النفس الإنسانية

الإنسان مجبول على الخير

الإنسان في أصل خلقته مجبول على الخير، وهذا: أراده الله له وخلقه من أجله، ولم يكن آدم إلا إنسانا سويا، وكل بنيه مثله، لم يكن آدم يعرف إلا نوازع البشرية التي بها قوام حياته، ولم يكن يعرف إلا الإنسانية التي بها يصير الإنسان إنسانا، إنسانية آدم هدته إلى الحب والصفاء والتسامح، هدته إلى التواضع الناتج من الطين الذي خلق منه، هدته إلى مكارم الأخلاق كلها التي طبعه الله عليها.

إنسانية آدم لا تقبل الرذائل

كان آدم لا يعرف دنايا الأخلاق، ولا أمراض القلوب، فما كان أبعده عن الحقد والعدواة والبغضاء والحسد والدغل، ولكن آدم بالتجربة عرف أن هناك أخلاقا تتنافى مع طبيعته، ولم يتعلم آدم مجانا، بل دفع ذلك شقاء وعناء وكدا، وليس وحده عانى، بل كل بنيه معه، لم يكن آدم بعد أن تعلم الخير والشر يقبل أن يتخلق بالرذائل، بل تمسك بإنسايته واستقامت نوازع بشريته، وكان ذلك ميراثا لبنيه من بعده، تعلم أبناء آدم هذا وهذا، ومنهم من اختار هذا دون هذا، أو أخذ من هذا وهذا، فصار منا آدم بكل ما فيه، وإبليس بكل ما فيه، ومنا من يتنازعه الإنسان والشيطان.

إنسانية آدم تتنافى مع الأفعال الشيطاينة

إن ابن آدم الحق لا يقبل على إنسايته أن تتلوث بداء عدوه وعدو أبيه، فهو كأبيه سواء بسواء يجعل حدا بينه وبين دنايا الأخلاق، وبينه وبين من تلوث بها، وابن آدم الذي استلبه إبليس وتخطفته الشياطين، صار دليلا من أدلائها، وجندا لها يأمرونه فيطيع، فكم لإبليس من جند بيننا، لهم حيله ومكائده ومصائده وبعض خبائثه، ومن أكثر زاده الشيطان من الخبث أكثر.

أخلاق الشياطين ليست من صفات الإنساينة

إن فهمنا هذا علمنا أن أخلاق الشياطين لا تليق بنا، بل تؤذينا وتضر إنسانيتنا وبشريتنا، فما خلق ابن آدم إلا إنسانا رحيما متواضعا متسامحا، لا خوانا ولا لئيما ولا جبانا، ابن آدم تضره أخلاق الشياطين فلا يهنأ بحياته ولا تبقى له إنسانيته، فما للإنسانية بقاء مع الدغل والمكر والأنانية، بل أي إنسانية مع الخداع والكذب والنميمة والفتن، ولا للبشرية بقاء مع الشره والطمع والأثرة والنهم، ولا لها وجود مع الشهوات الكاذبة الحرام، ولا لها وجود مع حب الغلبة والاستعلاء ولا الخديعة والخيانة، وابن آدم كأبيه في عناء مع أخلاقهم ومعهم، والفرق بين آدم وبنيه، أن آدم تجنب كلاهما، أما ابن آدم فما تعلم أن يبتعد عن الشياطين ولا أخلاقهم.

الحياة لا تستقيم بالرذائل والأفعال الشيطاينة

أتعلم أخي الإنسان: إنك لن تستقيم لك الحياة وقلبك مليء بأخلاقهم، فإنه ما اجتمع الطين والنار، إلا ويبس الطين وتكسر. بل وينبغي أن تعلم أنه طالما نخالط الشياطين فلن نستطيع أن ننقي أنفسنا من أخلاقهم، فاجتنابهم وطردهم عنا استبقاء لآدميتنا وثأر لأبينا، وهم رضوا بحالهم فليرحلوا عنا برحالهم.

أتعلم أيها الإنسان كيف صار الإنسان شيطانا أو حيوانا؟

الشيطان هو من تجلس إليه فيملؤك غما وهما، ويعبؤك حقدا وحسدا، فلا تعرف للحب معنى بمجالسته، إنه لا يحب المتحابين ولا يقبل إلا أن يكون شيطانا، إنه ما إن تجلس إليه حتى تضيق بك نفسك، ويضيق عليك صدرك، فحالك معه متغير متنقل، فلا تشعر مع وجوده بالسكينة ولا الراحة، وحين يتركك يحرق قبل ذهابه كل خير كان فيك، فأنت بعده قلق ضجر مهموم محزون، فهذه بعض علاماته، أما من تجلس إليه فتراه داعيا للجشع والأثرة والأنانية وحب الذات، أو تراه دليلا للفواحش والمعاصي والشهوات، فهذا حيوان معاشرته ندامة ومجالسته خسارة. إن هؤلاء يقتاتون منا، فنحن تجارتهم وسبيل عيشهم ومزرعتهم التي يجنون منها كل حين ما يريدون، فإن تركتهم فهم ليسوا بتاركيك، فاجتهد في بغضهم وطردهم حتى يروا منك أنك كأبيك الذي تبرأوا من نسبه.

فيديو مقال النفس الإنسانية

 

أضف تعليقك هنا