حول مسألة إلقاء السلام، وفيما يخص قول: (“السلام على من اتبع الهدى” فيمن قيلت؟ وهي تحية مَن؟)

بقلم: مصطفى يحيى

بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ اَلْحَمْدِ لِلَّهِ مُعِزْ اَلْإِسْلَامِ بِنُصْرَةٍ، وَمُذِلٌّ اَلشِّرْكِ بِقَهْرِهِ، وَمَصْرِفَ اَلْأُمُورِ بِأَمْرِهِ، وَمُسْتَدْرِجَ اَلْكَافِرِينَ بِمَكْرِهِ، اَلَّذِي قَدَّرَ اَلْأَيَّامَ دُوَلاً بِعَدْلِهِ، وَجَعْلَ اَلْعَاقِبَةِ لِلْمُتَّقِينَ بِفَضْلِهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ أَعْلَى اَللَّهِ مَنَارْ اَلْإِسْلَامِ بِسَيْفِهِ. قَالَ تَعَالَى: (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ). (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَكُونُوا۟ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِینَ). (یَـأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسࣱ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدࣲۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ). مقال يتحدث عن إلقاء السلام والتحية ويمكنك قراءة المزيد من المقالات التي تتناول مواضيع إسلامية من هنا.

إلقاء السلام والتحية في الإسلام 

أَمَّا بَعْد:
فَحَدِيثُنَا اَلْيَوْمَ هُوَ عَنْ أَمْرٍ مُنْتَشِرٍ جِدًّا بَيْنَ رُوَّادِ مَوَاقِعِ اَلتَّوَاصُلِ اَلِاجْتِمَاعِيِّ، وَبَيْنَ اَلْجَهَلَةِ اَلْمَوْجُودِينَ فِيهَا.. فِي اَلْأَوَانِ اَلْأَخِيرَةِ أَصْبَحَ إِطْلَاقُ اَلسَّلَامِ عَلَى مَنْ لَا نَعْرِفُهُ بِهَذِهِ اَلصِّيغَةِاَلسَّلَامُ عَلَى مَنْ اِتَّبَعَ اَلْهُدَىيُرْسِلُونَهَا لِلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَهُمْ حَتَّى وَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُمْ إِسْلَامِ فَهْمِ بِنَظَرِ اَلْمُرْسِلِ كفَار وَيَا لِلْأَسَفِ عَلَى جَهْلِهِ وَقُبْحِهِ فِي مَعْرِفَةِ هَذِهِ اَلْكَلِمَةِ وَفِيمَا جَاءَ بِالْأَثَرِ عَنْ مُحَمَّدًا خَيْرِ اَلْوَرَى صَلَوَاتِ رَبِّي وَسَلَامِهِ عَلَيْهِ.. سَأَضَعُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ مَا وَرَدَ بِالْأَثَرِ عَنْ إلقاء السَّلام وَفِيمَنْ قِيلَتْاَلسَّلَامَ عَلَى مَنْ اِتَّبَعَ اَلْهُدَى“..

إلقاء السلام يكون على مَن عرفت ومَن لم تعرف 

وَالْيَوْمُ؛ بَعْضُ اَلْأَحْكَامِأَحْكَامُ هَذِهِ اَلتَّحِيَّةِ اَلْعَظِيمَةِ، وَاَلَّتِي يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَنْشُرَهَا وَتَفْشُو فِينَا، اَلسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةِ اَللَّهِ وَبَرَكَاتِهِ، مَا أَزْكَاهَا مِنْ كَلِمَاتٍ، وَمَا أَحْسَنَهَا مِنْبَرَكَاتْ، قَصْرُ فِيهَا كَثِيرٌ مِنْ اَلنَّاسِ، وَاسْتَبْدَلُوهَا بِغَيْرِهَا. أَخِي فِي دِينِ اَللَّهِ! أَلْقَ اَلسَّلَامُ عَلَى مَنْ عَرَفَتْ وَمِنْ لَمْ تَعْرِفْ، مَا دَامَتْ هُنَاكَ عَلَامَاتٌ عَلَى إِسْلَامِهِ وَإِيمَانِهِ، فَإِلْقَاءُ اَلسَّلَامِ عَلَامَةً عَلَى اَلْإِسْلَامِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اَللَّهُتَعَالَىعَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّ لِلْإِسْلَامِ صُوِىْ ” –أَيُّ عَلَامَاتٍ– “وَمَنَارًا كَمَنَارَ اَلطَّرِيقِ،أَيُّ شَرَائِعَ يُهْتَدَى بِهَا– ” مِنْهَا ” –أَيْ مِنْ هَذِهِ اَلشَّرَائِعِ-: “أَنَّ تَسَلُّم عَلَى اَلْقَوْمِ إِذَا مَرَّرَتْ بِهُمْ“[1].

الأنبياء والرسل هم أولى خلق الله بالسلام

وَالسَّلَامُ لِفَضْلِهِ اَلْعَظِيمِ، وَخَيْرُهُ اَلْعَمِيمْ أَلْقَاهُ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ عَلَيْهِمْ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَقَالَ جَلَّ جَلَالُهُ: ﴿ سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ [الصافات: 79]، ﴿ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الصافات: 109]، ﴿سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ [الصافات: 120]، ﴿ سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ[الصافات: 130]. فأولى الناس بالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ هم الرسلُ والْأَنْبِيَاءُ عليهم السلام، قَالَ تَعَالَى: ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الصافات: 180 – 182].

وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “صَلُّوا عَلَى أَنْبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنَّ اللهَ بَعَثَهُمْ كَمَا بَعَثَنِي“. [2]، وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حَجَرٍ رضي الله عنه قَالَ: “صَلُّوا عَلَى النَّبِيِّينَ إِذَا ذَكَرْتُمُونِي، فَإِنَّهُمْ قَدْ بُعِثُوا كَمَا بُعِثْتُ“[3]. فَصَلَّى اَللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدْ وَعَلَى إِخْوَانِهِ اَلْمُرْسَلِينَ، وَعَلَى آلِهِ بَيْتُهُ وَأَصْحَابُهُ أَجْمَعِينَ.

إلقاء السلام هو سنة الأنبياء والرسل في التعامل مع الآخرين

وَيَجِبَ رَدُّ اَلسَّلَامِ عَلَى مَنْ نَعْرِفُ وَمَنْ لَا نَعْرِفُ، عَلَيْنَا أَنْ نُلْقِيَ اَلسَّلَامُ هَذِهِ اَلتَّحِيَّةِ سَنَةً، لَكِنْ أَنْ نَرُدَّهَا فَهَذَا وَاجِبٌ عَلَى مَنْ نَعْرِفُ، وَمَنْ لَا نَعْرِفُ، هَذِهِ سَنَةُ اَلْأَنْبِيَاءِ وَطَرِيقَتِهِمْ وَهَدْيِهِمْ، فَقَدَ رَدُّ خَلِيلْ اَللَّهْ إِبْرَاهِيمْ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ عَلَى اَلْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمْ اَلسَّلَامُ اَلسَّلَامُ عِنْدَمَا سَلَّمُوا عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُمْ ،﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُواعَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ [الذاريات: 24 – 26]، ﴿ وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَأَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ [هود: 69].

إلقاء السلام على كل مَن تعتقد فيه الإسلام

وَلَا تَخُصُّ يَا عَبْدُ اَللَّهْ! مِنْ تَعَرُّفِهِ بِالسَّلَامِ دُونَ أَحَدٍ مِمَّنْ لَا تَعْرِفُهُ، فَقَدْ وَرَدَ عَنْ عَبْدِ اَللَّهْ بْنْ عَمْرُو بْنْ اَلْعَاصْ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟) قَالَ: “تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ“. [4]،أَيْ : لَا تَخُصُّ بِهِ أَحَدًا تَكَبُّرًا أَوْ تَصَنُّعًا، بَلْ تَعْظِيمًا لِشِعَارِ اَلْإِسْلَامِ،وَمُرَاعَاةٌ لِأُخُوَّةِ اَلْمُسْلِمِ. – فَكُلُّ مِنْ تَعْتَقِدُ فِيهِ اَلْإِسْلَامُ فَأَلْقِ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ.

إلقاء السلام لا يخص أحداً دون الآخر

فَإِلْقَاءُ تَحِيَّةِ اَلْإِسْلَامِأَيْضًالَا تَخُصُّ بِهَا أَحَدًا وَتُحَرِّم مِنْهَا اَلْآخَرِينَ؛ اِحْتِقَارًا لَهُمْ أَوْ تَوْبِيخًا لَهُمْ، فَعَنْ اَلطُّفَيْل بْنْ أُبَيْ بْنْ كَعْبْ قَالَ: (كُنْتَ آتِي عَبْدُ اَللَّهْ بْنْ عُمَرْ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا فَأَغْدُو مَعَهُ إِلَى اَلسُّوقِ)،أَيْ فِي اَلصَّبَاحِ اَلْبَاكِرِ يَغْدُوَانِ إِلَى اَلسُّوقِ. قَالَ: (فَإِذَا غَدَوْنَا إِلَى اَلسُّوقِ، لَمْ يَمُرْ اِبْنُ عُمَرْ عَلَى سَقَّاطْ) –هُوَ اَلَّذِي يَبِيعُ سَقَطَ اَلْمَتَاعُ،وَهُوَ رَدِيئِهِ وَحَقِيرَةً– (وَلَا صَاحِبَ بَيْعَةٍ) – (صَاحِبُ اَلْبَيْعَةِ): بِالْكَسْرِ مِنْ (اَلْبَيْعُ). يَعْنِي: بَائِعٌوَهُوَ اَلَّذِي يَبِيعُ اَلْبِضَاعَةَ وَغَيْرَهَا مِنْ اَلْفَوَاكِهِ وَمَا شَابَهَ– (وَلَا مِسْكِين، وَلَا أَحَد)،مِنْ أَمْثَالٍ هَؤُلَاءِ– (إِلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ).

قَالَ اَلطُّفَيْلُ 🙁فَجِئْتُ اِبْنَ عُمَرْ يَوْمًا، فَاسْتَتْبَعَنِي إِلَى اَلسُّوقِ)،يَعْنِي قَالَ لَهُ: قُمْ مَعَنَا وَاتَّبَعَنَا لِأَنَّنَا سَنَذْهَبُ إِلَى اَلسُّوقِ. فَقُلْتُ لَهُ 🙁وَمَا تَصْنَعُ فِي اَلسُّوقِ وَأَنْتَ لَا تَقِفُ عَلَىاَلْبَيْعِ، وَلَا تَسْأَلُ عَنْ اَلسِّلَعِ، وَلَا تَسُومُ بِهَا، وَلَا تَجْلِسُ فِي مَجَالِسِ اَلسُّوقِ ؟! فَاجْلِسْ بِنَا هَاهُنَا نَتَحَدَّثُ)، فَقَالَ لَيُّ اِبْنَ عُمَرْ 🙁يَا أَبًا بَطْنوَكَانَ اَلطُّفَيْلُ ذَا بَطْنٍإِنَّمَا نَغْدُومِنْ أَجْلِ اَلسَّلَامِ، نُسَلِّمُ عَلَى مَنْ لَقِيَنَا) [5].

سنن وآداب السلام

البدء بالتحية و إلقاء السَلام

وَمِنْ اَلْأَدَبِ اَلْبَدْءِ بِالسَّلَامِفَالسَّنَةُ أَنَّ يَبْدَأُ بِهِ قَبْلَ اَلْكَلَامِ؛ لِأَنَّ فِي اَلِابْتِدَاءِ بِالسَّلَامِ إِشْعَارًا بِالسَّلَامَةِ وَتَفَاؤُلاً بِهَا، وَإِينَاسًا لَمِنْ يُخَاطِبُهُ، وَتَبْرُكَا بِالِابْتِدَاءِ بِذِكْرِ اَللَّهِسُبْحَانَهُوَتَعَالَىتُحْفَةٌ -.

السلام قبل الكلام

فَعَنْ جَابِرْ بْنْ عَبْدِ اَللَّهْ رَضِيَ اَللَّهُتَعَالَىعَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” اَلسَّلَامُ قَبْلَ اَلْكَلَامِ ” [ 6 ]. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: “لَا تَأْذَنُوا لَمِنْ لَمْ يَبْدَأْ بِالسَّلَامِ“[ 7 ].

السلام قبل السؤال

وَعَنْ اِبْنُ عُمَرْ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” اَلسَّلَامُ قَبْلَ اَلسُّؤَالِ، فَمِنْ بَدْأَكُمْ بِالسُّؤَالِ قَبْلَ اَلسَّلَامِ فَلَا تُجِيبُوهُ “[ 8 ].

لمن يقال “السلام على مَن اتبع الهدى”؟

أَمَّا اَلسَّلَامُ عَلَى جَمَاعَةٍ فِيهِمْ مُسْلِمُونَ وَكُفَّارَ، فَسَلِّمْ وَاقْصِدْ اَلْمُسْلِمِينَ، فَعَنْ أُسَامَة بْنْ زَيْدْ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: (مَرّ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَجْلِسِ وَفِيهِ أَخْلَاط مِنْ اَلْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ)[9].

وَالسَّلَامُ عَلَى اَلْكَافِرِ كَيْفَ يَكُونُ؟ أَمْرُ مُوسَى وَهَارُونْ عَلَيْهِمَا اَلسَّلَامُ أَنْ يَذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنْ، فَقَالَ لَهُمَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى [طه: 47]. هَذِهِ هِيَ تَحِيَّتُنَا لِغَيْرِ اَلْمُسْلِمِينَ: ﴿ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى [طه: 47]. أَوْ اَلسَّلَامِ عَلَيْهِمْ إِشَارَةٌ، قَالَ عَلْقَمَة : ( إِنَّمَا سَلَّمَ عَبْدُ اَللَّهْ بْنْ مَسْعُودْ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ عَلَى اَلدَّهَاقِينُ إِشَارَةٍ ). [ 10 ] وَالدَّهَاقِينِ جَمْعٌ ( دَهْقَانْ )، وَهُوَ : رَئِيسُ اَلْقَرْيَةِ، وَمِنْ لَهُ مَالٌ وَعَقَّارٌ.

هل يجوز إلقاء السلام على مرتكبي المعاصي؟

لَا سَلَام عَلَى اَلْمُبْتَدَعَةِ وَمُرْتَكِبِي اَلْمَعَاصِي، إِنَّ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُمْ، حَتَّى يَرْجِعُوا عَنْ مَعَاصِيهِمْ وَابْتِدَاعُهُمْ، لَكِنَّ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يُثْبِتَ عَلَيْهِمْ، وَلَمَّ يرْعُووَا لِنَصِيحَةٍ، وَنَفَعَتْ مُقَاطَعَتُهُمْ فِيعَدَمِ اَلسَّلَامِ عَلَيْهِمْ نَسْتَمِرُّ فِي ذَلِكَ، لَكِنْ إِنْ لَمْ تَنْفَعْ، فَلَا يَنْبَغِي مُقَاطَعَةً اَلْمُسْلِمِينَ لِأَجَلِ اَلْهَوَى وَالشُّكُوكِ وَالِافْتِرَاءَاتِ، فَلَا سَلَام عَلَى ظَالِمٍ كَالْحُجَّاجِ، عَنْ جَابِرْ بْنْ عَبْدِ اَللَّهْرَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : (دَخَلَتْ عَلَى اَلْحُجَّاجِ، فَمَا سَلَّمَتْ عَلَيْهِ) [11]. وَلَا سَلَام عَلَى فَاسِقٍ ؛ أَيِّ كَشَارِبِ خَمْر، أَوْ ظَالِمٍ، أَوْ زَانٍ، أَوْ مَا شَابَهَ ذَلِكَ، وَالشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ مُجَاهِرًابِفِسْقِهِ، عَنْ اَلْحَسَنْ قَالَ : (لَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اَلْفَاسِقِ حُرْمَةً)[12].

لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ اَلْإِنْسَانُ عَلَى اَلْمُسْلِمِ بِقَوْلِهِ: “اَلسَّلَامُ عَلَى مَنْ اِتَّبَعَ اَلْهُدَى، لِأَنَّ هَذِهِ اَلصِّيغَةِ إِنَّمَا قَالَهَا اَلرَّسُولُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ كَتَبَ إِلَى غَيْرِ اَلْمُسْلِمِينَ، وَأَخُوكَ اَلْمُسْلِمُ قَلَّ لَهُ : “اَلسَّلَامُ عَلَيْكُمْ“. أَمَّا أَنْ تَقُولَ: “اَلسَّلَامُ عَلَى مَنْ اِتَّبَعَ اَلْهُدَىفَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ أَخَاكَ هَذَا لَيْسَ مِمَّنْ اِتَّبَعَ اَلْهُدَى.. هَذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمَ.. فَسَتَذۡكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُمۡۚ وَأُفَوِّضُ أَمۡرِيٓ إِلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ” (شاهد بعض مقاطع فيديو موقع مقال على اليوتيوب).

“اَلسَّلَامُ عَلَى مَنْ اِتَّبَعَ اَلْهُدَى”

كَتَبَهُ اَلظَّالِمُ لِنَفْسِهِ اَلرَّاجِيَ عَفْوَ رَبِّهِ : مُصْطَفَى يَحْيَى/ بِتَارِيخ:  ٢٦/ ٣/ ٢٠٢١ م/ اَلْمُوَافِق: ١٣/ شعبان/ ١٤٤٢هـ

  • [1] أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في (كتاب الإيمان) (رقم الحديث: (3) بتحقيق الألباني)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (2162)، الصَّحِيحَة: (333).
  • [2] (هب) (131)، (عب) (3118)، صَحِيح الْجَامِع: 3782، الصحيحة: (2963).
  • [3] رواه ابن عساكر في (تاريخ دمشق) (62: 391)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (3781).
  • [4] (خ) (12)، (م) (39).
  • [5] (خد) (1006)، (ط) (1726)، صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد (774)، وهداية الرواة (4587).
  • [6] (ت) (2699)، (يع) (2059)، انظر هداية الرواة (4576).
  • [7] (يع) (1809)، (هب) (8816)، صَحِيح الْجَامِع (7190)، والصَّحِيحَة (817).
  • [8] (عد) (5: 290، ترجمة 1429 عبد العزيز بن أبي رواد)، انظر صَحِيح الْجَامِع (3699)، والصَّحِيحَة (816).
  • [9] (خ) (5899)، (م) 116- (1798)، (ت) (2702).
  • [10] (خد) 1104، انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد: (844).
  • [11] (خد) (1025)، انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد (786).
  • [12] (خد) (1018)، انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد (781).

بقلم: مصطفى يحيى

أضف تعليقك هنا