كن يوسفياً

الاقتداء بمنهج الأنبياء أمر ربانيّ 

أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ ….”[1]، أمر رباني لعبده ورسوله محمد بالاقتداء بمنهج الأنبياء، وخاطبنا بقوله “لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ..[2] ، وهذا يعني أن نتأسى في حياتنا عموماً بكل الأنبياء وعلى رأسهم محمد، ويوسف أحد أنبياء الله الكرام، دخل السجن ظُلماً ولم يمنعه ذلك من الدعوة حتى وهو بين قضبان الظلم، فكيف كانت دعوته تلك؟ مقال يتحدث عن منهج النبي يوسف في الدعوة ويمكنك قرءاة المزيد من المقالات التي تتحدث عن مواضيع إسلامية من هنا.

المنهج الذي اتبعه النبي يوسف في الدعوة إلى الله

لنقتبس ذلك المنهج بخطواتٍ واضحة من خلال موقف يوسف في السجن:

  1. وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ

*الخطة*وجود المدعوين نعمة وفرصة مهما كان العدد والمكان والوضع النفسي، في البداية لم يتحدث معهم عن الدعوة، بل سكت لتحقيق غاية، فمتى كان هناك متسعاً من الوقت مع المدعوين فلا تستعجل، ولتكن لديك خطة دعوية.

  1. “قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ

*الفرصة المناسبة* فقد طلبا منه ما يظنون أنه قادرٌ عليه وهو ملحٌ عليهم، ومن حِكم رب العالمين وتوفيقه أنهما سألوا عما يعرفه يوسف.

  1. “إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ” (36)

*بناء الصورة الذهنية* ولعل هذا أحد الأسرار في أنه لم يبادرهم بالدعوة لتكوين صورة ذهنية حقيقة مؤهلة لقَبول دعوته.

  1. “قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي”

*تطمين* وتأكيد على قدرته لتحقيق مرادهم بتأويل الرؤيا بدليلٍ واقعي واضح، وبدأ بتحريك القلوب بأن هذا مما علمه ربه، لإثارة سؤال لديهم: مَن هو ربك الذي علمك ذلك؟

  1. إنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (38)

*البيان* توضيح للملة وارتباطها الزمني البعيد من إبراهيم، وملة القوم الآخرين الذين لا يؤمنون بالله وكفرهم بالآخرة، ثم ارتباطه الشخصي بتلك الملة وأنهم متبعٌ لها، ولمسة رائعة بأن هذا كله من فضل الله عليهم وكذلك على الناس لكن الأكثر -وربما أنتما منهم- لا يشكرون، وأظنك لاحظت أنه ذكر الله مرتين.

  1. يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ  ….

*المواجهة* بدأها بإشارة إلى العلاقة والمحبة لتقريب القلوب “يا صاحبي السجن” والأصل أن الصاحب حريص على صاحبه، ثم جاء بسؤال استنكاري لتحريك الذهن لقضية عقلية في الخيرية، والجواب معروف، فكيف إذا كان هذا الواحد هو الله -مرة ثالثة-، وفي المقابل فإن ما تعبدونه إنما هي أسماءٌ أنتم اخترعتموها وآباؤكم -ردٌ على التقليد الأعمى- بلا دليل، ومرة رابعة الله.

  1. “إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ “(40)

*الحجة* فحكم والأمر لله -للمرة الخامسة- وهو الذي أمر بعبادته دون سواه، وهذا هو الحق الذي يجهله الكثير من الناس، وقد علمتموه وقامت عليكم الحُجِّة، تم البلاغ المبين.

  1. “يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41)

*الإجابة*حقكم تحقيق مطلبكم في الإجابة على الاستفتاء وقد أجبته.

ماذا كان جوابهما؟ وهل أسلما؟ وهل حاورهم يوسف مرة أخرى؟ وغيرها من الأسئلة لم يتطرق لها القرآن لأنها ليس بأهمية توضيح منهجية تبليغ الدعوة. كلام يوسف 124 كلمة، منها 104 في الدعوة (84%)، و20 كلمة فقط (16%) للإجابة، فهل كانت تلك النسبة قدراً، أم أنها منهجاً يوسفياً؟

[1] سورة الأنعام آية 90

[2] سورة الأحزاب آية 21

فيديو مقال كن يوسفياً

أضف تعليقك هنا