دوامة الرأسمالية انهيار أم اندثار مُعجل؟!

منهج الرأسمالية هو سبب أزماتها المتكررة 

حاربت الملكيات الفردية لحساب جماعات مزعومة، اندثر أغلبها، وما برحت الرأسمالية تُحارب الجماعية جنباً إلى جنب الفردية، وكلتاهما (الشيوعية والرأسمالية)، لا تُلائمان الطبائع والفطرة البشرية السوية، حتى عززا الاحتكار وتمركز الإنتاج في دول دون أُخرى، وأفراد دون غيرهم، مربوطة على أُسس (النفعية والربوية)، فشكلت طُغم مالية تُعطي وتَحرم، تأمر وتنهي، تُعلن متى شاءت حروبًا دون أن تصنع سِلمًا، وأميركا الأنموذج الرأسمالي الأكبر، ولعل استهتارها بالنظام المالي الداخلي، هو سبب أزمة الائتمان المالي العالمي، وتعاظُم الديون الضخمة التي لا تقوى بعض دول أوروبا وأمريكا على سدادها..

آراء حول انهيار الرأسمالية والأنظمة الاقتصادية العالمية

لقد امتلأت أرفف المكتبات الغربية بالمؤلفات وحديثها عن سقوط غربي وبزوغ عالم جديد متعدد الأقطاب، ليخطو العالم بأسره خطوات نحو ركود شمولي، ذا تداعيات يتبدى أمامنا اليوم دمار نظامه الاقتصادي عالمياً، كانهيار الدولار رسول الرأسمالية، وفقدان الأخيرة خصائصها الأساسية. فما الذي ينتظرنا؟. وهل هو انهيار وفوضى، أم تكرار لشعبوية شيوعية فردية قادمة؟.. تربط الركود بالحروب التُجارية التي تَشُنها الإدارة الأمريكية الغير ناضجة.. وهو رآه المُفكرون والمنظرون على مدار 50 عاماً.. مع ظهور أول كتاب (نشوء وسقوط القوى العظمى) لـ (بول كينيدي) أواخر السبعينيات، وترجمتي لتنبؤات “نوستراداموس –  Nostradamus” عن دار النهار للنشر والتوزيع بالقاهرة، التي حوت أحداثاً كتلك الواقعية، وما جاء من نبوءات تحقق معظمها حول مصير الصين وآسيا والاتحاد السوفيتي وأمريكا.. ولعل المؤشرات الحالية، تُؤكد أن أكثر من 30% من الشركات الغربية، بما فيها الأمريكية، هي شركات مُفلسة فعليًا، ولكنها تعيش على “جهاز انعاش للتنفس الاصطناعي”، بمساعدة قروض مُيسّرة لأبعد حد، فمن أين تحصل عليها للآن؟!.

آراء متعلقة بالأسباب والعوامل التي ستؤدي إلى انهيار الرأسمالية

وفي الجانب الآخر تجد رؤية “فوكوياما” ببقاء القائد الأمريكي كقائد عام لمائة عام قادمة، لتصدُمهُ الحقيقة المؤلمة اليوم، لأن أمنيتهُ “لن تتحقق”.. بل حتى فكرة “صراع الحضارات” لصامويل هنتنجتون لم تعد مطروحة اليوم، ليكون أفول أو اضمحلال أمريكي لحضارتها كنظام سياسي واقتصادي، وكأنها فكرة بالية قديمة، بدليل أن تريليونات الدولارات واليورو وغيرها من العملات التي طُبعت “بضغطة زر”، لن تستطيع أن تمنع الانهيار، فقط تستطيع تأجيله، بل وعلى حساب تضخيم حجم الأزمة، تتجه الاقتصاديات الصاعدة نحو تفاهم وتعاون حضارات بدلا من تدمير أعمى انتهجته الإمبريالية الأمريكية والسؤال: هل الانهيار وشيك أم حادث لا محالة؟.. وهذا قولهم بأفواههم، بشرح الأسباب والعوامل التي ستؤدي حتماً إلى تآكل الرأسمالية كـ (الأرضة لعصا سُليمان).. فقد استفاض المتخصصين منهم الفرنسيين: (باتريك آرتو ومارى فيرار)، في شرح العيوب القاتلة للرأسمالية، بكتاب عنوانه (الرأسمالية في طريقها لتدمير نفسها)، مما جعل العُملاء يُديرون ظهورهم لها، لتكون الفكرة ونقيضها صُنوان لفيروس سيُسقطها عاجلاً أو آجلا، في رأي أهم كتاب: (انهيار العولمة) لـ رضا عبد السلام، وكذلك (انهيار الرأسمالية) لمؤلفه “شيفر”، وكتاب: (ما بعد الرأسمالية المتهالكة) لـ “سمير أمين”.

المنافسات الاقتصادية الشرسة في البلدان الغربية ما هي إلا دليل لسقوط الرأسمالية

لذلك تجد البورصات الغربية بعيدة عن الواقع، وتُحلق بأرقام وهمية لأعلى، بارتفاع أسهم شركات خاسرة، لا تُشهر إفلاسها، مما يعني أن المُنافسة غير شريفة، كونها (أُس) الرأسمالية، وكأننا نرى الاقتصاد الأمريكي والأوروبي قد أصبحا سوفيتيًا، وهو ما حذر منه مُفكري أمريكا أمثال: (تشومسكي وبول كينيدى والصحفيين فاريل ونيومان، وحتى رؤساء سابقين مثل كارتر) في رسالة تحذيرية للإدارات الأمريكية المُتعاقبة من إصرارها على الأسلوب اليوناني المُتغطرس، ودخولهِ من باب الافتراس والحروب من أجل تعبيد الطريق أمام رأسمالية عالمية لا تعترف ولا تعبأ إلا بتكديس تلال أموال، مهما كانت الأرواح، وهو ما حدث ببلداننا العربية وكثير من بلدان العالم العربي، واسقاط حكومات في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، جراء نزاعات وصراعات مُصطنعة، وما الحالة العراقية إلا مثال، وقد ظهر للعالم زيف الرأسمالية وعدم وجود نووي، ثُم المثال الأفغاني والخروج الأمريكي المُهين أمام أصحاب الجلاليب الجبلة الطالباني، ليخسر بايدن طريقه المليء بالخطايا الإدارية بعد فعلته الأخيرة ثقة أكثر من 80% من الأمريكيين وفق استطلاع رأي أمريكي.. ليخرج علينا كاتب أمريكي رابطاً بين حدث صغير كهذا وبين أمر هائل مثل تهاوى امبراطورية الغرب كلها؟ لا الرأسمالية وحدها، في مقال مُعنون: هل يُمثل انتصار طالبان بداية نهاية الإمبراطورية الغربية؟ كنظام اقتصادي فحسب، بل المنظومة ككل!، فكيف؟ ولماذا؟!!.

إخفاقات متوالية ومستمرة للأنظمة الرأسمالية 

لقد شوهد الرئيس السابق أوباما يحمل في يده كتابًا عن سقوط الغرب، وهو على سلم ُالطائرة، وكأنه يخشى هذا اليوم. وافقته تقارير البنتاجون بازدياد كراهية الرأسمالية وكثرة أعداءها، مما قد يُؤدي لحصارها وعُزلتها وهو الجاري حدوثهُ، والتاريخ شاهد بإخفاقات الرأسمالية.. واضمحلال الإمبراطورية البريطانية، وانكماش ألمانيا وأوروبا بعد حربين عالميتين فاشلتين. لتواصل أمريكا المستحدثة نفس النهج وترتكب ذات الأخطاء.. في فيتنام والعراق وأفغانستان، ثُم تنسحب بعد أكل خيراتهم. فماذا فعلت هي أمام كورونا الغير مرئي، وقد أكلها أكلاً، رغم تقنياتها ورأسماليتها الشمطاء؟.. إنها لا تتعلم أبداً، فالكساد العظيم وانهيار Wall Street  وفضيحة التجسس السيبراني الأخيرة كلها سقطات. صنعت لها أعداءها كُثُر، أجادت صناعتهم.

وقفة: الكون بسماواته وأراضيه وكل ما فيه وعليه نظام كامل مُتكامل، قوامه الاستقامة والعدل، لا العبث واللعب، لأنه ببساطة عقل هنالك خالق وهنالك خليقة ومخلوق، والحكم الرباني في الأخير عادلًا، فالجزاء من جنس العمل. وهذا هو ناموس الفطرة، التي لم يقُم نظام كالرأسمالية عليه، متكئاً في مبدئه على إطلاق العنان للغرائز الحيوانية، ونهايتهُ لا محالة السقوط والانهيار.

فيديو مقال دوامة الرأسمالية انهيار أم اندثار مُعجل؟!

أضف تعليقك هنا