إخوتاه

يا اخوتاه

ليس ضرورياً أن أعرفك، وليس ضرورياً أن تعرفني.

وليس مهماً أن أراك، وليس مهماً أن تراني.

قد نكون بعيدين عن بعض ولكن أشعر بك

وليس واجباً أن أقابلك، وليس واجباً أن تقابلني./

قد نكون بعيدين عن بعضنا مئات وربما الآف الكيلومترات، وقد لا تتسنى لنا الزيارات.

لكن جزماً أشعر بك، وجزماً تشعر بي.

ويقيناً أني أرافقك، ويقيناً أنك ترافقني.

ليس هذا ضرباً من القول، لكنه حقيقة في الفعل.

الأخوة تبقى أخوة حتى لو تباعدت الأزمان

في الأمس استشعرتكَ واستحضرتكَ حين كنت استمع إلى بعض الآيات القرآنية والكلمات الربانية، خشع قلبي وكادت دمعتي تهطل شوقاً لك ورغبة في رؤياك.استرجعت بعض أيام الخلوات مع الله وأنت تشاطرني ذلك وإن كنتَ بعيداً، فدعوات الأسحار كنا نشترك فيها وإن تباعدت الأقطار، واقشعرار الأبدان من خوف ربنا الرحمن جعلتنا أخوة من كل مكان وإن اختلفت الأزمان.

لا تظن أني نسيتك وكيف لي أن أنسى قطعة من روحي

لا تظن أني نسيتك!، وكيف لي أنسى قطعة من روحي، وأنى للأسماك أن تعيش بلا ماء. لما علمتُ أنك تحترق مثلي ويعتصر قلبك حسرة وألماً، جال في خاطري قول سفيان الثوري -رحمه الله-:”” إني لأرى الشيء يجب عليَّ أن آمر فيه وأنهى عنه، فلا أفعل، فأبول دماً”، وأعلمُ أنك تبتلع مرارة الصبر كل لحظة وتتجرع الآمه، وأعلمُ مقدار مناصحتك ودعوتك لأمتك للخير والنجاة، فكيف وأنك تراها تسير -بل وتدعوك- إلى النار فاستمعت للقارئ ﴿ وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ﴾ (41) غافر هكذا هم عباد الله الصالحون شفقة ودعوة ورقة.

الأخ الرفيق الذي جمعتنا معه صحبةَ خير ومجالسَ ذكر 

كم هي صورة جميلة، وأنا استجمع ذاكرتي وارجع إلى الوراء قليلاً، فإذا بذلك الأخ الرفيق الذي جمعتنا معه صحبةَ خير ومجالسَ ذكر وعملَ بر ودعوةً وأجر، وأظنك كذلك، نعم فقدناهم في الحياة الدنيا، نعم رحلوا عنا، نعم لم نعد نراهم، لكن تلك الكلمات الرباينة تسليةً لنا: ﴿ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ” فهنيئاً لمن حاز ذلك، وأسأل الله أن يجعلنا من الفريق الثاني :” وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ”، ولكن ليس أي انتظار وإنما:”وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)الأحزب﴾ نعم هذا هو الشرط والذي الذي تدعو لي به، وأدعو لك أيضا لا تبديل لا تحريف لا حيادة عن الطريق حتى يأتي وعد الله.

قد نكون قلة وربما أقل من القلة، لكن ليس مع الله قليل، وليس مع الحق استوحاشٌ ، ليس مهماً أن نكون كثير لكن المهم أن نكون مؤمنين صادقين ثابتين، فلا تغتر بكثرة باطلهم، ولا بزيف بهرجتهم، ولا بقوة سطوتهم، فقلوبنا تردد ما ذكره أسوتنا وقائدنا وهو يناجي ربه”إن لم يكن بكَ عليَّ غضبٌ فلا أبالي“، ولنناجي ربنا بتلك الأبيات:

فَلَيْتَكَ تَحْلُو، وَالحَيَاة ُ مَرِيرَة ٌ ***   وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالأَنَامُ غِضَابُ

وَلَيْتَ الّذي بَيْني وَبَيْنَكَ عَامِرٌ   ***  وبيني وبينَ العالمينَ خرابُ

إذا صَحَّ منك الودّ فالكُلُّ هَيِّنٌ *** وكُلُّ الذي فَوقَ التُّرابِ تُرابِ

لا تسمح لنسمات اليأس أن تتسلل إلى قلبك العامر

كن على يقين أنه كلما أشتد الظلام فهو دليلٌ على قرب الفجر، وأن النصر مع الصبر، فلا تسمح لنسمات اليأس أن تتسلل إلى قلبك العامر، ولا تلوث أذنيك بكلامٍ خاسر ، ولا تؤذي عينيك برؤية الفاجر.بلا شك تصلك الرماح الصوتية والسيوف الكلامية وربما القنابل اليدوية لتحرفك عن الحق بحسن نية أو خبث طوية، فالمحبون مشفقون لكن نيتهم الصافية لا تعني سلامة الطريق.

فعلامة الصواب موافقة الحق الذي كان عليه قائدنا العظيم ورسولنا الكريم ﷺ وصحابته الكرام و التابعين لهم بإحسان من البيان بلا كتمان ولا تلونٍ من أجل رضا بني الإنسان، فلا تأخذك في الله لومة لائم مهما كان ،وكل هذا بلاتهور ووفق منهج ربنا الرحمن.

أنت أدرى مني بزادنا ليلاً ﴿ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)المزمل﴾” وفي النهار ﴿ قُمْ فَأَنذِ (2) ﴾ المدثر وفي أثناء ذلك كله﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾ الأحزاب، لكني أحببت التذكير فالذكرى تنفع المؤمنين، قد تقع ضحيةً لمسِ طائفٍ من  عدونا الأول فلا تستسلم بل انهض واستحضر لتُبصر “﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) ﴾ الأعراف فما أجمل التعبير بـ “الَّذِينَ اتَّقَوْا” فمع تقواهم لم يسلموا، فمَن تجذَّر الإيمان في قلبه أرشده إلى السير في درب ربه فمزجَ العلم بالعمل والألم بالأمل بلا تعب ولا كلل –وأظنك منهم-.

غداً سألقاك وتلقاني في الفردوس الأعلى

لا أدري إن كانت كلماتي تلك تصلك، ولا أدري إن كان في العمر بقية لنلتقي، لكني على يقين أنا غداً سنلقى الأحبة محمدٌ وصحبة، حينها ستراني وأراك، وتلقاني وألقاك وتقابلني وأقابلك، ليس في الجنة بل في الفردوس الأعلى –وماذلك على الله بعزيز- هذا إن لازمنا الثبات حتى الممات فالثبات الثبات وإلى ذلك الحين استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.

فيديو مقال إخوتاه

أضف تعليقك هنا