أساليب جمع المعلومات في البحث النوعي

بقلم: صفاء جمال صبحي عبد القادر

مقدمة

تعد مهمة جمع المعلومات في كتابة البحث النوعي كغيره من مناهج البحث العلمي من المهام الرئيسية والتي تتضمن الأدوات والوسائل التي يتم استخدامها في الدراسة لمساعدة الباحثين للوصول إلى البيانات اللازمة التي تخدمهم في بحثهم من خلال أساليب وطرق مناسبة لجمع المعلومات.

إن البحث النوعي يحتاج إلى دراسة معمقة باستخدام الأسلوب المباشر في جمع المعلومات من الأفراد في مواقعهم الطبيعية، ويفسر الظاهرة بالمصطلحات والمعاني التي يأتي بها المشاركون أنفسهم.

فاستخدام الأساليب النوعية في بحث الظواهر التربوية سوف يسد ثغرة عميقة في البنية المعرفية في المؤسسات التعليمية، ويقود إلى فهم أوسع وأعمق للواقع، ولاسيما في المجتمعات التي يعد الاستتار فيها سمة بارزة، بحيث يمكن القول إن المعلومات المستترة أو المسكوت عنها لا تقل أهمية عن المعلومات الظاهرة، بحيث لا يمكن الوصول إلى هذه المعلومات بالطرق الكمية.

أولاً: مفهوم المعلومات والبيانات

  • تعريف المعلومات والبيانات: هي مادة البحث النوعي، وهي التي تبعث الحياة فيه، فبدون بيانات وبيانات عميقة وكافية لا يمكن أن يكون هناك نتائج جيدة.
  • الفرق بين البيانات والمعلومات:

البيانات

المعلومات

حقائق خام أولية لا يمكن الاستفادة منها بصورتها الأولية (عديمة الفائدة) مجموعة من البيانات التي تم تنظيمها وتنسيقها في إطار يجعل البيانات ذات قيمة

مصادر البيانات في البحث النوعي

هناك ثلاثة مصادر لجمع البيانات في البحث النوعي، وهي كما يلي:

  1. ما يقوم به الباحث من ملاحظات، ومشاهدات ميدانية يسجلها كما يراها.
  2. ما يسمعه الباحث من مجتمع البحث إجابةً على الأسئلة التي يطرحها عليهم، والتي تتضمن مشاعرهم والمعاني التي لديهم.
  3. النصوص المرقومة، سواء على شكل كتابة أو شكل صور أو على شكل مصنوعات يدوية فنية.

ثانياً: خصائص المعلومات في البحث النوعي

تشترك المعلومات في البحث النوعي في عدد من الخصائص كما يلي:

  1. الوصفية: تنحو المعلومات منحى الوصف لما يحدث في سياق الباحث، فالباحث يصف، ويسجل ما يراه أمامه أو يسمعه.
  2. الباحث هو أداة الجمع: الباحث هو الذي يتولى بنفسه جمع المعلومات ولا يعتمد على أدوات معدة مسبقاً، وهذا يساعده على الفهم الأعمق للظاهرة وتجميع أكبر عدد من المعلومات، ويعتبر أسلوب الملاحظ المشارك أسلوباً أساسياً في البحث النوعي.
  3.  عدم التنظيم: من خصائص المعلومات في البحث النوعي أنها غير منظمة؛ حيث إنها تجمع في السياق الطبيعي الذي تحدث فيه، وهذا يوجب على الباحث الدقة في التوثيق وترتيب بياناته من وقت مبكر.
  4.  الكثرة: البحث النوعي يحتاج إلى كم كبير من البيانات، فمثلاً في دراسة الحالة يجب أن يكون كم كبير من المعلومات عن هذه الحالة على شكل ملاحظة، أو مقابلة، أو وثائق مكتوبة أو مصورة، لكي يستطيع الباحث أن يتم عملية التحليل ويتوصل إلى نتائج.
  5. العمق: لا يكفي أن تكون البيانات سطحية وانطباعات سريعة، بل لابد أن تشتمل على أسئلة عميقة وتفصيلية، وملاحظات مطولة، وذلك حتى تكون مادة ثرية أثناء التحليل.
  6. التنوع: كلما تنوعت المعلومات زادت قيمتها وقوتها، فالمعلومات تشمل أشياء مكتوبة مثل السير الذاتية، والمذكرات الشخصية، وكتابة المقابلات أو الملاحظات الميدانية الناتجة عن الملاحظة، وأيضاً قد تشمل أشياء مرئية سواء الأفلام المسجلة أو الصور الثابتة أو المسموعة.

ولكي يتعرف الباحث على الظاهرة موضوع الدراسة، ولكي يبني معنى متكاملاً عنها، أو يخرج بنظرية تفسرها يحتاج إلى كم كبير من المعلومات، وهذا يتطلب أساليب تختلف عن الأساليب التي تستخدم في البحث الكمي، فكل أسلوب ممكن أن يقدم معلومات يستفاد منها في تكوين المعنى أو بناء النظرية أو زيادة الفهم للظاهرة، فيمكن أن يستفاد منه في جمع المعلومات في البحث النوعي.

ثالثاً: أساليب جمع المعلومات في البحث النوعي

سيتم التركيز على الأساليب الأساسية لجمع المعلومات في البحث النوعي، وهي:

  • الملاحظة.
  • المقابلة.
  • الوثائق.

أولاً: أسلوب الملاحظة في جمع البيانات

  • مفهوم الملاحظة: هي أداة يستخدمها الباحث النوعي، وتساعد على تسجيل ملاحظاته للسياق أو السياقات التي يدرسها.

وتعد الملاحظة الطريقة الأساسية والأكثر شهرة لجمع المعلومات في البحث النوعي، وتستخدم في كثير من أنواع البحث النوعي، ويمكن أن نسميها بملاحظة المشارك، لأن الباحث يعمل مشاركاً بشكل أو بآخر في موقع دراسته، فينخرط مع مجتمع البحث في الظاهرة المبحوثة ويعمل معهم واحد منهم.

الفرق بين الملاحظة الكمية والملاحظة النوعية

الملاحظة الكمية

الملاحظة النوعية

–       ملاحظة منظمة.

–       يسعى الباحث لجمع معلومات رقمية.

–       الأداة معدة مسبقاً (إعداد نموذج للملاحظة.

–       ملاحظة غير منظمة.

–       يسعى الباحث لجمع معلومات نوعية.

–       الأداة غير معدة مسبقاً (يسجل الباحث معلوماته بشكل طبيعي ومسترسل ومفتوح).

–       سيظهر ترتيب وتصنيف المعلومات الناتجة عن الملاحظة بعد جمع المعلومات وتحليلها.

خطوات إجراء الملاحظة

وعندما تكون الملاحظة غير منظمة، فإن عملية الملاحظة تنشأ من خلال سلسلة من العمليات المختلفة، فتبدأ باختيار الوضع المراد ملاحظته، وتحديد طريقة الوصول إليه، ثم بدء عملية الملاحظة والتسجيل، ومع تقدم الدراسة أو البحث تتغير طبيعة الملاحظة، بحيث تزداد تركيزاً، مما يؤدي إلى مزيد من الدقة والوضوح في أسئلة البحث، وهذا بدوره يؤدي إلى دقة أكثر من اختيار مواضع الملاحظة.

وتستمر الملاحظة وجمع المعلومات حتى يحصل للباحث ما يسمى بالإغراق، أو التشبع الوظيفي، وهي الحالة التي يشعر بها الباحث أن الملاحظة لم تعد تأتي بجديد في موضوع بحثه بل تكرار لما سبق.

فوائد الملاحظة

يوجد عدة مميزات للملاحظة، من أهمها:

  1. تسمح الملاحظة المباشرة للظاهرة الاجتماعية بفهم أفضل للسياق الذي تحدث فيه الظاهرة، فالتركيز لا يكون على أحداث الظاهرة، بل يشمل السياق الذي تحدث فيه، وهذا أمر مهم لفهم الظاهرة.
  2. حصول الباحث على الخبرة المباشرة من الميدان: حيث يجب على الباحث أن يكون منفتحاً لاكتشاف كيف يفهم المشارك الوضع وذلك بشكل استقرائي.
  3. يكون لدى الملاحظ الفرصة لأن يرى الأشياء المسلمة من قبل المشارك أو الأشياء التي يفعلها بشكل لاشعوري، ومن غير المحتمل أن تظهر من خلال المقابلة أو أساليب أخرى من طرق جمع البيانات.
  4.  قد يتعلم الباحث المعلومات الحساسة التي قد يتردد المشارك في مناقشتها في المقابلة، ويمتنع عن تسجيلها في وثائق.
  5. قرب الباحث من الظاهرة الاجتماعية يسمح له أن يضيف خبراته عن موقع البحث على تحليله لما يقع، فالملاحظة تعد مفيدة مع المقابلة؛ حيث إن الباحث يستفيد من ملاحظته لمن يقوم بالإجابة على الأسئلة أثناء المقابلة، مثل ملاحظة تعابير وجهه، أو حركات يديه، أو تعامله مع من بجواره أثناء الإجابة.

أنواع الملاحظة (مستوى المشاركة)

هناك نوعين في مستوى مشاركة الباحث الملاحظ للظاهرة، وهي كالآتي:

  1.  الملاحظة الصرفة: والتي يكون فيها الباحث منفصلاً عن سياق الظاهرة، وغير مشارك فيها، بل يقتصر على تسجيل المعلومات كما يراها.
  2.  الملاحظ المشارك: حيث يعيش الباحث الظاهرة، ويشارك الأفراد الذين يعيشون حياتهم اليومية، ويشاطرهم مشاعرهم وهمومهم.

الملاحظات الميدانية

تظهر بيانات الملاحظة على شكل ملاحظات ميدانية خام، حيث يقوم الباحث بتسجيلها أثناء ملاحظته في موقع البحث، وتشمل هذه الملاحظات وصفاً للأحداث والسياق والأفراد والحوارات، وتكتب بأكبر قدر من التفصيل، فالتفصيل مهم في تسجيل الملاحظات، ويخدم الباحث في مرحلة التحليل.

يتم تحويل هذه الملاحظات الميدانية إلى مادة للبحث من خلال عملية استكمال الملاحظات الأساسية، وسد الفراغات فيها، وعملية الاستكمال تعنى: العودة إلى الملاحظات الميدانية الأصلية بأسرع وقت بعد مغادرة البحث لاستكمال التفصيلات اعتماداً على ما تذكره من موقع البحث.

يقوم الباحث بتسجيل بيانات الملاحظة أثناء ملاحظته في موقع البحث على شكل ملاحظات ميدانية خام، ويقوم بتسجيلها بأكبر قدر من التفصيل.وأيضاً يضيف الباحث إلى الملاحظات الوصفية تعليقات منفصلة للباحث تفيد في توضيح معلومات الملاحظة، وقد تكون بدايات لعملية التحليل.

وقد يقع الباحث في متلازمة (المكان الآخر) أي أن الباحث يشعر أن ما يحدث في مكان آخر جدير بالملاحظة أكثر، مما يدعوه إلى ترك موقع الدراسة.

إرشادات (التنبيهات) التي تفيد الباحث الجديد عند أخذ الملاحظات

  1.  لا تتوقع الكمال فقدرتنا على الملاحظة والمتابعة محدودة.
  2. سجل بدقة واحرص على التفصيلات.
  3.  ابدأ بوصف السياق الذي يؤطر الدراسة.
  4.  ابدأ بنظرة عامة، ثم انتقل للتركيز.
  5.  اكتب سؤال أو أسئلة تقود الملاحظة وتوجهها.
  6. ارجع لسؤال الدراسة من وقع لآخر لتتأكد من أنك على الطريق الصحيح لجمع المعلومات.

متى تنتهي الملاحظة؟

يعتمد قرار الباحث في انهاء الملاحظة على الأمور الآتية

  • أولاً: سؤال الدراسة هو العامل الحاسم في تحديد مدى كفاية المعلومات.
  • ثانياً: مقدار ما يعطيه المشارك لك، فإذا كان سلوك المشارك متنوعاً ومتجدداً فإنه يكون مجالاً خصباً للملاحظة، ويستمر الباحث في عملية الملاحظة، أما إذا كان سلوك المشارك ضعيف ومتكرر، أو أنه يحجم المبحوث عن إظهار بعض سلوكه لإحساسه بأنه ملاحظ فإنه يكون من غير المفيد الاستمرار في الملاحظة.
  • ثالثاً: الوقت المتاح للدراسة، حيث يجب على الباحث أن يجدول زمن البحث (خاصة جمع المعلومات) بشكل واعي بحيث لا يستغرق وقته في موضع معين لدرجة يضيق معه الوقت عن تغطية مواضع أخرى.
  • رابعاً: استيعاب دورة كاملة للظاهرة موضع الدراسة، فاستمرار الملاحظة لدورة كاملة للظاهرة والاحاطة الكاملة بها يجعل الباحث أقدر على تكوين تصور شامل للظاهرة وبالتالي يجعل معلوماته أكثر ثراءً وتماسكاً.وبشكل عام على الباحث أن يحرص بأن يكون ما لديه من معلومات أكثر مما يحتاج، فقد لا تتوفر له المعلومة عند الحاجة إليها عند انتهاء الباحث من الملاحظة

مراحل الملاحظة في البحث النوعي

المرحلة الأولى: مرحلة الدخول إلى الموقع

المرحلة الثانية: مرحلة جمع البيانات

– ويرتبط الدخول إلى الميدان بأهداف وأغراض الدراسة وطبيعتها وطبيعة المجتمع المراد دراسته، ومهارات الباحث.

– أن تكون لدى الباحث عند دخوله العمل الميداني توجهات نظرية كافية تساعده في التركيز على ما يجب ملاحظته.

– من الضروري بناء علاقة تبادلية جيدة بين الباحث الملاحظ والمشاركين في هذه المرحلة.

– لابد من التأكيد على تقديم الباحث لنفسه.

 

   – يجمع الباحث معلومات وصفية هدفها وصف الموقع والأفراد والأحداث التي تجري فيه.

– هناك عدة أبعاد ينبغي التركيز عليها من أجل فهم الموقف، وهي:

أ- المكان.

ب- الموقع المادي.

ج- الأفراد ونشاطاتهم.

د- وأهداف المشاركين وما يريدون أن يحققونه من الأهداف والمشاعر والانفعالات.

– أن يكون الباحث الملاحظ ماهراً ومؤدباً في الملاحظة واستراق السمع إذا تطلب الأمر ذلك.

المرحلة الثالثة: مرحلة تسجيل الملاحظات الميدانية

المرحلة الرابعة: مرحلة إنهاء عملية الملاحظة

             – نظام يسمح بالحصول على أكبر قدر من المعلومات.

– أن يعود الباحث وفي وقت متقارب لإضافة تفاصيل للملاحظات التي جمعها.

– قد يلجأ الباحث للاستعانة بحاسوب لإدخال البيانات والملاحظات.

– عدم الانتقال والانخراط في جلسة عمل ميدانية أخرى قبل التأكد من قيامه بتثبيت وتنظيم الملاحظات العائدة للجلسة السابقة.

             – عقد العمل بين الباحث وممولي المشروع والموازنة المرصودة وحاجة صانعي القرار من المعلومات هي التي تحدد ذلك.

– إنهاء عملية الملاحظة مرتبط بوصول الباحث إلى ما يسمى بمرحلة الاشباع (أي أن أية معلومات في مواقف جديدة لن تضيف شيئاً إلى ما توصل إليه.

 

ثانياً: أسلوب المقابلة في جمع البيانات

  • مفهوم المقابلة: نوع خاص من المحادثة أو الحوار مع شخص له علاقة بموضوع البحث، بحيث يستخدمه الباحث ليستكشف خبرة المقابل وتفسيراته.
  • مميزات المقابلة:وتعد المقابلة من الطرق الرئيسية لجمع المعلومات، وللمقابلة عدد من المميزات يمكن إجمالها في الآتي:
  1. السهولة في التطبيق قياساً بالملاحظة.
  2. يستطيع الباحث من خلال المقابلة أن يتعرف على أفكار ومشاعر ووجهات نظر الآخرين.
  3. يمكن أن تستخدم المقابلة مع أسلوب آخر، إلا أنه يمكن الاستكفاء بها كأداة أساسية لجمع البيانات.
  4. تمكن الباحث من الوصول إلى كم كبير من المعلومات قياساً بالملاحظة.

أنواع المقابلة

يوجد ثلاثة أنواع من المقابلة، وهي كالآتي:

المقابلة المنظمة

  • ويتم فيها سؤال المشارك سلسلة من الأسئلة المعدة سلفاً، والتي سبق وحددت أنماط إجابتها.
  • هناك قدر ضئيل من التنوع في الأجوبة، وقد تستخدم الأسئلة المفتوحة النهاية في المقابلة المنظمة.
  • يتلقى جميع المشاركين الأسئلة نفسها بنفس الترتيب والطريقة، ويتم التركيز على الأجوبة العقلانية وليس على الأجوبة العاطفية.
  • يكون دور الباحث محايداً.

المقابلة غير المنظمة

  • وتتميز المقابلة غير المنظمة بالأسئلة مفتوحة النهاية والعميقة.
  • يكون دور الباحث أقرب لمدير الحوار أكثر منه مقابلاً.
  • يفسح المجال أمام الباحث من فهم تفكير المشارك وسلوكه دون إسقاط فرضيات الباحث وتصنيفاته على المشارك التي تحد من أقوال المشارك.

المقابلة الجماعية

  • يعمل فيها الباحث مع مجموعة من الناس في وقت واحد.
  • يتميز الباحث بإدارة الحوار، وتسهيل جريانه وانسيابه، وتسجيل التفاعل الذي يدور بين المشاركين.
  • قد تكون المقابلة الجماعية منظمة، وقد تكون غير منظمة.
  • يحدث تفاعل بين آراء المشاركين وخبراتهم ومشاعرهم، وهنا لا يكفي أن يقوم الباحث بتسجيل ملاحظاته أثناء المقابلة، وإنما يحتاج إلى تسجيل صوتي في المقابلة وذلك لكثرة المعلومات التي تطرح في المقابلة.

إجراءات المقابلة

الإعداد للمقابلة

والخطوة الأولى في الإعداد للمقابلة هو تحديد نوعها هل هي منظمة أم غير منظمة أو جماعية، وسوف يحدد أيضاً هدف البحث وأسئلته والإمكانية وقد تضاف نوعية المشارك ونوعية المقابلة.

وقوة المقابلة تمكن من التعمق في تأمل وجهة نظر المشارك، فإذا كانت معرفة وجهة النظر تلك هي الهدف، فستكون المقابلة في مرحلة ما تفسيرية

تحديد العينة

بعد تحديد نوع المقابلة يأتي دور تحديد المُقَابِل، فإذا كانت الدراسة وسبق واستخدم فيها الملاحظة وسيستخدم فيها المقابلة فمن الجيد أن تكون المقابلة مع المشاركين الذين سبق ملاحظتهم لمعرفة آرائهم في الخبرات التي مروا فيها في الوضع الذي سبق ملاحظتهم فيه، وأيضاً قد يتم اختيار المقابلين بناء على ما يحتاجه الباحث من معلومات، وكذلك بناء على إمكانية الالتقاء بهم وموافقتهم على إجراء المقابلة، ويجب أن يتأكد الباحث بأن من اختارهم للمقابلة هم أفضل من يمتلك المعلومات التي يحتاجها في بحثه.

ويوجد أنواع من العينات في إجراء المقابلة، ومنها ما يأتي

عينة الحالات المتطرفة أو الشاذة

عينة التركيز أو الكثافة عينة التنوع الكامل والتدرج

عينة التجانس

عينة الحالات العادية

العينة الطبقية المقصودة

العينة المتنامية

العينة المرتبطة بمعيار

العينة المؤكدة أو المناقضة

العينة المتيسرة

العينة النظرية

أنواع الأسئلة في المقابلة

بعد تحديد إجراءات المقابلة، والتي تشمل الاتصال بالمقابلين، وأخذ الإذن منهم، وترتيب إجراءات المقابلة، وتجهيز أدوات التسجيل، يقوم الباحث بعد ذلك بإعداد أسئلة المقابلة، ولقد تعدد أنواع أسئلة المقابلة، ومنها ما يأتي:

أ- الأسئلة الأساسية: والتي تعني بالموضوع الأساس في الدراسة، وينذر أن تطرح في أول المقابلة، وإنما تطرح متفرقة أو مجتمعة في أثناء المقابلة.

ب- الأسئلة الإضافية: والتي تكون مرتبطة بالأسئلة الأساسية، لكنها تستهدف الموضوع من زاوية مختلفة، أو تطرح نفس السؤال بعبارة مختلفة، وتهدف إلى التعمق أكثر في مناطق محددة من البحث.

ج- الأسئلة المساندة: والتي تطرح في أول المقابلة، وتشتمل على المعلومات العامة عن المقابل؛ حيث إنها تزيل رهبة المقابلة وتعطيها الوضع الطبيعي والمريح للمقابلة.

د- الأسئلة الساحبة: وهي الأسئلة التي يستخدمها الباحث لدفع المقابل لإعطاء معلومات أكثر عن موضوعات محددة ظهرت أثناء المقابلة.

ومن المهم أن يبتعد الباحث عن الأسئلة التي تقود إلى أنماط أجوبة أو أجوبة متصورة سلفاً بحيث يدفع المشارك إلى قول معلومات معينة أو تبني مواقف محددة، وكذلك يجب أن تبتعد أسئلة المقابلة عن الأسئلة التي توجه الإجابة أو التي تنطلق من فرضية أو مسلمة لدى الباحث.

فوائد وأهمية المقابلة المكثفة للباحث

  1.  يتعمق الباحث في الظاهرة للوصول للخبرة الموصوفة.
  2. التوقف لاستكشاف عبارة أو موضوع.
  3. طلب مزيداً من التفصيلات أو التوضيحات.
  4.  السؤال عن مشاعر المشارك وأفكاره وأعماله.
  5.  جعل المشارك في موضوع البحث.
  6.  الرجوع إلى نقاط سابقة.
  7. إعادة صياغة عبارة المشارك للتأكد من دقة المعنى.
  8.  إبطاء أو تسريع وتيرة المقابلة.
  9. تغير الموضوع الدقيق.
  10. التأكيد على إنسانية المشارك أو وجهة نظره أو عمله.
  11.  استخدام مهارات الملاحظة والمهارات الاجتماعية لتعميق المناقشة.
  12.  احترام المشارك والتعبير عن التقدير لمشاركته.

وبعد الانتهاء من تسجيل المقابلة

بعد انتهاء الباحث من تسجيل المقابلة عليه أن يتخذ بعض الإجراءات:

  1. من الضروري أن يقوم الباحث بعد الانتهاء من المقابلة بتفريغ نص المقابلة كتابياً بشكل حرفي لكي يسهل عليه تحليله والتأمل فيه.
  2. يفضل أن يعاد نص المقابلة لمن أجريت معه المقابلة ليعيد قراءة النص، ويضيف ما يراه مناسباً أو يوضح ما يحتاج إلى توضيح.
  3.  أن يقوم الباحث بكتابة كل ما تم تسجيله في المقابلة، لأنه لا يمكن للباحث أن يقرر ما هو المهم، فقد يتبين مع الباحث أهمية جزء من المقابلة بعد التحليل ولا يكون متوفراً في المكتوب.
  4. أن يقوم الباحث بتدوين ملاحظات أو مذكرات أولية عن المقابلة يتم فيها ذكر الأفكار والأسئلة والانطباعات التي أثارتها المقابلة.

ثالثاً: أسلوب دراسة الوثائق في جمع البيانات

مفهوم الوثائق

هي الأشياء المكتوبة أو المسجلة صوتاً وصورة أو المرسومة مما يمكن استخلاص أي معلومة من خلاله عن الظاهرة المبحوثة سواء كانت تلك الأشياء رسمية ومنظمة مثل الكتب والسير الذاتية أو كتبت بشكل عفوي مثل المذكرات والمفكرات والرسائل الشخصية.

وتمثل التسجيلات والمصنوعات الفنية اليدوية وسجل المحفوظات مصدراً مهماً للبيانات في البحث النوعي.

أهمية أسلوب دراسة الوثائق في جمع البيانات

  1.  يعبر بشكل عفوي عن المعاني التي لدى الفرد أو الجماعة المبحوثة.
  2. يغطي جانباً تاريخياً، ممكن أن يكون من كتب تلك الوثائق ميتاً منذ سنوات.
  3.  تأتي الوثائق مكملة للأساليب الأخرى لجمع المعلومات مثل المقابلة والملاحظة.

أنواع الوثائق

تنقسم الوثائق إلى أنواع متعددة ومنها:

  1.  وثائق رسمية.
  2. وثائق شخصية (مثل رسائل شخصية كالمذكرات، والمفكرات، والسيرة الذاتية)
  3. كتب التاريخ.
  4. قصائد محفوظة والأهازيج الشعبية.
  5. القصص والحكايات والأمثال الشعبية.
  6. الصور التي التقطت في أزمنة مضت.
  7. الأفلام الوثائقية.
  8. النصوص الالكترونية.
  9. المصنوعات الفنية اليدوية.
  10. وكل هذه الوثائق إذا توافرت بشكل جيد لدى الباحث عن ظاهرة ما أو مجتمع يُراد دراسته فإنها تعطي الباحث النوعي معلومات مهمة وتزيد من عمق التحليل، فجوهر البحث النوعي هو أن يحاول الباحث اكتشاف العناصر الأكثر عمقاً والأكثر دلالة للحدث الاجتماعي والتربوي.

رابعاً: مقارنة بين طرق جمع المعلومات النوعية

الطريقة

الأساليب نقاط القوة

أوجه القصور

الملاحظة –     الأسلوب الأول: الباحث باعتباره واحداً من مجتمع الدراسة، لا يخبر أحداً بدوره البحثي.

–     الأسلوب الثاني: الباحث باعتباره مشاركاً من داخل الحدث، والكل يعرف دوره البحثي.

–     الأسلوب الثالث: يقوم الباحث بدور الملاحظ، ولكن دوره ثانوياً إلى جانب دوره الرئيسي، وهو كونه مشاركاً من داخل الحدث.

الأسلوب الرابع: يقوم الباحث دور الملاحظ فقط.

–     الباحث على دراية تامة بالمشاركين في الدراسة.

–     يستطيع الباحث أن يقيد ويسجل الأحداث كما هي في موقعها الطبيعي.

–     يمكن للباحث أن يلاحظ أية أحداث غير عادية.

– تفيد الملاحظة باستكشاف موضوعات قد لا يود المشاركون مناقشتها معه.

–     في الملاحظة قد يرى الآخرون الباحث دخيلاً متطفلاً.

–     قد يلاحظ الباحث معلومات خاصة، لكنه لا يستطيع ذكرها في التقرير أو الدراسة.

–     قد لا يتمتع الباحث بمهارات جيدة في التواصل أو الملاحظة.

– قد يصعب بناء علاقة و ألفة للتواصل مع نوعيات من المشاركين مثل الأطفال.

المقابلة –     الأسلوب الأول: الالتقاء مباشرة مع المشارك.

–     الأسلوب الثاني: إمكانية عمل مقابلة للاتصال به عبر الهاتف.

–     الأسلوب الثالث: إمكانية عمل مقابلة جماعية مع المشاركين دفعة واحدة.

الأسلوب الرابع: إمكانية عمل مقابلة بالتواصل مع المشارك عبر البريد الالكتروني.

–     مقابلة مفيدة حين لا يمكن إجراء ملاحظة مباشرة للمشاركين.

–     تتاح فرصة للمشاركين بأن يعطوا معلومات تاريخية عن موضوع الدراسة.

– يعطي مجالاً للباحث لكي يتحكم في مجريات الأسئلة.

–     المعلومات المعطاه معلومات غير مباشرة، فهي تصورات المشاركين فقط.

–     تجمع المعلومات في سياق منفصل عن موقع الدراسة الطبيعي.

–     قد يؤثر وجود الباحث على إجابات المشاركين.

– ليس كل المشاركين عندهم فطنة أو قادرين على التعبير عن تصوراتهم بوضوح.

دراسة الوثائق –     الوثائق العامة: كالصحف ومحاضر الاجتماعات.

الوثائق الخاصة: كدفاتر اليوميات الشخصية، والرزنامات الشخصية، والرسائل.

–     تعين الباحث على معرفة اللغة والألفاظ التي استخدمها المشاركون في الدراسة.

–     لا تسبب ربكة في موقع الدراسة أو للمشاركين.

–     يستطيع الباحث النظر في الوثائق متى شاء.

–     البيانات الواردة في الوثائق ليست بيانات عفوية، بل مقصودة وبوعي ممن كتبها.

– باعتبارها مكتوبة فهي توفر الوقت والتكلفة على الباحث في تفريغ البيانات وليس كما هو الحال مع الطرق الأخرى كالمقابلة.

–     الوثائق موجودة في أماكن قد يصعب على الباحث أن يتعرف عليها.

–     تتطلب الوثائق جهداً في تفريغ محتواها أو تصوريها بالماسح الضوئي، لأغراض إدخال البيانات في الحاسوب.

–     قد يوجد نقص في الوثائق المطلوبة.

– قد لا تكون الوثائق سليمة أو أصلية.

المراجع

  1. العبد الكريم، راشد. (2012م). البحث النوعي في التربية، مكتبة الملك فهد الوطنية للنشر العلمي والمطابع، الرياض، المملكة العربية السعودية.
  2. غباري، ثائر؛ أبو شندي، يوسف؛ أبوشعيرة، خالد. (2015م). البحث النوعي في التربية وعلم، ط1، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.
  3. القريني، سعد. (2020م). البحث النوعي الاستراتيجيات وتحليل البيانات، ط1، مطابع دار جامعة الملك سعود للنشر، الرياض، المملكة العربية السعودية.
  4. قنديلجي، عامر؛ السامرائي، إيمان. (2009م). البحث العلمي الكمي والنوعي، ط1، دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع، الدوحة، قطر.
  5. J. w., & Creswell, J. D. (2018). Research Design: Qualitative, Quantitative, and Mixed Methods Approaches (5th edition). Thousand Oaks, CA: Sage.
  6. McNeil, J. (2006). Contemporary Curriculum in Thought and Action. Wiley. National Center for the Dissemination of Disability Research (NCDDR). (2005). What Are the Standards for Quality Research? Focus – Technical Brief, 9.

بقلم: صفاء جمال صبحي عبد القادر

أضف تعليقك هنا