أنا ك – بدوي – لو كنت في جزيرة لم أصادف خلالها نارا مدى حياتي حيث أني نشأت وحدي منذ مهدي على الطبيعة بغرائزي التي تسندني على البقاء , ثم صادفت نارا ! بطبعي الفضولي سأحاول الإقتراب منها و ما أن أحس بحرارتها سأتركها فورا و أدرك حالا أنها شئ غير جيد.
ما هو شعور البدوي عند رؤيته لشخص يقترب من النار؟
بعد عدة أيام قليلة أرى شخصا لأول مرة في حياتي يقترب من نفس تلك النار , ترى ماذا سيكون شعوري ؟ !
حتما سأفضل أن يبتعد عنها كي لا يحس بمثل ما أحسسته
أيضا قد أرغب بمعرفة هل سيحس بنفس ما قد أحسست به ؟ !
هل ستكون ردة فعله مثلي ؟
ماهية هذا الشئ و ما نتيجة القرب منه ؟
فضول ممتع حتى أرى النتيجة !
كيف يراودني هذا التناقض ؟!
يقترب من النار بكل سيناريو ممتع أشاهد ذلك الحدث , لقطة لقطة لحظة ما هذا ؟ ! ينحرق أمامي يصرخ يصير رمادا تنبعث رائحة بلا شك حتما حتما قد كرهتها إذ يدق قلبي من هول ما أشهد !
أهرب من مرآة الذاكرة , كيف أنسى ما قد حدث ؟ !
يغلبني النعاس أنام , أنتفض خائفا بعد مدة كيف الملاذ
لما تصارعني تلك الدهاليز و الكوابيس ؟ !
هل هو الخوف ؟ لما أخاف ؟ أنا حي ما زلت لم أحرق
هل هو الحزن ؟ مما أحزن , هل رغبتي الفضولية ؟!
لما أنقذ البدوي شخص أخر يقترب من النار؟
تعدوا الأيام راسمة على لوحة الذاكرة ملامحا أخفت بعض ذاك اليوم بكل حرفة .. إنها الطبيعة حقا لها قدرة هائلة على ذلك .
هل تعاد تلك المشاهد , سيحدث اليوم ما قد حدث بالأمس
أرقبه عن كثب شخصا آخر يشبه ذاك الشخص يقترب من نفس تلك النار , أتمنى أن لا يقترب .
لما أتمنى هذا ؟ حتى لا يحس بمثل ما قد أحسسته بالبدء أم كي لا يكون مشهدا مطابقا لما قد رأيته في ذاك الشخص ؟!
أنقذه من النار بكل سرعة , لما أنقذته .. لما لم أدفعه فيها ؟ !
هل لأني عرفت سلفا طبيعة ما سيحدث
إذن هل هو موت الرغبة الفضولية ؟!
لما ماتت الرغبة الفضولية , كي لا تعاد تلك الدهاليز و الكوابيس ؟!
لما تعاد و قد عرفت تسلسل الأحداث ؟!
لن يصيبني مكروه لن لن !
يقع البدوي بين خيارين، هل سينقذ أم سيدفع؟
التاريخ بات يعيد سرده بملل ..
يوميا أرى شخصا يقترب و ينحرق، شخصا يقترب و ينحرق
أقترب منها بكل غرائزي , أصبحت منامي و مأمني و أمانتي
فكرت يوما أن تقترب من تلك النار أنقذتها أيضا كما أنقذت ذاك الشخص , لكن لما , هل هو الحب ؟ !
لكن لما .. سأبقى وحيدا من بعدها ستنطفئ كل الغرائز و متعتي و أنانيتي
لا متعة باتت و لا فضول , هل سأنقذ أم سأدفع , السكون يقتلني، لما سيقتلني السكون؟
لما بين هذين الخيارين ؟!
أقع مصدوما من هول التفكير، ينبع صوت من السماء مرددا حينها :
” قل الروح من أمر ربي و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا ”
بقلم: بدوي جمال بدوي