الإبداع القصصي “هيثم العوادي” أنموذجاً

تعد القصة القصيرة خير مصور للجانب الإنساني في الحياة فهي تستمد معانيها ومفرداتها من المجتمع وإرثه، إذ تقوم غالبا بتصوير جانب من جوانب حياة شخص ما، أو تقوم على تصوير موقف ما بشكل مكثف ماجعلها مثار اهتمام النقاد من الباحثين والاكاديميين والمهتمين.

الإبداع في توظيف عناصر القصة لدى “العوادي”

وحين تتطلع نظراتنا إلى رفوف الكتب لتتعرف على المجموعات القصصية العراقية التي تقف بين الكتب الأدبية الأخرى، نرى الكثير من جمالية هذه القصص لاسيما لدى القاص العراقي “هيثم العوادي” الذي نجد في قصصه كما وافيا من حيث مباديء الوحدة والتكثيف والبناء وابداعا متناهيا في توظيف عناصر القصة من الشخوص الى المكان الى الزمان الى الحبكة القصصية والصراع ثم النهاية عبر لغة جميلة تأخذ أكثر من شكل فمنها الحوار القليل ومنها السرد الوصفي.

مميزات الكتابات القصصية لدى “العوادي”

القاص هيثم العوادي الذي ولد في بغداد عام 1970 ويقطن كربلاء المقدسة حاليا يقول في قصته القصيرة ( الرصاصة الأخيرة ): (المجرم الذي يحملني يكاد يطير فرحا كي يريق دمائهم، وقد تصل به الحقارة لان يتوضأ بها كما صرح بذلك، يصفهم بأقذر الكلمات، لقد جاء من ابعد نقطة في العالم لكي يجاهد، ترك كل قضايا الكون وجاء يسلب الأحلام من الطامحين والعشق من العاشقين، جاء ينبش تلك البذرة قبل ان تنبت جذورها، ويشتد عودها) وفي هذا النص نشاهد جمالية المعنى وترابط العبارات والسرد الوصفي اذ وظف الكاتب لغته البلاغية العالية لتخدم الفكرة التي اراد التطرق إليها وهو ما تميز به القاص في أغلب كتاباته.

كما نشاهد في قصته القصيرة جدا ( بروباغاندا ) التي يقول فيها : (في وهجِ التاريخِ، تقيَّأتْهمُ السفنُ على سواحِلنا، مُدَّتْ حرابُنا الطوالِ، قذفَتْهم في بطونِ الغربِ… حينَ ترَكوا حصانَهُم الخشبيَّ؛ استحالَ مسخًا، ما إنْ واقعَ أرضَنا البِكرَ؛ وُلِدنا خانعين) وهو نص قصصي غاية في التركيز والمعنى وبالإجمال فإن كتابات العوادي القصصية امـتازت بلغتها السلسة الواضحة السهلة الممتنعة، مع إيحاء مفيد لحكائية وسرد جنس القصة القصيرة جداً ، ورمزية معبرة بجـمل بلاغية قصيرة بلا إغراقٍ في الغموض وعرض الأحاجي والألغاز التي لا تفك عقدها، مــع تنوع قادر في طرائق وأساليب القص وإثرائها بشكل جيد، وإحاطة لموضوعات إنسانية اجتماعية ما بين السطور.

المراكز والجوائز التي حصل عليها “العوادي”

العوادي وعبر أسلوبه الكتابي للقصة القصيرة أوجد لنفسه مكانا بين خيرة كتاب هذا الفن الأدبي فانطلق ينشر ما تجود به قريحته الأدبية ليحرز العديد من الإنجازات عراقيا وعربيا فنال المراكز الاولى في عدة مسابقات منها رابطة السرد في العراق والعالم العربي ولمرتين و رابطة الديوان وطن الضاد لمرتين أيضا.

وحصل على المركز الثالث في مسابقة خبر الدولية بمشاركة اكثر من 263 متسابق عربي وعراقي وفوز قصته (هولوكوست بابلي) بالمركز الاول والحصول على لقب القصة الذهبية لعام 2020 في مجلة دمياط بجمهورية مصر العربية، وحصولها على المركز الاول في مجموعة الهراديبية السورية, وفوز قصته القصيرة (رسالة خوف) بالمركز الاول في الرابطة الموريتانية للقصة القصيرة والقصيرة جدا لعام 2021 وغير ذلك من عشرات الجوائز القيمة.

بقلم: فاضل البديري

 

أضف تعليقك هنا