خصوصية القضاء الدستوري

بقلم: طارق إيسفولة

ماذا يُقصد بالقضاء الدستوري؟

إن الباحث الذي حاول بطريقة أو بأخرى استنطاق نصوص القانون الدستوري لسنة 2011 سيتباذر إلى ذهنه سؤال إشكالي معقد. ماذا نقصد بالقضاء الدستوري؟ هل هو ذلك الجهاز أو المؤسسة المخول لها دستوريا أداء وظيفة القضاء الدستوري، أم أن القضاء الدستوري وظيفة لا يهمنا الجهاز الذي يقدمها بقدر ما تهمنا هذه الوظيفة؟ولماذا ننشئ قضاء دستوريا إلى جانب القضاء العادي، مادام أنه يحق للقاضي العادي أن يبث في جميع القضايا بغض النظر عن أطرافها وعن موضوعها؟

خصوصية القضاء الدستوري

وإذا كان للقضاء الدستوري خصوصية، فأين تكمن طبيعة هذه الخصوصية ؟من خلال طرح هده التساؤلات يتضح جليا بأنه ثمة فروق جوهرية بين القضاء العادي والقضاء الدستوري الذي هو جهاز وظيفته الأساسية هي ضمان سمو الدستور وعلو أحكامه، وهو اختصاص أساسي للقضاء الدستوري إلى جانب مراقبة دستورية القوانين التي يعتبرها البعض بأنها مرادفة للقضاء الدستوري.

بناء على هدا الطرح فإن الباحث الذي يدافع بما أوتي من قوة على هذا الأساس لم يصل حقيقة إلى عمق وجوهر القانون الدستوري والإلمام بكل اختصاصاته وهذا مؤسف حقا ما دام أن الأمر يتعلق بقانون أساسي بقيمة القانون الدستوري.وعودة إلى سياق التباين الذي يجمع بين القضاء العادي والقضاء الدستوري فإن ذلك رهين بالوقوف على خصوصية هدا القضاء ( القضاء الدستوري).

مضامين القضاء الدستوري

إن خصوصية القضاء الدستوري من الصعب أن تكون أطروحة حاملة لمضمون واحد شأنها في ذلك شأن تعريف القضاء الدستوري، بل هي أطروحة مركزية تتفرع عنها ثلاثة مضامين أساسية كل مضمون يكمل الآخر وهنا تكمن خصوصية هدا القضاء .وبناء على ما سبق نخلص إلى أن الخصوصية الأولى تكمن في طبيعة المؤسسات المسند إليها وظيفة القضاء الدستوري، فهده المؤسسات من طبيعة خاصة فقد يتم التعيين فيها بشكل انتخابي او بشكل عادي أوهما معا، وأنها مؤسسات مؤقتة من حيث مدة ولايتها ، ولعل هذا المعنى يفيد بأن هناك سقف زمني تنتهي من خلاله مدة اشتغال أعضاء هذه المؤسسة.

إذا كانت الخاصية الاولى تدافع عن هذا الطرح وتعبر عن مضامينها بهذه الصيغة فإن الخاصية الثانية لا تختلف كثيرا على هذا المنوال، فالقضاء الدستوري كمؤسسة وظيفتها وظيفة خاصة فهي لا تبت في النزاعات التي تقع بين الأفراد أو بفهم آخر فالقاضي الدستوري لا يعاقب الناس في ذمتهم المادية او في حرياتهم الشخصية التي تعرضت للانتهاك، بل إن وظيفته الأساسية تكمن بالأساس في احترام سمو أحكام الدستور . أو بصيغة أصح فهو يبث أساسا في المنازعات التي تتعلق بالمؤسسات الدستورية .

وكما سبق الإشارة فهذه الأطروحة تختزل ثلاثة خاصيات أساسية ولعل هذا الملمح الأخير أهم ملمح مقارنة بالملامح السابقة ، فأين تكمن أهمية هدا الملمح ؟؟اذا كان القاضي العادي يعتمد على نص قانوني من النصوص القانونية الصادرة عن السلطة التشريعية فإن القاضي الدستوري ينشغل بنص آخر وهو النص الدستوري . وبالتالي ينبغي أن نستوعب الاختلاف القائم حسب هذا الفهم البسيط.

لا عمل للقاضي الدستوري بدون نص دستوري 

“لا عمل للقاضي الدستوري بدون نص دستوري “فالنص الذي يشتغل به القاضي العادي ليس من نفس المرتبة والدرجة التي يتعامل بها القاضي الدستوري ، لكن السؤال الذي قد يؤرق ذهن كل باحث تمعن في فهم إشكالية القضاء الدستوري.
ألا تعترض القاضي صعوبات في إصدار الحكم على القضايا المعروضة عليه؟ أجزم قولا بأنه لا يمكن للقاضي ان لا يبت في القضايا المعروضة عليه بدعوى غياب النص القانوني ، بل إن القاضي في هده اللحظة يلجأ إلى مبدأ الخلق والإنشاء وهذا ما يسمى بسياسة الاجتهاد القضائي.

بقلم: طارق إيسفولة

 

أضف تعليقك هنا