كيف يصطبغ البحر بنقطة حبر !!!

الحمد لله الذي أعطى بلا سؤال

الحمد لله الذي أمهل مع الزلل

والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأكثرهم لله طاعة وحمدًا

كلنا يعتريه بين الحين والآخر شعور بالحزن وهذا في جذره الأصلي لا يتعدى أمرين. ماضٍ يسترجعه الإنسان مع ما فيه من مشاعر الأسى أو مستقبل يتوقعه الإنسان مع ما فيه من شعور بالخوف وكلاهما من الشيطان والعياذ بالله منه. قال تعالى

﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموٰلِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرٰتِ وَبَشِّرِ الصّٰبِرينَ﴾ [البقرة: 155]

وقال جل وعلا

﴿إِنَّما ذٰلِكُمُ الشَّيطٰنُ يُخَوِّفُ أَولِياءَهُ فَلا تَخافوهُم وَخافونِ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾ [آل عمران: 175]

ويختلف الناس في قدرتهم على التبصر والتأمل في منح الخالق والتي يعيش متوسط الدخل منافيها ما لم يعشه ملوك الأزمنة السابقة بما فتح الله على مختلف الأمم من علوم وتقدم تقني قصّر المسافات واختصر الكثير من المعاناة في شظف عيش وقلة أمن وتردّي صحة. من الناس من يتطرف في الشعور في غالب حياته فينظر بعين الباحث عن النواقص في حياته وهم السواد الأعظم. ومنهم من يرى أنه وُلد في زمن أغدق عليه بأكثر مما يحتاج ويكتفي بما هو فيه ويعيش سبهللاً بلا طموح وهم قليل. والأقل من يحقق التوازن المنطقي بين نعمة موجودة وأمنية مفقودة فينظر في أمره بعينين، عين الطموح المشروع في التوسع والاستزادة من الخير وعين قانعة وممتنة لما هو فيه من نعم.

واللهُ عز وجل أعدل العادلين وقد قال في سورة الزخرف

﴿أَهُم يَقسِمونَ رَحمَتَ رَبِّكَ نَحنُ قَسَمنا بَينَهُم مَعيشَتَهُم فِى الحَيوٰةِ الدُّنيا وَرَفَعنا بَعضَهُم فَوقَ بَعضٍ دَرَجٰتٍ لِيَتَّخِذَ بَعضُهُم بَعضًا سُخرِيًّاوَرَحمَتُ رَبِّكَ خَيرٌ مِمّا يَجمَعونَ﴾ [الزخرف: 32]

تأمل وضعك وستجد أنك إن فقدت أمراً فقد أعطيت بدلاً عنه أموراً عديدة.

هل منا من شكر الله على كونه وُلد لأبوين مسلمين فرضع القرآن وتنفس السيرة النبوية؟ هل منا من شكر الله على كونه مواطناً لدولة آمنة مطمئنة ؟ هل منا من شكر الله على قدراته الجسدية؟ هلمنا من شكر الله على نعمة العمل؟ هل منا من شكر الله على نعمة رضى الوالدين؟ هل منا شكر اللهعلى ما يجهله من نعم تسبغه من رأسه وحتى أخمص قدميه؟ قال تعالى

﴿وَءاتىٰكُم مِن كُلِّ ماسَأَلتُموهُ وَإِن تَعُدّوا نِعمَتَ اللَّهِ لا تُحصوها إِنَّ الإِنسٰنَ لَظَلومٌ كَفّارٌ﴾ [ابراهيم: 34] وقال (عَجَباًلأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ،وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ) رواه مسلم.

إذا رأيت من ينظر للجزء الفارغ من الكأس فاعلم أنه ركّز النظر على نقطة سوداء واحدة وترك البياض الكبير الذي يتقلب فيه. إذا رأيت من يحزن على الماضي أو يخشى المستقبل فذكره بأنه لنيغير الماضي ولا يضمن الوصول إلى المستقبل. إذا قابلت شخصاً كهذا فاعلم أن النقطة السوداء التي في حياته مدحت بحراً كبيراً من النعم. إذا رأيته فانصحه وإن لم ينتصح فابتعد عنه فإن شعوره معدي بل فرّ منه وانتق لنفسك من يصبح حاملاً ويمسي شاكراً

لله در ذلك السوداني الذي أجاب عندما سألوه عن حاله فقال: “في زحام من النعم

م/سامي مطر الزهراني

مكة المكرمة

الأربعاء ٨ رمضان ١٤٤٢ هـ

 

أضف تعليقك هنا