الحب في زمن النكران

ما تمنيت البكاء يوما ولكن هم الزمان أبكاني، تمنيت أن أعيش كما تريد نفسي ولكن عاشت نفسي كما يريد زماني.
تدور أحداث هذه القصة في بيت متواضع يعيش أهله حياة هادئة وبسيطة، ومن بين هذه العائلة فتاة جميلة  تدعى سارة في الخامسة عشر من عمرها، كانت سارة محبوبة لدى الجميع لحسن أخلاقها وأدبها، عاشت سارة مرحلة المراهقة في هدوء تام عكس زميلاتها، كانت سارة من الفتيات المتفوقات في المدرسة كانت مدرساتها يحببنها لهدوءها وذكاءها.

لقاء سارة بصديقتها المقربة

في يوم من الأيام رجعت سارة من مدرستها وتناولت غذائها مع عائلتها وكتبت واجباتها وانهت كل ما لديها باكرا، لتذهب مع عائلتها لزيارة أحد أقاربهم وكانت صديقتها المقربة ابنة لهذه العائلة صديقة طفولتها لم تراها منذ سنوات طويلة لمكوثهم في بلاد الإمارات وقد أتوا زيارة لفلسطين، كانت سارة تنتظر ذهابها إلى هناك بفارغ الصبر لكي ترى صديقة عمرها، وأتى موعد ذهابهم وهناك رحبت الأسرة بهم وسلموا على بعضهم، وعانقت سارة صديقتها عناقا حارة ممزوجا بابتسامة جميلة ودموع الفرحة والاشتياق، جلست سارة وصديقتها سويا وتحدثتا عن أشياء كثيرة تخص حياتهما، وتبادل الجميع الحديث والفرحة والضحك يعم المكان.

كان لهذه العائلة ابن وسيم، عاد بعد أن أنهى نزهته مع أصدقاءه وطرق الباب، وسلم على ضيوفهم فإذا بعيونه تتجه نحو سارة وسرح بعيونها !! فلفت انتباه سارة نظرات ذلك الشاب الوسيم التي تدل على إعجابه الشديد لها، انزلت سارة عينيها في الأرض خجلا، وحاولت أن تتجاهل نظراته لها.
حان موعد عودة سارة وعائلتها إلى منزلهم وودعوا أقاربهم وودعت سارة صديقتها، وعادوا إلى منزلهم في ساعة متأخرة من الليل، وذهب الجميع للنوم، ولكن سارة لم تنم ليلتها من فرحتها بقدوم صديقة طفولتها، وفجأة تذكرت النظرة الغريبة من  ذلك الشاب الوسيم.

اعتراف الشاب الوسيم لسارة بحبه لها

ومرت الأيام والأيام والعائلتين يقضيان معظم أوقاتهم سويا، وفي يوم خرجت سارة للذهاب إلى المدرسة وفي الطريق فإذا بها ترى ذلك الشاب وتقع عينيها صوب عينيه فوقفت متجمدة في مكانها فاقترب منها وهمس لها إني أحبك حبا لم أحبه لأحد قبلك ولن أحبه لأحد بعدك، فأنت وتيني فسهام حبك أصابوني من أول لحظة رأيتك فيها، ما زالت سارة متجمدة في مكانها ولحظات وفاقت من دهشتها وركضت مسرعة إلى مدرستها.
وفي المساء دخلت سارة غرفتها وما زال ذلك المشهد يتداول أمام عينيها، فشعرت بإحساس غريب مشاعر تحركت من داخلها شعرت أن هناك فرحة بداخلها وغلبها النعاس ونامت.

ومرت الأيام وبدأت النظرات والهمسات بين سارة والشاب تزداد تعمقا يوما بعد يوم، وبدأت بينهما قصة حب وكبرت مع مرور الوقت، أصبح كلاهما يحب الآخر بكل ما يمتلك من جوارح، ولكن حبهم كان حب صادق شريف مبني على الأدب والاحترام.

لحظة وداع الشاب لمحبوبته سارة

أيام وأيام وحان وقت رجوع الشاب وعائلته إلى بلدهم، فحزنت سارة لأنها ستودع حبيب قلبها وامتلأت عيونها بالدموع فقال لها : لا تؤلميني لا أحب أن أرى دموعك إنها دموع غالية جدا علي.
قالت له : هل ستنساني يوما؟؟
رد عليها قائلا: كيف أنسى من علمتني كيف أحب ومعنى الحب، كيف أنسى وتيني الذي يمدني بالحياة.
قالت : هل ستذكرني دوما ؟؟
قال لها: وكيف لا أذكرك وأنت قلبي وقالبي وعالمي ودنيتي ودائي ودوائي، كيف للروح أن تنسى روحا سكنت بداخلها.
قالت له : وفي لحن الاشتياق والحنين إليك هناك حب عميق يسكن أعماق قلبي، رغم البعد والمسافات التي بيننا ستكون أقرب بعيد لمهجتي وقلبي.
وأكملت أحبك بعدد حروف كلمات العشاق، فأنت الحياة والحلم والأمل الذي جمل حياتي، وأصبحت أنت في منتصف كل شيئ.
ابتسم وقال: ستكون كلماتك هذه ملازمة لحياتي أتذكرها إلى أن ألقاكي يا حبيبة القلب والروح.
قالت له : سأنتظرك مهما طال انتظاري، سأنتظرك لانك لم تكن قدري بل كنت اختياري.
قال : سأعود يوما ما وستكونين زوجا لي وأما لأطفالي، أراك على خير حبيبتي واعتني بنفسك جيدا.

اشتياق سارة لحبيبها الغائب

سافر الشاب وأهله، ورجعت سارة إلى منزلها والحزن يملأ عينيها، وأتى الليل وسارة تجلس في غرفتها لم تعرف يومها للنوم طريق، مرت الأيام وسارة لا تعرف طعما للسعادة اشتاقت لحبيبها الذي أحبته بكل جوارحها، وما زالت الأيام تمر وسارة لم تعرف شيئا عن ذاك الشاب، ولم يترك لها وسيلة للتواصل، ترك معها حب عميق بداخلها وذكريات جميلة.

أكملت سارة مسيرتها التعليمية، ومرت السنين وسارة لازالت تنتظر خبرا عن حبيبها الذي لا تعرف عنه شيئا، وكانت سارة ترفض كل شاب يتقدم لخطبتها، فأزعج أسلوبها والديها وسألوها عن سبب رفضها لكل شاب يأتي لخطبتها رغم أنهم شباب من أحسن الشباب خلقا ودينا، فأجابتهم لن أتزوج قبل أن أنهي تعليمي، فاحترم والديها قرارها.

عاشت سارة فترة طويلة مع ذكرياتها وتذكر كلمات حبيبها التي أذابتها حبا وحنينا واشتياقا لكل همسة وكلمة ونظرة من ذلك الحبيب الغائب.
ومرت الأيام تلو الأيام والشهور تلو الأخرى حتى جاء اليوم التي أنهت فيه سارة تعليمها، وتخرجت من الجامعة، ولم يمر أسبوعا على تخرجها حتى تقدم شاب خلوقا لخطبتها  ،، فاستقبلته عائلتها بالترحيب.

حيرة الفتاة في اتخاذ قرار الزواج

هنا جلست سارة حزينة  لا تعرف ماذا تفعل او ماذا تقول لعائلتها ها هي أنهت مسيرتها التعليمية التي كانت تتحجج لأبيها بها والآن لا يوجد عندها سبب لتقنع أهلها به لرفضها للشاب وهو من خيرة الشباب وأحسنهم خلقا  ،، تكلم معها والدها أن هذا الشاب لا يعوض وأنها لو رفضته سوف تندم لاحقا  ،، وأخبرها أنه أحب هذا الشاب ويتمنى منها أن توافق عليه  .. أمهلها والدها وقتا لتفكر وتعطيه رأيها ولكن قبل أن يتركها قال لها :: يا ابنتي اعلمي أني أريد لك الأفضل لتنعمي بحياة سعيدة وهذا شاب خلوق فلا تخسريه.

جلست سارة في غرفتها ولا تستطيع التوصل لقرار ،،  فتارة تفكر في حبيبها الذي ذهب ولم يعد ولم يترك لها اي وسيلة للوصول إليه  ،، وتارة أخرى تفكر بكلام والدها ورؤيتها لوجه أبيها الذي ارتسمت عليه علامات الفرح والسعادة عندما جاء هذا الشاب لخطبتها  ،، وجاءتها والدتها وتحدثت معها قليلا وقالت لها :: اسمعي يا ابنتي انتي تعلمين أنك ثمرة تعبنا وحبنا وابنتنا الغالية والوحيدة وإنا نحب أن نفرح بك في حياتنا قبل مماتنا ،، وهذا الشاب لا يعوض يا ابنتي سيكون خير الزوج الصالح والذي سيحترمك ويحبك وتعيشي معه في سعادة لأنه شاب خلوق  ،، قبلت الأم ابنتها وقالت لها: أتمنى أن تفكري جيدا يا حبيبتي.

هل ستوافق سارة على الزواج من الشاب الذي تقدم لخطبتها؟

مرت أيام وحان الوقت الذي سترد سارة فيه على أبيها ؛ فسألها والدها : ماذا قررت يا ابنتي؟ ؟ لم تجبه على الفور وأخذت تفكر في الحبيب الذي تركها لسنين ولم تعرف عنه أي شيء،، وتفكر في هذا الشاب الخلوق وتنظر إلى عيون والديها لترى فيهم الحيرة وانتظارهم لردها الذي سيحدد مصيرها  ،، وتذكرت كلمات امها تريد أن تفرح بها هي ووالدها قبل مماتهما  ،، فسمعت صوت أبيها وهو ينادي سارة ماذا حدث يا ابنتي فالتفت إلى والدها وقالت  : إني موافقة يا أبي  .. ففرح والديها بقرارها واحتضنوها وباركوا لها.

وتزوجت سارة ذلك الشاب ولكن لم تشعر معه بأي شعور  ،، فكانت تعيش مع زوجها جسد بلا روح ،، فحبها لذلك الشاب ما زال يسكن أعماق قلبها،، ومرت السنين وسارة تعيش حياتها مع زوجها الخلوق ولم تقصر معه أبدا فكان زوج صالح أحبها واحترمها  ،، وما كان منها إلا أن تبادله الاحترام، وأنجبت سارة أطفالا وعاشت مع عائلتها بسعادة.

صدفة جمعت سارة بحبيبها السابق

وفي يوم قررت سارة وزوجها الخروج في نزهة مع أطفالهم، وبالفعل خرجوا وتنزهوا وقضوا وقتا ممتعا سويا، ولعب الأطفال بالألعاب وجلست سارة وزوجها يتبادلون الأحاديث، استأذنت سارة من زوجها وذهبت لتطمئن على أطفالها وهم يلعبون، ذهبت سارة باتجاه أبنائها وفجأة تسمع صوت أذهلها صوت مألوف عندها لتتوقف قليلا لتسمع لعلها تتخيل وإذا بها تسمع نفس الصوت مرة أخرى، فاتجهت نحو الصوت وخطواتها بدأت تتباطأ وجسدها يثقل ويرجف هل أنا أحلم أم أنا في حقيقة.

وصلت ناحية الصوت ونظرت سارة إلى الشخص صاحب الصوت فإذا به يداعب طفلة صغيرة، لحظات ويلتفت ذلك الشخص وإذا بها تتجمد مكانها مصدومة بما رأته فحدثت نفسها نعم هو بعد هذه السنوات هو الذي انتظرته ولم يعد،، فنظر إليها فعرفها رغم مرور السنين الطويلة ،، سارة  !! سارة فإذا بها تعود لوعيها على صوته !

كيف انتهت قصة سارة والشاب الوسيم الذي أحبته؟

فقالت: أنت هنا !! أين كنت طيلة هذه السنين انتظرتك لسنوات على أمل أن تعود كما وعدتني،، تركتني وحيدة بذكرياتي التي آلمتني كثيرا  ، لقد أوجعني غيابك وعدم سؤالك طيلة هذه السنين وأنالا أعرف لك طريقا ولم أعرف عنك شيئا  ،، لم فعلت بي هكذا لم علقتني بك ومن ثم تركتني ولم تعد  …
قال : ظروف الحياة أجبرتني ومنعتني من العودة؛؛
قالت : وهل ظروف الحياة كانت أقوى من حبنا؟؟
قال : أعذريني والله ظروف كانت أقوى من كل شيئ
ونظرت إلى الطفلة التي كان يداعبها فقالت له : ابنتك ؟؟
قال : نعم …
قالت : له هل أحببت وتزوجت عن حب
فقال : نعم وقد أنزل عينيه ناظرا إلى الأرض..
وقال : ولكنك أنتي كل شيئ أنتي الحب الحقيقي في حياتي  ..قالت : والدموع تنهمر من عيونها  كيف انا الحب الحقيقي وأنت أحببت وتزوجت عن حب كيف؟؟
قال : اتضح لي أنه كان مجرد هروب لأهرب من ذكريات الماضي التي آلمتني، ولكني حقا لم أنساك يوما ولو حتى للحظة واحدة فقد كنتي معي في أبسط أمور حياتي  ،، فأنا أحببتك أنتي وكنتي عمري كله ..قالت : لم أكن عمرك بل كنت مرحلة من عمرك وانتهت بزواجي من رجل آخر وزواجك بامرأة أخرى..
قال : إن قلبي لم ينبض إلا لك فأنت من سكنت أعماقي وما زالت…
قالت : للأسف وما ينفعني قلب رجل منح جسده وحياته وعمره لامرأة أخرى… وأنا كذلك أصبحت حياتي مرتبطة برجل آخر… الحمد لله أنني تزوجت من هذا الرجل الذي أحبني بصدق واحترمني طيلةهذه السنوات،، ولو انتظرتك لكانت خيبتي وصدمتي أكبر من أن أتحملها….
فأنا انتظرتك كثيرا ولم تأتي  ،….
قال : خذلتني ظروف الحياة فخذلتك… سامحيني!
قالت : قد أسامحك يوما:: ولكن ماذا عن الألم والجرح الذي سببته لي أتعتقد أني سأنساه؟؟

وبدأت دموعها تنهمر من عيونها وهي تحاول منعها من السقوط ولكن دموعها خذلتها  ،..قال  :: دموعك كأنها سكاكين تقطع أوصال قلبي ،، وبكاؤك يحزنني ويقتلني  ..قالت : ولم تحزن فأنت من باع الود وابتعد …..قال : صدقيني مشاعري اتجاهك كانت صادقة ولكن ظروف الحياة اجبرتني ومنعتني من العودة  ….قالت : يكفي أنك تزوجت عن حب يكفي….تركته وهي تقول له : أتمنى لك السعادة بقدر الحب الذي أحببته لك  … وهكذا انتهت قصة سارة والشاب الوسيم الذي أحبته… أحداث هذه القصة حقيقة ممزوجة بنهفات من الخيال

بقلم: مرفت حسن عيد ابو رزق

فيديو مقال الحب في زمن النكران

 

أضف تعليقك هنا