رحلة

نتسابق للوصول إلى المحطة ونسافر بعيدا من مكان لآخر بأفكارنا وأحلامنا، فنحاول تارة تحقيق هدف ما يتعلق بدراسة أو عمل أو حتى الزواج وتكوين عائلة، وتارة أخرى نركض وراء مكاسب مالية ومراكز عليا لنكتشف فجأة أن كل ما نحاول تحقيقه ما هو إلا سراب ولا يستحق أن نفني وقتنا وعمرنا وجهدنا وحتى تعب أعصابنا بالجري وراءه.

هل تستحق  الحياة كل هذا العناء؟

لنصل إلى هذه الدرجة من النضج وأن الحياة لا تستحق كل هذا العناء من النزاع والقتال مع النفس أولا ومع الآخرين ثانيا، لا بد أن نمر بتجربة قاسية.. تجربة تعلمنا درسا لا ننساه مدى الحياة لأن المشاكل والدروس اليومية ما هي إلا بهارات الحياة التي لا بد منها، فكل شيء ممكن أن يستبدل ويعوّض في الحياة باستثناء فقدان شخص عزيز أو مرض إنسان غال على قلوبنا.. عندها نشعر وندرك فقط أننا أمام امتحان صعب لم نستعد له لأننا غير مهيئين له من ناحيو، ومن ناحية أخرى أنه جاء بشكل مفاجيء وداهمنا دون سابق إنذار.

هل نستطيع إصلاح مسارنا الآن؟

نكتشف وقتها بأننا ضيعنا وقتنا في البحث في طريق خاطيء وكنا نتجه نحو المحطة الخاطئة. كيف لنا العودة الآن وتصحيح مسارنا؟ كيف يمكننا تعويض ما فاتنا؟ للأسف لا يمكننا ذلك. نفاجأ أننا أمام تحد كبير وان كل مهارات القرن الواحد والعشرين لا يمكن أن تقوم بحله، فالمشكلة أكبر من أن نجد حلولا لها لانها ليست بيدنا وحدنا وهناك عوامل كثيرة تتحكم بها.

لنطرح السؤال التالي: هل دربنا أنفسنا على أن نكون أقوياء لنتحمل ذلك التحدي؟ هل جميع الأشخاص يمتلكون نفس القدر من المشاعر والسمات والطاقة الجسدية والمعنوية التي تساعدهم على التحمّل والصبر؟ سأترك الجواب لكم.

أما بالنسبة لي فكنت أعتقد أنني أقوى من ذلك وأن ما مررت به من تجارب كثيرة في الماضي سواء أكان على الصعيد المهني أو الشخصي سيساعدني أن أتحمّل وأصبر على هذه المحنة العظيمة، وان الدرس المرسل من الله عز وجلّ سيكون حافزا لي لانتظار الغد والمستقبل.

هل القدر هو من يرسم لنا الطريق؟

قد تكون تجربة مرض والدتي شخصية ولكنها تجربة عامة قد يمر بها أي شخص. لم أكن أتصور يوما أنني أحمل بداخلي كل هذه المشاعر والأحاسيس من الحب والخوف والقلق والترقب وعدم الطمأنينة والسكينة… لم أتخيل أبدا أن حياتي ستتغيّر في لحظة دون أي تدخل مني.. وأن القدر هو من يرسمها! لم يخطر على بالي أنني لن أفرح لعروض عمل جديدة أو مكاسب مالية قادمة في الطريق نحوي!

كل ذلك لا يساوي أي شيء أمام صحة وعافية من نحب وخصوصا الأم، التي لا يمكن تعويضها أبدا. كم اتمنى الآن أن تكتمل رحلتي وأصل مع امي إلى برّ الأمان، فنكون في المحطة الصحيحة التي تدخل إلى قلوبنا الراحة والطمأنينة والسكينة وراحة البال.

فيديو مقال رحلة

أضف تعليقك هنا