من ملك استأثر

الإنسان بطبيعته غير عادل

وهذا العنوان يفصح عن طبيعة الإنسان إفصاحًا بليغًا، الإنسان لا يحب أن يظلم ولكن الظلم يأتي على يديه من حيث لا يدري، وسبب ذلك أن الظلم والعدل أمران نسبيان فلا يوجد هناك شيٌ اسمه العدل معلقاً في الفراغ كما كان يظن أفلاطون وغيره من الفلاسفة الأقدمين، فإذا جئنا بشخص تقي وفاضل وسلمنا بيده مقاليد الحكم، ثم رضخنا له واتفقنا على حكمة، فإننا سنراه بعد مدة من زمن قد اصبح مستبداً يشتري ما طاب له، ويبني القصور من أموال الأمة والناس، وهو يظن بفعل هذا أنه عادل هنالك قصة تقول شخص طلب منه أن يعلم قط أن يحمل الشموع على مائدة الطعام فجاء أحد ضيوف هو يحمل في جيبه فأر ثم أطلقة على المائدة وسرعان ما ذهب القط وراءه ورمى الشموع على المائدة لتحرقها وتحرق من كان يأكل منها، إن الذي يريد أن يغير طبيعة الإنسان بواسطة الموعظة والكلام المجرد لا يختلف عن الشخص الذي حاول تعليم القط على حمل الشموع، فالناس يستمعون له يتأدبون أمامه ويسيرون بين يديه بوقر كأنهم أنبياء.

ما الصفات التي يجب أن يتحلى بها الحاكم من وجهة نظر الفارابي؟

كتب فيلسوف العرب أبو نصر الفارابي كتابًا سماه هل المدينة الفاضلة)، ولو قرأنا هذا الكتاب لأدركنا به سر الخطأ الذي سيطر على أذهان القدماء، ويذكر الفارابي أن الصفات التي يجب أن تتوفر في الحاكم الفطانة والتعليم وكبرياء النفس محبًا للكرمة، يظن الفارابي أن إصلاح المجتمع أمر سهل الغاية فهو واقف على اختيار الرئيس أو الحاكم وفق الصفات التي ذكرها في كتابة وعند ذلك يكون باستطاعة الناس أن يستريحوا وتشملهم أواصر المحبة والتآخي والسعادة.

كما قيل قديماً أن أعرابياً نظر إلى مكتبة عامرة بالكتب القديمة، فقال إني أعرف جميع ما في هذا الكتب كلها تقول:يها الإنسان كن خيّراً)، وقد أصاب هذا الأعرابي في قوله، فكتب القدماء كلها تنصح الإنسان بأن يأخذ الخير ويترك الشر.

اختيار الحاكم في المجتمع الحديث 

اما المجتمع الحديث قد اكتشف طريقة لا بأس بها في اختيار الرئيس هي يطلق عليها (نظام التصويت) الذي يتم عن طريق اقتراع الذي توضع الصناديق المقفلة التي تشرف عليها الأحزاب و يدخل كل ناخب وراء ستار ليختار اسم مرشح ويرمي في الصندوق، ونحن رغم ذلك نجد أجواء الانتخابات مشحونة وتتأزم المواقف، ويحاول كل مرشح أن يتخذ وسيلة ممكنة للوصول إلى غايتهم المنشودة.

طبيعة الإنسان تجعله يرى أنه الأحق بالحكم

وهذه هي طبيعة الإنسان في كل زمان ومكان وقد تختلف الدول أو شعوب بعضها عن بعض في مدى الفوضى التي تحدث اثناء الانتخابات، ولكن جميع الشعوب تجري على طبيعة واحدة من حيث الأساس وهي التنازع والتنافس والمغالاة وادعاء كل فريق منهم أنه صاحب الحق في الحكم.

من بعض مظاهر سوء الحكم

ولقد أدركنا هذا في العراق الذي إذا زرته تشاهد البؤس في عيون الناس في طرق والمناطق وتشاهد محال مغلقة على رزق أصحابها، ورجال ونساء يتذمرون من جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وشباب يهمون في أرض بلا فرص عمل وترى خلف كل باب قصة عن اناس فقدوا محبين و فقدوا عملهم ووظائفهم بسب السياسيات الخاطئة للحاكم، وعندما نتحدث عن أورقة الحكم هنالك الكثير من ضجة من شعب على أساس بسب فسادهم وسوء إدارتهم والذي قد حرم شعب كامل من حق الحياة مع وجود هذا البلد النفطي الذي وصلت صادرات أكثر منمليار برميل في سنة سابقة و الذي حرم من عادات ملايين العراقين، وكذلك بتزامن مع صعود الدولار وعلى هذا إن نسبة الفقر في العراق بدت تتزايد يوماً بعد يوم وكذلك تزايد حالات الانتحار نتيجة ظلم حاكم تجاه رعيته.

طبيعة الإنسان تجعله يعادي الآخرين إن استلموا الحكم

ونتضح من خلل هذا أن النظام الديمقراطي الذي يسود ببلد  العراق وفي الواقع ما هو إلا نظام يقوم في أساسه على التنازع؛ فهو يفسح المجال للناس أن يدخلوا في الأحزاب المتنازعة ولكنها تضع أمامهم في نفس الوقت قوانين وقواعد واضحة يتنازعون تبعًا لها ثم تنتظر لترى أي حزب سوف يفوز بأكثر الأصوات فيقلدها زمام الحكم وإذا فازت أحد الأحزاب تصبح الأحزاب الأخرى معارضة للحكم ومحاولة تشويه صورة الحكم بفساد.

فيديو مقال من ملك استأثر

أضف تعليقك هنا