الهدم أصعب من البناء

من المتعارف عليه أن (الهدم أسهل من البناء)، وهذا المثل صحيح في جُل الأمور المادية والأجسام المحسوسة، بنيت أبراج ميناء بلازا في أبو ظبي من 144 طابقاً، ولك أن تتخيل عدد العمال والمهندسين والمسؤولين الذين شاركوا في بناء هذه الأبراج، وكم من الوقت استغرقت لبنائها، ولا شك أن هذا المشروع الضخم احتاج العشرات من الرافعات الضخمة، والمئات من البشر، والألاف من مواد البناء، والملايين من الدولارات لإتمام بناء هذه الأبراج، ولكن لهدم هذه الأبراج تم استخدام تقنية المتفجرات الثابتة، وتم الهدم في 10 ثوانٍ.

متى يكون الهدم  أصعب من البناء؟

ولكن الهدم أصعب من البناء في الأمور المعنوية، فهدم الأفكار والمعتقدات والأديان والفرق أصعب بكثير من بنائها، ودائماً ما يموت صاحب الفكرة ولكن الفكرة لا تموت، ومن أمثلتها جميع الأديان الضالة التي خالفت الإسلام، كالبوذية والمجوسية واليهودية والنصرانية، فجميعها أديان باطلة، ومن هذه الأديان ما هو باطل من بدايته كالبوذية والمجوسية، ومنها ما كانت صحيحًا في بدايته وتم تحريفها على مر الزمان بأفكار بعض المضللين كالأديان النصرانية واليهودية.

كما أنه على مستوى الدين الواحد قد توجد عدة فرق وجميعها ضاله إلا ما أخبر عنه رسولنا الكريم حيث قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ بَني إسرائيلَ، افترَقَتْ علَى إحدَى وَسبعينَ فِرقةً، وإنَّ أُمَّتِي ستَفتَرِقُ علَى اثنتينِ وسَبعينَ فرقةً، كلُّها في النَّارِ إلَّا واحِدةً، وهيَ الجَماعَةُ)الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني المصدر: صحيح الجامع الجزء أو الصفحة:2042 حكم الحديث: صحيح.

تأثير الأفكار على الشعوب

وعلى مستوى الأفكار الاجتماعية والاقتصادية نجد أن أفكار عالم الاجتماع كارل ماركس المتوفي في عام 1883م سيطرت على بعض الشعوب، وتبنتها بعض الأحزاب السياسية وكونت دول عظمى في القرن الماضي، حيث تمكنت العديد من أنظمة الدول التي تبنت الأفكار الشيوعية من السيطرة على معظم شرق أوروبا وشرق آسيا؛ ولكن أفكار كارل ماكس لم تستمر في بعض هذه الدول، ففي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي سقطت أغلب الأحزاب الشيوعية من السلطة وتحولت أنظمة تلك الدول إلى النظام الرأس مالي، ومات كارس ماكس ولكن أفكاره لا تزال موجودة إلى يومنا هذا، وقد تعود هذه الأفكار مرة أخرى على مستوى دول عظمى.

نتائج أفكار مفكّرين رحلوا وبقيت أفكارهم

والنظام الرأس مالي الذي يسيطر على معظم الدول العظمى اليوم، ليس إلا نتاج أفكار مفكرين فارقوا الدنيا قبل مئات السنين، ولعل أشهر المفكرين في الرأس مالية آدم سميث المتوفي في عام1790م، وهو أشهر الكلاسيكيين على الإِطلاق، ولا نختلف أن الأفكار التي كونت النظام الرأس مالي نجحت في توفير معظم احتياجات المجتمعات وكونت اقتصاد غنياً ومتماسك، توفي أدم سمث وأفكاره لا تزال موجودة.

في أي الحالات يبقى للأفكار أثر؟

إن ما يبقى من الأفكار على مر الزمان هي الأفكار التي تلقى قبولاً من الأفراد والمجتمعات، فمَثل الفرد الذي يحمل الفكرة مثل البذرة، متى ما وجدت البذرة الظروف الملائمة نمت وعظمت، وكذلك الفكرة التي يحملها الفرد متى ما وجدت حاضنة اجتماعية ملائمة نمت وانتشرت، وبعد انتشارها يصعب إزاحتها، وكلما كانت الفكرة نابعة من معتقد ديني أو من حاجة الفرد والمجتمع صعب انتزاعها.

الإنسان بطبعة يميل إلى الاستقرار ويتبنى الأفكار التي تحقق له الأمان حسب منظورة للأمان إما في الحياة أو بعد الممات، ولا يمكن هدم الأفكار الصحيحة، ويصعب هدم الأفكار الضالة؛ لأن الأفكار الضالة تُنتج الجهل المركب، ولكن يمكن هدم الأفكار الضالة بأفكار جديدة تخدم الفرد والمجتمع وتزيح الجهل المركب وتوضيح ضلال هذه الأفكار وخطورتها.

وأخيراً يجب على الإنسان مهما بلغ من العلم والمعرفة أن يدعوا بالثبات على دين الله، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يُكْثِرُ أن يقولَ: يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قَلبي على دينِكَ، فقلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، آمنَّا بِكَ وبما جئتَ بِهِ فَهَل تخافُ علَينا؟ قالَ: نعَم، إنَّ القُلوبَ بينَ إصبُعَيْنِ مِن أصابعِ اللَّهِ يقلِّبُها كيفَ شاءَ الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني المصدر: صحيح الترمذي الجزء أو الصفحة:2140 حكم الحديث: صحيح.

فيديو مقال الهدم أصعب من البناء

 

 

أضف تعليقك هنا