المنهج المختلط في البحث النوعي

بحوث المناهج المختلطة

الدراسة المختلطة هي تلك التي يدمج فيها الباحث كلًا من الأساليب النوعية والكمية لجمع البيانات وتحليلها في دراسة واحدة، يمكّن هذا النوع من الدراسة الباحث من فهم الظواهر المعقدة نوعيًا وكذلك شرح الظاهرة من خلال الأرقام والرسوم البيانية والتحليلات الإحصائية الأساسية.

إن النهج متعدد الأساليب للبحوث يحمل إمكانات لفهم الظواهر المعقدة للعالم الاجتماعي، ورؤية هذا العالم من خلال عدسات متعددة، واستخدام منهجيات انتقائية تستجيب بشكل أفضل لأصحاب المصلحة المتعددين في قضايا السياسة أكثر من استجابة واحدة طريقة أو نهج للبحث.

بدأ استخدام البحوث المختلطة بشكل متزايد بواسطة الباحثين عام 1980م، ومع ذلك تُعتبر البحوث المختلطة حديثة نوعًا ما إذا ما تم مقارنتها بالبحوث الكمية التجريبية أو الميدانية وحدها أو البحوث النوعية وحدها، ويرى مؤيدو البحوث المختلطة أنها تتيح المجال للباحث لبحث الظواهر بشكل أفضل مما يحدث في البحوث الكمية والنوعية منفردة وتتيح أيضا للباحث فرصة تكوين صورة أشمل.

ماذا يقصد بمنهج البحث المختلط ؟

هو منهجية لإجراء البحوث التي تنطوي على جمع وتحليل ودمج البحوث الكمية ومن أمثلتها (التجارب والدراسات الاستقصائية) والبحوث النوعية ومن أمثلتها (مجموعه التركيز والمقابلات) ويستخدم هذا المنهج للبحث عندما يوفر هذا التكامل فهما أفضل لمشكلة البحث من أي منهج وحده.

تعريف آخر لمنهج البحث المختلط

هي طريقة لجمع وتحليل ومزج البيانات الكمية والكيفية في دراسة واحدة لفهم مشكلة من مشكلات البحث ( أبوعلام، 2007) .

تطور بحوث المناهج المختلطة

يمكن تتبع تطور بحوث المناهج المختلطة في عدة مراحل:

١مزج عدة أشكال من البيانات الكيفية:

مزج العلماء الباحثون التربويون والاجتماعيون منذ الثلاثينيات من القرن الماضي بين طرق جمع البيانات في دراساتهم إلا أنه عندما قدم كامبل وفيسك (1959) المناهج متعددة السمات والمداخل أثار ذلك الاهتمام باستخدام مناهج متعددة في دراسة واحدة.

٢التوسع في الجمع بين البيانات الكمية والبيانات الكيفية:

وسرعان ما قام الباحثون بجمع البيانات الكمية والكيفية في آن واحد، وبحلول عام ١٩٧٣ اقترح سيبر الجمع بين بيانات متعمقة من دراسات الحالة والدراسات المسحية مما أدى إلى نشأة “أسلوب جديد في البحث في دراسة واحدة، فظهرت الدراسات التي تجمع بين طرق المسح والمقابلات شبه المقننة والملاحظات والبيانات التاريخية لتقديم صورة شاملة ثرية.

٣ وضع إجراءات للدراسات التي تستخدم المناهج المختلطة:

ظهور الاهتمام المتزايد بالمظاهر الإجرائية لبحوث المناهج المختلطة، فقد استطلع الكتاب “أغراض البحوث المختلطة، وتعرفوا على تصميمات بديلة يمكن استخدامها، كما حددوا نظاما لترقيم هذه التصميمات ونماذج بصرية لها.

4- الدعوة إلى نظام مستقل:

مع ظهور عدد من الإجراءات وترقيم نظامها وتحديد تصميمات محددة تحولت المناقشة إلى اعتبار بحوث المناهج المختلطة نوعًا خاصًا من مناهج البحث له استقلاله واختلافه عن التصميمات الأخرى، فقد أضيف الآن إلى البحوث التجريبية والبحوث المسحية والبحوث الارتباطية وغيرها بحوث المناهج المختلطة.

متى يستخدم الباحث التربوي منهج البحث المختلط ؟

  • عندما تكون البيانات الكمية والنوعية اللازمة للبحث متوفرة ودمجها يقدم للباحث فهما أفضل لمشكلة البحث.
  • عندما يرى الباحث أن نوعًا واحدًا من البيانات سواء الكمي أو النوعي لا يؤدي لمعالجة مشكلة البحث أو الإجابة عن الأسئلة.
  • عندما يريد الباحث بناء أداة كمية (مثل الاستبانات) من خلال استخدام دراسة نوعية (باستخدام المقابلات الشخصية).
  • عندما يريد الباحث بناء أداة نوعية (مثل بطاقة الملاحظات الصفية) من خلال استخدام دراسة كمية (باستخدام الاستبيانات).
  • يمكن استخدام منهجية البحوث المختلطة في برامج الدراسات العليا التي من الممكن ألا تقبل البحوث النوعية أو الكمية مفردة، والهدف من ذلك حث طلاب الدراسات العليا لتعلّم أساليب بحثية حديثة.
  • لإجراء دراسة إضافية عند حصول الباحث على بيانات ونتائج تحتاج مزيدًا من التوضيح والتفسير، هنا يمكن استخدام منهجية البحوث المختلطة بإضافة بحث نوعي إلى البحث الكمي السابق أو العكس.

كيف يعرف الباحث أن الدراسة مختلطة؟

  • هل يوجد دلائل في العنوان؟
  • هل هناك دلائل في جمع البيانات؟
  • هل هناك دلائل في أسئلة البحث؟

أنواع تصميمات البحث المختلط :

أولاً: تصميم الإجراءات المثلثة:

الغرض من تصميم المناهج المختلطة ذات الإجراءات المثلثة هو جمع البيانات الكمية والكيفية في الوقت نفسه، ثم دمج البيانات، واستخدام النتائج لفهم مشكلة البحث، والمنطق الأساسي لهذا التصميم هو أن واحدًا من أشكال جمع البيانات يعطي قوة تساعد على استبعاد نواحي الضعف في الشكل الآخر.

كيف تتم عملية مناهج الإجراءات المثلثة؟

يجمع الباحث كلًا من البيانات الكمية والكيفية، ثم يقارن النتائج التي يحصل عليها من تحليل كل منهما، ويحدد ما إذا كانت بيانات أحد الطريقتين تعزز أم تضعف الطريقة الأخرى، والمقارنة المباشرة لمجموعتي البيانات تؤدي إلى الحصول على “تثليث” لمصادر البيانات.

وهذا التصميم يساعد على:

١-  يعطي الباحث للبحث المختلط أولوية متساوية لكل من البيانات الكمية والبيانات الكيفية).

٢-  يجمع الباحث كلًا من البيانات الكمية والبيانات الكيفية بشكل متزامن خلال الدراسة.

٣-  يقارن الباحث بين تحليل نتائج البيانات الكمية والبيانات الكيفية ليحدد إذا ما كان النوعان يعطيان النتائج نفسها.

ثانياً: التصميم التفسيري:

قد يفضل الباحث أن يجمع بيانات المناهج المختلطة في مرحلتين متتاليتين، ويعتبر هذا التصميم أكثر تصميمات المناهج المختلطة شيوعًا في البحوث النفسية التربوية، ويُسمى هذا التصميم أيضًا “النموذج ذو الوجهين، ويتم في المرحلة الأولى من هذا التصميم جمع بيانات كمية، أما جمع البيانات الكيفية فيأتي في المرحلة الثانية للمساعدة في تفسير وشرح النتائج الكمية وتعميقها.

نستطيع أن نرى في هذا التصميم:

أن الباحث يضع الأولوية على جمع البيانات الكمية وتحليلها، ويتم هذا عن طريق البدء بها في مرحلة مبكرة من الدراسة والتأكيد على أنها تمثل مظهرًا رئيسيًا من جمع البيانات، ويأتي بعد ذلك عنصر كيفي صغير في المرحلة الثانية من البحث.

يقوم الباحث باستخدام المناهج المختلطة لجمع البيانات الكمية أولًا، ثم يتبع ذلك بالجمع الثانوي للبيانات الكيفية.

  • يستخدم الباحث في المناهج المختلطة البيانات الكيفية لتنقية نتائج المرحلة الكمية، وتؤدي هذه التنقية إلى استكشاف بعض حالات نموذجية وعرض نتيجة رئيسية بتفصيل أكبر، أو تتبع بعض حالات متطرفة.

ثالثاً: التصميم الاستكشافي:

قد يبدأ تصميم المناهج المختلطة بالبيانات الكيفية ثم يجمع بعد ذلك بيانات كمية وذلك على العكس من التصميم السابق الذي يبدأ بجمع أو تحليل البيانات الكمية.

والغرض من تصميم المناهج المختلطة الاستكشافي هو البدء أولًا بجمع بيانات كيفية بغرض استكشاف الظاهرة، ثم جمع بيانات كمية لتفسير العلاقات التي وجدت في البيانات الكيفية، ومن التطبيقات الشائعة لهذا التصميم القيام باستكشاف ظاهرة، والتعرف على المفاهيم الأساسية، وبناء أداة، ثم اختبارها بعد ذلك، ويستخدم الباحثون هذا التصميم عندما لا يكون لديهم دراية بوجود أدوات أو متغيرات، ولا توجد مقاييس معروفة أو متوفرة عن مجتمع الدراسة.

  • يؤكد الباحث على البيانات الكيفية أكثر من البيانات الكمية.
  • يقوم الباحث بجمع البيانات بالتتابع فيجمع البيانات الكيفية ثم يتبعها الكمية.
  • يضع خطة الدراسة الكمية بحيث تبنى على نتائج الدراسة الكيفية المبدئية أو تشرحها.

أسباب استخدام المنهج المختلط :

  • عدم كفاية مصدر المعلومات المتاح للبحث.
  • تفسير النتائج الأولية.
  • تعميم نتائج دراسة استكشافية.
  • تحسين وفهم أكثر عمقاً لدراسة سابقة.
  • الحاجة لتطبيق نظرية تربوية.
  • فهم هدف من أهداف البحث.

مزايا منهج البحث المختلط :

  • يوفر نقاط القوة في البحث الذي يعالج نقاط الضعف في كل من البحوث الكمية والنوعية، على سبيل المثال، البحث الكمي ضعيف في فهم السياق أو الوضع الذي يتصرف فيه الناس، وهو أمر يعوضه البحث النوعي.
  • يوفر فهمًا أكثر اكتمالًا وشمولًا لمشكلة البحث من المناهج الكمية أو النوعية وحدها.
  • يوفر منهج لتطوير أدوات أفضل وأكثر مناسبة لسياق البحث، على سبيل المثال، باستخدام البحوث النوعية، يمكن جمع معلومات عن موضوع معين أو بناءه من أجل تطوير أداة ذات صدق بنائي مرتفع، أي يقيس البناء المعرفي الذي يعتزم الباحث قياسه في بحثه.
  • يساعد على شرح النتائج أو كيفية عمل العمليات السببية.

عيوب منهج البحث المختلط :

  • صعوبة تصميم البحوث المختلطة
  • يستغرق وقتًا وموارد كثيرة للتخطيط والتنفيذ.
  • قد يكون من الصعب تخطيط وتنفيذ طريقة واحدة بالاستناد إلى نتائج طريقة أخرى.
  • قد يكون من غير الواضح كيفية حل التناقضات التي تنشأ أثناء تفسير النتائج.

خطوات إجراء البحث المختلط :

  • يحدد الباحث قابلية البحث لاستخدام المنهج المختلط.
  • يحدد الباحث إطار مفاهيمي للبحث المختلط.
  • يحدد الباحث استراتيجية جمع البيانات وأنواع التصميم البحثي (الأولويات – التتالي – الشكل).
  • يطور الباحث أسئلة البحث المختلطة الكمية والنوعية.
  • يقوم الباحث بتجميع البيانات الكمية والنوعية.
  • يحلل الباحث البيانات بشكل منفصل أو متزامن.
  • يكتب الباحث تقرير البحث كمرحلة واحدة أو مرحلتين متتاليتين.

المراجع  

أبو علام، رجاء (2011). “مناهج البحث في العلوم النفسية والتربوية”، ط 5، القاهرة: دار النشر للجامعات.

الدخيل، تغريد بنت محمد (د. ت). “البحوث المختلطة: الأسس ومعايير التميز” مركز التميز البحثي في تطوير تعليم العلوم والرياضيات”، الرياض.

عصر، رضا مسعد السعيد (2021 ). “المنهج المختلط :مدخل تكاملي لدمج البيانات الكمية والنوعية في البحث التربوي”، مجلة تربويات الرياضيات، مج 24، ع 5، الجمعية المصرية لتربويات الرياضيات، القاهرة.

Creswell,W., & John, panel (2007). “Mixed-Method Research: Introduction and Application”, ersity of Nebraska, Lincoln, USAUniv.

بقلم: سمر عبد الرزاق محمد الحاج

أضف تعليقك هنا