عدوى الأفكار

بقلم: سهام محجوبي

تغمرني رغبة عارمة في الكتابة، كتابة كل تلك الأفكار التي تسافر في ذهني بدون تذكرة سفر وبدون هوية، أعيد التفكير فيها مرارا وتكرارا دون الوصول إلى محطة الوصول، أبحث عن أجوبة مقنعة وأحيانا غير مقنعة فقط لأسد الفراغ الذي يملأ رأسي، لم يبق لي حل آخر غير كتابتها إليكم لعلكم تجدون أنتم الأجوبة المقنعة. وحتى تعيشوا الحيرة التي تستعمرني، لا تقلقوا هي حيرة ممتعة ومفرحة أكثر مما هي مخيفة ومقلقة.

الأفكار التي تدور بداخلي

أشعر أن هذه الأفكار تريد الخروج من ذهني بأي طريقة، هي أيضا تعبت مني، ملت الدوران دون جدوى، يبدو أنها انزعجت مني، لكنها هي المذنبة الوحيدة لأنها دخلت حطام منزل دون استئذان وطلب للغفران. كل اللوم يقع عليها لا علي.

كيف تسللت هذه الأفكار إلى ذهني؟

هي أفكار غير عادية وجد مجدية، فريدة من نوعها وحية، أحيانا أسمعها تتنفس، عيبها الوحيد أنها عندما تنفعل تسبب التيهان، وما يزيد من انفعالها أني لا أجد لها مرفأ تستقر فيه. كل يوم أسأل نفسي كيف تسللت هذه الأفكار إلى ذهني؟ ما الذي جعلها  تجتمع أمام باب تفكيري؟ فأصاب بالأرق وأتوقف عن السؤال.

ما هي تلك الأفكار؟

الآن حان الوقت لأكشف لكم عن هذه الأفكار، وأنغص عليكم سبات ذهنكم القهار، هي كالتالي:الأرض تستمر في جذبنا إليها رغم أنه لا علم ولا رغبة لنا في ذلك لأنها أمنا الفطرية. الارتباط الغليظ بيننا وبينها هو ارتباط الجنين بأمه فهي تزودنا بمأكلنا ومشربنا.  وهي تأبى أن تتركنا حتى ونحن أموات، لأنها متأكدة في قرارة نفسها أنها أمنا الحقيقية. خلقنا منها، ونموت فيها،  ثم نعود إليها، ما كل هذا الانتماء؟ انتماء فيه الكثير من الإخلاص.

المشكل الوحيد هو أنه لا علم لنا بهذا الانتماء وننساه طوال الوقت ونحن نسير فوقها، وتجذبنا إليها دون أن نشعر، وعندما نتعثر تأخذنا بالحضن بقوة لدرجة أن تؤلمنا، ترفض كل الرفض أن تتركنا. وتأبى أن نرحل عنها إلى كوكب آخر، تستمر وتستمر في جذبنا حتى آخر نفس لها. وعندما نموت ويتوقف نبضنا تعيدنا إلى رحمها وتحمينا بهدوئها لننام بسلام أبدي. إنه لعار علينا أن لا نعترف بأنها أمنا الحقيقية، ونحاول طلب الرضا والغفران منها، ننكر فضلها علينا وتضحيتها من أجلنا. أما حان الوقت لنعترف بها؟

سأكتفي بهذا القدر من الأفكار لا أريد أن أشفق عليكم أكثر، وأحس بتأنيب الضمير فيما بعد. لن أطيل أكثر، أتمنى لكم أفكارا سعيدة، أما راحة البال فلا أظنها ستعرف الطريق إليكم بعد الآن. فالحرب التي في ذهني انتقلت إلى ذهنكم أنتم أيضا، إنها عدوى الأفكار.

بقلم: سهام محجوبي

 

أضف تعليقك هنا