رسالة العالٍم.. وواقع علماء الأمة الإسلامية اليوم

مكانة الرسول في الإسلام وأمانته في تبليغ الدعوة 

يقول الله تعالى في كتابه العزيز “إنما يخشى الله من عباده العلماء”، ويقول أيضا “الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا”، وحسب العالِم شرفا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مبينا شرف منزلته “إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين، حتى النملة في جحرها وحتى الحوت لَيصلون على معلم الناس الخير”.. أي يدعون له ويثنون عليه خيرا.. هي رسالة عظمى ملقاة على عاتق العالِم.. حتى يكون جديرا بهذا الثناء الرباني العاطر، وهذا التقدير النبوي السامي..

العالِم الإسلامي يجب أن يدرك أن الدعوة إلى الله  هي أمانة 

بل وأعظم من ذلك، هي تلك الأمانة التي قال المولى تبارك وتعالى فيها “إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا” … وما أعظم عقوبة خيانة الأمانة بوجه عام، فكيف بأشرف الأمانات وأعظمها، وهي أمانة الدعوة إلى الله تعالى، وتبليغ رسالة هذا الدين الحنيف القائمة على قيم المحبة والرحمة والسلام والتسامح… والمناوئة لكل مظاهر الكراهية والعنف والإرهاب والتشدد والانغلاق… فليتأمل ذلك من يتطفلون دون وجه حق على هذا الشأن -وكأنه أصبح متاحا لكل من هب ودب أن يدّعي لنفسه ما ليس له بحق- فيشوهون صورة الإسلام بأسلوبهم المتسم بالغلظة والقسوة.. ويسيؤون إليه أشد الإساءة حينما يسلطون سيوف التحريم على كل شيء جميل في هذه الحياة فنا وثقافة وأدبا.. إلخ، فهي عندهم حرام ما دامت تسر النفس وتسعدها، وتدخل عليها الفرحة والسرور.. فيا له من فكر عقيم يعادي الحياة ويمجد القتل والدم والإرهاب!!! إنهم لا يستحقون صفة الإنسانية -بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ سامية- فضلا عن شرف الانتماء للإسلام العظيم.. وفيهم قال المفكر الإسلامي الراحل الكبير محمد الغزالي رحمه الله تعالى: “إن انتشار الكفر في العالم يحمل أوزاره متدينون، بغّضوا الله إلى خلقه بسوء صنيعهم وكلامهم”..

الدعوة إلى الله تتطلب اللين والرفق في التعامل

لنتأمل جميعا كيف خاطب المولى تعالى سيدنا موسى وأخاه هارون -عليهما السلام- في شأن فرعون: “اذهبا إلى فرعون إنه طغى، فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى”.. إذا كان هذا لطف الله تعالى بفرعون الذي قال “ما علمت لكم من إله غيري” فكيف بمن يقول “لا إله إلا الله” ؟؟ ومن أين للمتشددين أن يتأملوا وهم منزوعو العقول.. أو أن يتدبروا وهم عميان البصيرة.. أو أن تلين قلوبهم وقد ختم الله عليها فأصبحت قاسية، مغلقة عن استقبال الأنوار والرحمات الإلهية التي وسعت السموات والأرض ومن وما فيهن..!!

الدعوة إلى الله لا تكون بالتشدد والتعصب

بهؤلاء ابتُليت دول عدة – وتحديدا الدول التي شكلت منطلق ما سمّي “بالربيع العربي” الذي تحول إلى خريف أتت ناره على الأخضر واليابس، وأهلكت البلاد والعباد بل والشجر والدواب حتى أصبح الكثير من أبناء تلك الدول لا يخفون حنينهم إلى سابق عهودها قبل ذلك الخريف المشؤوم “ولا ينبئك مثل خبير” -..

والحمد لله الذي سلّم علماءنا ودعاتنا الكرام من لوثة التشدد هذه.. وعندنا بالمغرب الحبيب -ولله الحمد والشكر- مجلس علمي أعلى ومجالس علمية محلية تسهم في إزالة الغموض والإشكال الذي يساور العديد منا في بعض الأمور ذات الصلة بالشأن الديني.. سواء ما يتعلق منها بالعبادات أو بالمعاملات.. على ضوء كتاب الله الكريم والسنة النبوية المطهرة.. ووعاظ ومرشدون يبينون بأسلوب محبب إلى النفوس سماحة الإسلام والخُلُق القويم الذي يجب أن يكون عليه المؤمن في مختلف أحواله.. وصدق الله إذ يقول “قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب” …

فيديو مقال رسالة العالٍم.. وواقع علماء الأمة الإسلامية اليوم

أضف تعليقك هنا