قتال المختلف

ما المشاكل التي تسببها الاختلافات بين البشر؟   

الضخ الديني المؤدلج المتخندق كل مع جماعته ولهم ومنهم ، جعل منا وخاصة الجيل الأربعيني إلى الخمسيني والذي عاش ذروة ما يسمى بفترة الصحوة (والحقيقة أنها فترة الغفوة والانقياد الأعمى) ترسبت في أنفسنا خرسانات صلبة متكلسة من المواقف والمفاهيم العدائية تجاه كل من يختلف معنا وكل في خندقه ويخطط لنفي والتخلص من المختلف أيا كان، هذه التربية والتعليم كانت وراء كل الكوارث النفسية الحاقدة المتأزمة المريضة المرتبكة التي ترى وجوب عدم التعدد و الاختلافات في الطريقة أو المنهج للوصول إلى عبادة الله، فكل الفرق كانت ترى نفسها الفرقة الناجية، ولا ضير في ذلك إلا أن كل الضير أن تعتقد بذلك ومعه تظن وجوب التخلص من جميع المخالفين لطريقتك واعتقاد أن البقاء لمن هم على منهجك أنت فقط، بل تعدى ذلك إلى حب ومناصرة والترحم والوقوف مع كل من ينكل بالمختلف عنك حتى لو قتل وجزر وفجر وخرب وفسد في الأرض.

عندما تحدث الاختلافات فإن الغاية الأساسية هي التخلص من المختلف

فالهوس فينا ليس الطريقة ولا تقيمها بل هو في الغاية وهي التخلص من الآخر وتشريده مهما تعددت وسائل الإجرام والطغيان والشيطنة، لا يهم بل المهم أنه عمل عملا حسنا في صب إجرامه وسوء عمله على المخالف الذي يؤرقنا ومهوسون بوجوده ومنشغلين عن الانتاج والعمل والتعمير بتعذيبه ونبذه، وهناك من كان يصرخ بأعلى صوته أنه لسنا معنيين بأي قضية في العالم ولا تهمنا بل الاهتمام هو تنقية العقيدة من أولئك المخالفين، فجاء بكونتينرات وحاويات ضخمة من الخطب والكتب والدعويات تشحن نفوسنا تجاه المخالف ممن نشترك معهم الأرض والمأكل والمشرب وجميع الخدمات من التشافي والتعليم والشوارع والوطن.

الشعوب ضحية لصراع وهمي وخطط ممنهجة

نحن جيل 1980-2010م الجيل الضحية وللأسف أنه منغمس مشرب حتى الإشباع الذي يصعب فيه تغيير ما في النفوس من تكلس براثن ذاك الضخ الممنهج حتى أن الكثير ما إن تسنح له فرصة نبذ الآخر دون أن تطاله يد القانون حتى يتقيأ من تلك الأحقاد والضغينة التي ملئ بها ويعتقد أنها هي العقيدة الصحيحة الحقة ولا يرغب أن يكتشف أنها كانت خدعة ووهم خطط له كي يكون وقود قتال يقتل ويقتل به وصراع وهمي تماما بين الإخوة في الدين أو الإنسانية، وأنه تمت برمجته لغرض انتهى وعليه أن يكنس ما علق به من أوساخ تلك الحقبة المشوهة لنا جميعا.

هنا على الجيل كله أن يعي أن الأمر تغير تماما وأن استيراد تلك الأفكار واستحضارها من الذكرة قد يكلفه السجن والملاحقة القانونية والتقاضي فلم يعد الوضع كما كان في نبذ الآخر أو إظهار العداء له وإبراز الضغينة أو التنابز والفسوق في أي كان ومهما كان، تلك أفكار شيطانية زرعت لتحصد في أغراض كانت وانتهت، وعلى الجميع التعايش في ظل القانون والنظام الذي يسري على الجميع وسيعاقب المتجاوز مهما كان شأنه وما يعتقد أنه قد يحصنه من القانون.

علي البحراني – 2021/2/22م

فيديو مقال قتال المختلف

أضف تعليقك هنا

علي البحراني

علي البحراني