مفهوم الشرف في العقل العربي

بقلم: جهينة سليماني

مبدئيًّا … الشرف هو مجموعة من الصفات النبيلة التي عندما تجتمع في شخصية إنسان معين بغض النظر عن جنسه .. نقول فلان رجل شريف .. فلانة إمرأة شريفة …!أمّا البكارة … فهي غشاء نستدل به على عذرية الفتاة .. فقط!

لماذا يظلم المجتمع النساء؟

الإنسان الأول الذي ربط بين المفهوم الأول و الثاني .. قد كانَ محدود الفكر جدّا حتى أولت له نفسه أن البكارة من الممكن أن تكون مقياسًا للشرف ؛ اليوم مجتمع كامل يظلم النساءَ بسبب فكرة هذا الإنسان الأول الذي أوجد هذا الربط الفاشل .. بين مبادئ دائمة مركزها العقل و شخصية الإنسان المعنوية .. و بين عضو صغير في الجيد يتمزق خلال دقائق !

الواقع الذي نعيشه

كـ توضيح و لـ نكون على وضوح و بينة تامة ؛ سأضعكم أمام الواقع الملموس الذي عايشته أيام الدراسة .. ولازلت أعايشه في العمل .. و ألمسه في عقول صديقاتي و أصدقائي ..- أنا لا أتحدث بعاطفة كاتبة .. أو إمرأة .. مجتمعك لا يعنيني فأنا كيان مستقل بنمط حياتي و لا أطرح سوى وجهة نظري المستقلة دون التحيز إلى أي طرف

ما هي أسباب سوء الفهم التي تحصل في المجتمعات؟

  1. مجتمع يعلّم بناته بأن غشاء بكارتها هو أغلى ما عندها .. و هو دليل شرفها .. فتكبر البنت و يكبر معها خوفها على الغشاء أكثر من خوفها على مبادئها و قيمها !! …
  2. تكبر الفكرة و تتوسع في المجتمع .. حتى يسيء مجتمع كامل فهم وظيفة غشاء البكارة … فيربط فقدانه بالعهر .. بشكل مطلق !! … فيظلم المطلقة .. و الأرملة و المغتصبة ! .. بذنب الزانية و الباغية !! …

في الحالة رقم -1- … أريد أن أذكر لكَ من الواقع قصص البنات اللواتي صدف لي أن أعرفهنّ خلال سنوات دراستي بالثانوية .. هؤلاء اللواتي كان لديهنّ وعي تقليدي .. و مبدأ راسخ هو “إفعلي أي شيء .. لكن لا تفقدي غشاء البكارة” … أذكر أنه كان هنالك مثلٌ تردده الفتيات وقتها فيما معناه أنه من العادي أن تدخل البنات في علاقات غير شرعية مع الحفاظ على الشرف .. طبعا ( الشرف = البكارة ).

يجب علينا أن نعلم الفتيات أنّ الشرف هو الأخلاق النبيلة

بينما كان الأولى أن يتعلموا بأن كل إختلاط يغضب الله غير جائز !… الكثير غيرهنّ .. لقد مرت عليّ فيات كثر جدا تحملنَ نفس الفكر … لكن هل تعلم من المذنب؟أنا و أنت و المجتمع .. كلنا مذنبون ؛ لقد علمنا هؤلاء البنات بأن الشرف متعلق بغشاءٍ رقيق … فـ رُحنَ يتمردن على القاعدة قليلا دون أن يكسرنَها !! …كان الأولى بنا أن نعلمهم بأن الشرف هو مجموعة أخلاق تختمها الكرامة و العفة .. و بـ أن الزنا حرامٌ .. و الله حرّمه .. و أن المجتمع و تقاليده لا يقاس بهم النبل .. و أن الله يراها و يعلم … مهما إستترت عن عيون المجتمع .. و مهما غطت فعلتها و حاولت إخفاءها !

عقل المجتمع الشرقي

في الحالة رقم -2- .. أيضًا سآخذك في جولة صغيرة إلى أعماق عقل المجتمع الشرقي .. إلى أقذر مستنقع داخل الرأس العربيّ !لازلنا نمرّ .. نرى .. و نسمع عن جرائم الشرف ؛ جرائم اليوم التي سأحدثك عنها هي الأبشع و الأقذر … لازلتُ و لازلنا نذكر الفتاة “ريم” إبنة الخمس سنوات التي تعرضت للإغتصاب من طرف رجل أربعينيّ غير متوازن عقليّا .. فـ قام والدها بقتلها عن طريق رميها من أعلى جسر … و قال خلال المحاكمة بأنه فعل ذلك لـ “يخلّصها من العار” ..و لازلت ولازلنا نذكر أغلبيةً من المجتمع صفقت له و أيدته و قالت هذا الرجل الحقيقي الذي لا يقبل بـ عيشة الذلّ!

“ريم” حالة من بين مئات الحالات الأخرى التي رأيتها … و آلاف الحالات التي لم أرَها ! .. مئات النساء اللواتي تمت تصفيتهنّ بنفس الطريقة بعد تعرضهنّ للإغتصاب خلال فترة “العشرية الحمراء” بالجزائر … و آلاف غيرهنّ تتم تصفيتهنّ يوميا حول العالم العربيّ للسبب نفسه … خوفًا و غسلاً للعار !لقد أسأنا فهم الحكمة من وجود غشاء البكارة يا عزيزي .. و ربطناه ربطًا وثيقًا بالشرف … حتى اسأنا فهم الشرف أيضًا و ظلمنا بذلك النساءَ ..و الخلاصة هي أنّنا يا عزيزي عندما ربطنا مفهوم العذرية بمفهوم الشرف … حافظنا على العذرية .. لكن فقدنا الجوهر الحقيقي للشرف!

بقلم: جهينة سليماني

 

أضف تعليقك هنا