أبناء السنديانة

كان في حيّنا شارع تلتف حوله شجيرات الياسمين

تعانق ارصفته اسوارا، تضم في ثناياها اشجار المندرين

في أوله شجرة باكية فقدت أوراقها بريق روعتها

إلا أنها بقت كأم حنون تظلل أبناء الطريق في ظلها.

كانت ضحكاتنا تجوب الحارات من أوّلها إلى آخرها

في آخره سنديانة أطلت في رشاقتها على الوادي

كانت ملتقى العشاق ومن تسامر في الليالي السوادي.

لم يكن لدينا هما ولا حزنا ولا ألما

فكانت ضحكاتنا تجوب الحارات من أولها الى آخرها

قلوبنا تتراقص حول الهوى وبسجن اللوعة مأسورين

وصوت الكرة تنادي وهي تطبطب على طرقات الحارة

وفي مفترق الزقازيق نتراهن على من منا أكثر شقاوة.

نحفر في كعوبنا أرصفة الطرقات …

كالجهابذة الجبارين بأساطير البطولات!

عاشقين ولهانين، نغزل الأشعار في رائحة الياسمين

قلوبنا تتراقص حول الهوى، وبسجن اللوعة مأسورين!

كان في حيّنا وادٍ كان للمغرمين ملاذ

كان في حيّنا وادٍ

كان للمغرمين ملاذٍ.

تسكنه اشجار التين …

كنا نغزوها غير آسفين!

كان في حيّنا أجمل نساء الدنيا

كان في حيّنا أجمل نساء الدنيا

عندما كان حيّنا هو الدنيا!

كتبنا في حلاهم أفظع أبيات الشعر …

ألفنا ملاحم، وأمطرنا دموعا من القهر.

سافرنا في قسامتهم حتى تعبنا من السفر …

متنا وبعثنا أحياء في بهاء نضارتهن …

وغيرهم لم نبصر.

سوف أحدثكم بعض الوقت عن سحر شفاهن …

سوف أقول لكم ما لم يُقال من قبل في عالم الجمال

وعن وضاءة عيونهن …

وروعة الميل في اجسامهن.

سوف اقول لكم ما لم يقال من قبل في عالم الجمال.

أتذكرون قصائد قيس وعنترة، تلك التي بكوها على الأطلال؟

هل عشقتم لدرجة أن نظرتم الى السماء، فلم تجدوا أثرا للهلال؟

نساء حيّنا نسجوا صرحا من الخيال

نساء حيّنا نسجوا صرحا من الخيال!

وجعلوا من دموعهن أفخر أنواع الأعسال …

ولو كان قيس في حيّنا، لما بكى الأطلال!

فقلب ليلى سكن نساء حيّنا وطاف في دجى الليال.

لم نغضب يوما من حينا …

أقسمنا بالولاء لسنديانة شارعنا

وأقسمنا بالولاء لسنديانة شارعنا …

وقدمنا الولاء لتلك الباكية على ناصيتنا …

وتعاهدنا بأن نموت ونحيا تحت ظل أغصانها …

وأقسمنا في قلوبنا بأن نخلص لطعم المندرين …

وأن لا ننسى يوما عطور الياسمين.

كان في حيّنا أوطانا لم تقسمها حدود

كان في حيّنا أوطانا لم تقسمها حدود.

تجوبها مشاعر الأخوة بقلب واحد ودود.

في حيّنا كانت تسافر الدنيا …

تسقط نجوم وتعلوا أكوانا …

وتسطع الشموس حتى تنير حيّنا.

لم نبخل يوما وقدمنا لحيّنا أغلى ما لدينا.

فهذا حيّنا … لا يموت أبدا

فهذا حيّنا … لا يموت أبدا!

فقد خلدته الآلهة تخليدا!

وطوقته بسور منيع لا يقبل التهديدا …

دفن في ثراه بواسل زادو عن الف شهيدا.

سنبقى أبناء السديانة.

سنبقى عاشقين لرائحة الياسمينة.

وستبقى أمنا الى الأبد تلك الشجرة الباكية.

اليك … نهديك النفس والنفيس يا حيّنا.

فيديو مقال أبناء السنديانة

أضف تعليقك هنا