار الأداء؛ لصعوبة قياسه وعدم موضوعيته.

ثالثًا: الأقدمية Seniority

ويقصد بها طول الفترة التي قضاها الفرد في العمل وهي تشير إلى حد ما إلى الولاء والانتماء، والذي يجب مكافأته بشكل ما. وتأتي في شكل علاوات في الغالب لمكافأة الأقدمية، وهي ما تظهر بشكل أكبر في الحكومة من العمل الخاص.

رابعًا: المهارة Skill

إن بعض المؤسسات تعوض وتكافئ العامل على ما يحصل عليه من شهادات أعلى، أو رخص، أو براءات، أو إجازات، أو دورات تدريبية. ويساهم هذا المعيار بقدر ضئيل في حساب حوافز العاملين.

ومن الجدير ذكره هنا أن الأساس والمعيار الحقيقي لمنح الحوافز هو الأداء.

ما علاقة الحوافز بتحسين أداء العاملين؟

وترتبط الحوافز بعلاقة وثيقة بأداء العاملين، حيث أفاد (العليش محمد الحسن ووسام علي حسين، 2016) بأن المنظمات تسعى الى تحسين اداء العاملين من اجل ان يكون الاداء الفردي أفضل من حيث الكمية والنوعية، لتحقيق ذلك يتوجب القيام بربط انظمة الحوافز بإنتاجية العاملين، كون الحوافز تزيد الاصرار لدى العامل على اداء العمل من خلال خلق الرغبة لديه عن طريق زيادة الحماس والدافعية لدى العامل مما ينعكس ايجابياً على الاداء العام وزيادة الانتاجية.

اضافة الى امكانية تحقيق التفاعل بين الافراد العاملين والمنظمة من خلال دفع العامل الى العمل بكل ما يملك لتحقيق اهداف المنظمة المرسومة. وتساعد في نفس الوقت على منع شعور العامل بالإحباط من خلال تهيئة الاجواء سواء التي بدورها تدفع العامل الى المثابرة والوثوق بعملة لتحقيق الكفاءة العالية. اضافة الى ما تقدم نظام الحوافز المتبع يودي الى خلق روح الابتكار لدى العاملين وتحسين أسلوب عملهم لزيادة انتاجهم.

وعموماً تعد الحوافز من العوامل المهمة الواجب توافرها لأي جهد منظم يهدف الى تحقيق مستوى عالي من الاداء(1). اضافة ان نظام الحوافز يعتمد على نتائج قياس اداء العاملين بدرجة الاولى كون معرفة نتائج اداء العاملين تساهم في تحقيق العدالة في توزيع الحوافز من خلال الاعتماد على بيانات تقييم الاداء التي بدورها سوف تحقق العدالة في التوزيع.

الخاتمة

وحتى تُحقق الحوافز الغاية الحقيقة منها يجب أن تكون عادلة ومرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمعايير الأداء، وبعيدة كل البعد عن العلاقات الشخصية، وأن تكون مستمرة ومرتبطة بدوافع الأفراد وتوقعاتهم وجهودهم، بالإضافة إلى تنمية العلاقة العضوية بين الأداء الجيد والحصول على المكافأة، علاوة على ضرورة معرفة العاملين بالسياسة التي تتبعها المؤسسة في نظام الحوافز.

المراجع

  • الحلايبة، غازي. (2013). أثر الحوافز في تحسين الأداء لدى العاملين في مؤسسات القطاع العام في الأردن. رسالة ماجستير غير منشورة، الأردن.
  • أبو علان، خالد. (2016). أثر الحوافز المادية والمعنوية على أداء العاملين في شركات المشروبات الفلسطينية. رسالة ماجستير، فلسطين.
  • عطايا، نهى. (2016). الحوافز وعلاقتها بالولاء التنظيمي والأداء المهني. رسالة دكتوراة، دمشق.
  • الحسن، العليش، حسين، وسام. (2016). الحوافز ودورها في تحسين أداء العاملين، بغداد.

فيديو مقال الحوافز وأثرها على الأداء الوظيفي

 

أضف تعليقك هنا