تجارة الدين

الدين هو المقوم الروحي للإنسان والمجتمعات، ويوجد العدد من الأديان التي تتبناها المجتمعات، ولا نختلف بأن الإسلام هو الدين الحق الوحيد في هذا الزمان، وباقي الأديان باطلة، وهذا ما دعا الحركات الفكرية في الشرق والغرب لمحاربة أديانهم، والتجارة بها، ولعلنا نذكر تفصيل للتجارة بالدين كالآتي:

التجارة لأجل الأخرة

وهذا النوع في عصرنا الحالي هو في اتباع تعاليم الدين الإسلامي وطلب الجنة من الله عز وجل، فالله عز وجل يضاعف الحسنات ويمحو السيئات بالحسنات، فالإنسان يعمل في دنياه، وميزان الحسنات والسيئات يزداد حسب أعماله، وبعد مماته تتوقف هذه التجارة، لذلك أوصانا الحبيب صلى الله عليه وسلم بعدم تمني الموت حيث قال صلى الله عليه وسلم: لا يَتَمَنَّى أحَدُكُمُ المَوْتَ، ولا يَدْعُ به مِن قَبْلِ أنْ يَأْتِيَهُ، إنَّه إذا ماتَ أحَدُكُمُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وإنَّه لا يَزِيدُ المُؤْمِنَ عُمْرُهُ إلَّا خَيْرًا، الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم المصدر: صحيح مسلم الجزء أو الصفحة:2682 حكم المحدث: [صحيح]

وهناك ثلاث حالات بعد الوفاة لا تنقطع فيها هذه التجارة الصالحة مع الله كما ورد في الحديث الصحيح: إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له، الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم المصدر: صحيح مسلم الجزء أو الصفحة:1631 حكم المحدث: [صحيح]

وخير التجارة هي التجارة مع الله فالحسنة بعشر أمثالها إلى أضعاف كثيرة كما ورد في الحديث: عَنْ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فِيما يَرْوِي عن رَبِّهِ تَبارَكَ وتَعالَى، قالَ: إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الحَسَناتِ والسَّيِّئاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذلكَ، فمَن هَمَّ بحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها، كَتَبَها اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، وإنْ هَمَّ بها فَعَمِلَها، كَتَبَها اللَّهُ عزَّ وجلَّ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَناتٍ إلى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ إلى أضْعافٍ كَثِيرَةٍ، وإنْ هَمَّ بسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها، كَتَبَها اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، وإنْ هَمَّ بها فَعَمِلَها، كَتَبَها اللَّهُ سَيِّئَةً واحِدَةً. وفي رواية: وزادَ: ومَحاها اللَّهُ ولا يَهْلِكُ علَى اللهِ إلَّا هالِكٌ، الراوي: عبد الله بن عباس المحدث: مسلم المصدر: صحيح مسلم الجزء أو الصفحة:131 حكم المحدث: [صحيح]

التجارة لأجل الدنيا

والتجارة لأجل الدنيا لها مظاهر عديدة في جميع الأديان:

تجارة التظاهر بالدين

وهو إظهار مظهر الصلاح والورع لكسب ثقة الناس، وهنا يختلط الأمر على الناس يثقون في الظاهر، ومن يتظاهر بالدين لأجل التجارة أساء لنفسه وللدين، فمن يهاجم الدين يستدل بتصرفات هؤلاء ويصنفها على أنها تعاليم الدين، وأيضاً من يقع ضحية هؤلاء المرتزقة يبدأ بعدم الثقة في أي إنسان وخصوصًا من تظهر عليه علامات الصلاح، ويبدأ الناس في الخلط بين النصابين ومن تظهر عليهم مظاهر الصلاح، يقول أحمد نجم: (لم يصبح رجال الدين نصابين، ولكن أصبح النصابين رجال دين).

وغالباً هدف من يتخذ الدين تجارة للدنيا يكون هدفه البحث عن المنصب أو المال أو الشهرة، ولعل من أمثال هؤلاء غِياثُ بن إبراهيم الكوفيُّ الكذاب الذي دخل على المهدي أمير المؤمنين وكان يحب الحمام ويلعب به، فقال له: حدثنا فلانٌ عن فلان أن النبي قال: (لا سَبَق إلا في نصلٍ أو خُفٍ أو حافرٍ أو جَنَاح)، فأضاف كلمة (جَنَاح) في الحديث الصحيح للتقرب إلى الخليفة، وفي زماننا هذا تتجلى تجارة التظاهر بالدين في جمع الأموال، فجُل النصابين يتظاهرون بالدين.

تجارة عداوة الدين

فتجارة مهاجمة الدين بدأت مع بداية أي دين، وأهدافها نفس أهداف تجارة التظاهر بالدين وتزيد وهي: البحث عن المنصب أو المال أو الشهرة، وتزيد عليها الحقد والحسد، وتتضح هذه الأهداف من عدو الإسلام أبو جهل حيث قال: (والله إنّي لأعلم إنّه لنبي، ولكن متى كنّا لبنيّ عبد مناف تبعاً)، يجب علينا هنا أن نوضح اختلاط مهم حدث بين الناس في بعض الاتجاهات المعادية للدين مثل العلمانية، فالعلمانية في الغرب والشرق التي حاربت الأديان الباطلة قد يكون مبدأها وأهدافها نبيلة، فرجال الدين اليهود والنصارى والهندوس والمجوس والبوذيين تاجروا باسم الدين وأرهقوا مجتمعاتهم بالظلم والظلال.

أما مفهوم العلمانية في الشرق الأوسط خصوصاً بني على معاداة الإسلام، لا يعلم من يتصف بالعلمانية في ديار المسلمين بأهدافها ولا مصالحها، وإنما يهاجمون الإسلام فقط، وأفكارهم غير مقبولة عقلاً، ولا يمكن لأي فكر أن يكون صحيحًا عندما يعادي الإسلام، فالإسلام منهج حياة، وهو منزل من الخالق عز وجل لتيسير أمور العباد والفوز بالجنة، ولا يستطيع أحد أن يقنع المسلمين بأن الدين الإسلامي قد يكون خاطئًا، لذلك اتجه تجار عداوة الدين الإسلامي إلى مهاجمة الصحابة والتابعين والأئمة الثقات، ليشككوا فيما نقلوه عن الإسلام، فمثال ذلك مهاجمة شيخ الإسلام الإمام البخاري.

ليس الهدف منها الإمام البخاري وإنما الهدف الطعن في صحة ما نقله من الأحاديث الصحيحة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن لتجار عداوة الدين الإسلامي أن تكون تجارتهم صالحة لا في الدنيا ولا في الآخرة، قال الله عز وجل في سورة الصف الآية الثامنة (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).

وأخيرًا يجب على كل إنسان أن يعلم أن حياة الدنيا هي بمثابة اختبار قصير تكون نتيجته حياة أبدية في الأخرة إما في الجنة أو النار، ويحدد مصيرك في حياة الآخرة تجارتك الدينية، قال تعالى في سورة الإنسان الآية الثالثة (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا).

فيديو مقال تجارة الدين

أضف تعليقك هنا