أي نوعٍ من البشر

أي نوعٍ من البشر لا ينبغي أن تقول عنهم ذلك؟هكذا قال الشاب -ذو العشرين من عمره، بشرته تميل إلى السواد، لبسه أنيق بنطال بني غامق وقميص فستقي-.

  • لم أقل إلا ما هو حق.
  • أظنك نسيت أنهم بشر، ومن بني آدم.
  • لا. لم أنسَ.
  • ألم تقرأ قوله تعالى “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً” (70)الإسراء، ومن مقتضيات هذا التكريم عدم وصفهم بماذكرت، فتلك الصفات أقرب للحيوانية منها للإنسانية.
  • بل أزيدك:الآية جَمَعَتِ خَمْسَ مِنَنٍ: التَّكْرِيمَ، وتَسْخِيرَ المَراكِبِ في البَرِّ، وتَسْخِيرَ المَراكِبِ في البَحْرِ، والرِّزْقَ مِنَ الطَّيِّباتِ، والتَّفْضِيلَ عَلى كَثِيرٍ مِنَ المَخْلُوقاتِ.
  • يا سلام.

صور تكريم الله للإنسان

  • وأكثر فمن صور التكريم أنَّ الله خلق آدم بيديه، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة بالسجود له، ووهبه العقل والإرادة.
  • هذا أدعى لما أقوله لك.
  • وأزيدك من الشعر بيت، اسمع هذه الآية :”وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)” الجاثية، أظنك لاحظت أنه بدأ بـ”لكم” لبيان التأكيد بأن ما في السموات وما في الأرض مسخر لنا، ثم كرر “ما في” السموات و “ما في” الأرض، وزيادة التأكيد لجميع النِّعم قال “جميعاً”، وهل هناك تكريم لبني آدم أعظم من أنْ يُعدّ لهم مُقوّمات حياتهم قبل أنْ يخلقهم؟ لقد رتَّب لهم الكون وخلق من أجلهم الأشياء.
  • سبحان الله، كل ما في السموات وما في الأرض! ما أكرم الله على بني الإنسان، ثم يُكمِل
  • أبعد كل هذا المنن والتفضيل، تقول عنهم ذلك.
  • دعني اسأل سؤال: هل مدح القرآنُ الإنسانَ؟
  • طبعاً.

صفات الإنسان التي ذكرها القرآن

  • دعني أسرد عليك ماذكره القرآن عن بعض سمات “الإنسان”: ضعيفاً، ظلوم، كفّار، خصيم مبين، عجولاً، كفور(أكثر من ثلاث آيات)، قتوراً( مقتراً ضيقاً وبخيلا)، أكثر شيء جدلاً، ظلوماً جهولاً، هلوعاً(كثير الضجر لايصبر)، ليطغى، كنودٌ لربه (جاحدٌ لنعمه).
  • يكفي، كل تلك الصفات السيئة في “الإنسان”؟ لكن ماذا عما ذكرته من تكريم ومِنن.
  • ذالك لبيان بعضِ منن الرحمن لبني الإنسان.

الآيات التي ذكرت المؤمنين والصالحين

  • لكن، لحظة ماذا عن المؤمنين والصالحين، ألم يمدحهم رب العالمين في كتابه المبين؟
  • يا سلام، تلك هي مربط الفرس، حين وهب الله الإنسان تلك النعم كان ذاك لغايةٍ محمودة وقضيةٍ منشودة، فكل المنن تساعد الإنسان على اتخاذ القرار السليم بالإيمان بخالق الأكوان والإنصياع له في كل زمان و مكان، والموفق والعاقل هو الذي يتوافق مع الكون فيُسلم لخالقه ويرتضي منهجه، سأقرأ عليك بعض الآيات لعلك تشاطرني التفكير فيها:
  • وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)العصر.
  • “إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ(23)..” المعارج
  • “لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) التين ، ماذا لاحظت؟
  • لا أدري بالضبط، لكن أظنه الإستثناء.
  • أحسنت، فالخسارة، والهلوع، وأسفل سافلين وغيرها متحققة لكل إنسان، إلا الذين آمنوا، فمَن حقق شرط الإيمان دخل في دائرة الثناء والإحسان.
  • ومّن لم يحقق الشرط أي مَن لم يؤمن؟
  • يستحق الخيبة والخُسران، فقد أُعطي الكثير وطُلب منه القليل، فهو مستحقٌ للذَّم بل والنكال، ألا تقرأ في سورة عبس قوله تعالى :”قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17)” أي لُعِنِ ما أشدَّ كفره وهذا استفهام توبيخ، فأي شيء دعاه إلى الكفر والبراهين أمام ناظريه وإحسان الله إليه، فهو معاندٌ للحق بعدما تبين له.
  • لا حول ولا قوة إلا بالله.

متى يكون الإنسان العاقل المفكّر أضل من الأنعام؟

  • وحتى يتضح لك سببَ مقالتي التي أزعجتك، إليك هذه الآية:” وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) الاعراف.
  • سبحان الله أيكون الإنسان العاقل المُفكر العبقري المُكرَّم أضل من الأنعام وهي الحيوانات؟
  • نعم، لأن الأنعام تُبصِر منافعها ومضارها وتتبع مالكها، وهم بخلاف ذلك، خُلقت لهم الأفئدة والأسماع والأبصار لتكون عوناً لهم لتحقيق المنشود، فاستعانوا بها على ضد هذا المقصود، وأصروا بعد البيان واستمرو في العصيان، أظنك عرفت لماذا قُلت مقالتي عنهم.
  • لكنهم أفضل منا في الأمور الحياتية من الصناعة والتجارة و غيرها، وحتى في الأخلاق الظاهرية.
  • نعم، وأنا لم أنكِر ذلك، لكن أُنكر على مَن يفضلهم علينا بالإطلاق، فمهما كنا في غفلة وبعد عن أخلاق ديننا إلا أننا لا نزال في دائرة الاسلام، وفي المقابل هم مهما كانوا من أخلاقٍ عالية (ولي تحفظٌ على ذلك) فلم يحققوا الشرط فلا يزالون في دائرة “بل هم أضل“.
  • أرجو أن نحقق الشرط كاملاً لنترقي في الدنيا والآخرة.
  • وأنا معك في ذلك، ولكن هذا لا يعني أن نعاملهم بسوء الأخلاق، بل على العكس نعاملهم بنفس المنهج الذي نؤمن به، فالذي أمرنا بالإيمان أمرنا بحُسن الخلق مع بني الإنسان ولا تدري فقد يكون حُسن تعاملنا معهم دافعاً لهم للتفكير ثم الهداية، والعكس صحيح.
  • على فكرة أنت قلت أن تلك المِنن للإنسان لتحقيق غاية مقصودة، فما تلك الغاية وكيف نحققها ولماذا لم يحققها المؤمنون و…
  • على رسلك هذا سيلٌ لا قِبل لي به، دعنا نبحث سوياً ونلتقي في وقت آخر، أما الآن فقد كَثُر الكلام و طال المُقام، فإلى لقاءٍ آخر، والسلام.

فيديو مقال أي نوعٍ من البشر

 

أضف تعليقك هنا