أخرجوها من القوقعة

أما القوقعة فهي آلامنا وآمالنا الدفينة، وهي تظهر بصور متعددة، وجوانبها شتى، ولكني سأتناول بعضًا منها، وأقول أخرجوها من القوقعة علّ كلماتي يكون لها وقع على أذهان البعض، فهل أنت مستعد لقراءة هذه الكلمات عزيزي القارئ؟

أفكار في القوقعة

هنا القوقعة هي ماضٍ غذِّيَ به ذهن بعض البشر، وهي حاضر ملازم لهم، يسير معهم كظلهم، محاصرٌ لهم ومعاديهم، فهو ثورتهم الداخلية على عقلهم الباطن ولكنها تأبى النهوض، بل وتزيد من قضبان سجّانها يومًا بعد يوم، حتى يكون الإفراج عنه زائر من أرض المحال، فأنى لكل منهم أن يخرج من قوقعته.

هذا حال من يأخذ أفكاره التي ورثها من منذ طفولته، ويضعها مبدأ للإحداثيات، فلا نقاش ولا جدال؛ فهي مركزٌ للكون وغيرها خارج المجرة تائه عنها، ولئن عرضتَ عليه فكرة تنافي ما بداخله يثور البركان الذي فيه؛ وهيهات له أن يخمد، ولئن أتيته بكل آية ما تبع غير قبلته.

إناث في القوقعة

حديثي عن الأنثى، نعم الأنثى وما وجه الغرابة في ذلك؟ أعلم أنه سيأتي من يقول تمهلي؛ فالأنثى فاقت الرجل في نيل حقوقها، بل وتجاوز الأمر حده في ذلك، وأنا أقول نعم، إذًا فلماذا هذه الجلَبة، دعينا نكمل أعمالنا فلا وقت لدينا.

حديثي أيها السادة عن الأنثى التي قُيدت بأسلاك شائكة؛ ليس لأنها أم وزوجة وو..بل لأن لسانها كُبِّل بأقفال وسلاسل، حتى رأيها قد وجد له مهجعًا فنسي أن يفيق، فألفت الرقاد وألفها، فهل هي أم وزوجة فحسب، فالرأي والاجتهاد لا يُنقص من قدسية أمومتها ولا من مكانتها كزوجة، وكم هنّ كُثُر في عالمنا المنسي، ف أخرجوها من القوقعة وأعدوا لرأيها متكًأ فالأمر ليس محال.

رجالٌ في القوقعة

وأَخصُّ ما يُذكر هنا هو بعض الموظفين العرب، فالموظف هو ذلك الرجل الذي يعمل وزوجته خارج المنزل، وتعمل زوجته كثيرًا داخل المنزل، ويتكئ كثيرًا على أريكته التي تتفقده في حال غيابه، ويقارن كثيرًا بين الرشأ التي تطل على شاشة التلفاز وبين الغفير الذي يتجول حوله، فأنيروا دربه وأفكار حب الخير لديه أخرجوها من القوقعة  ليشمر عن ساعديه كي يشاطر تلك الأنثى -المزيفة- جزءً من أعمالها، كي يراها بعد ذلك شادن يتلفت حوله.

تلاميذٌ في القوقعة

التحقوا بمدارسهم ونالوا شرف الصف الأول والمراتب العالية، ولكنهم لم يدركوا أنهم قد صُهروا بتلك البوتقة، بوتقة التخلف! نعم بوتقة التخلف التي تُقدمها المدارس الزائفة ذات المناهج الزائفة، التي لا تنمّي سوى ببغاء دماغهم؛ وتجمدها بعواصفها الثلجية، أما آن الأوان كي نخرجهم من هذا المستنقع البالي إلى عالم الاستكشاف والتجريب، أنقذوهم؛ وأدمغتهم الفتية أخرجوها من القوقعة كيما تبقى حبيسة التخلف الذي ملأها، فتتحول لتراكم معلومات تتلبد فيها ثم تمطر على أرض جرداء وتزول.وبنهاية المطاف لا أقول سوى أن الحديث يطول، ولا مجال لحصر أفكارنا فحرروها وأخرجوها من القوقعة علها تجد ملاذًا وطريقًا آمنًا.

بقلم: هبة عامر

أضف تعليقك هنا