“شرط عدم المنافسة” في نظام العمل السعودي

كثير ما يسأل الموظفون عن شرط عدم المنافسة الذي يؤرقهم كثيراً خاصة عندما يجدون فرصة للتنقل من وظيفة إلى أخرى بغية الحصول على مميزات متعددة ونمو وظيفي أسرع في مجال تخصصهم، ولكن يعتقد بعض الموظفون بأن شرط عدم المنافسة الذي يحمي مصالح صاحب العمل المشروعة يمنعهم من حق العمل لدى منافس جراء التزامهم العقدي الذي ينشأ اثناء العمل وبعد سنتين من تاريخ انتهاء الرابطة العقدية.

ألية بند “شرط عدم المنافسة” 

في هذه المقالة سوف أوضح بشكل دقيق ألية بند شرط عدم المنافسة وكيف يجب أن يتم وضعه بشكل قانوني حتى لا يصبح شرط عدم المنافسة باطلاً بسبب التعسف في استخدام هذا البند الحساس.

في البداية يجب أن نعلم بان نظام العمل وجد لكي يكون ميزان عدالة بين كل من صاحب العمل والعامل، بحيث يمنع أي ضرر لكل الطرفيين، ولكن في بعض الحالات يميل الميزان للطرف الأضعف في التعاقد وهو العامل، لأن من صميم عقد العمل وجود تبعية العامل لصاحب العمل، ومن جانب أخر يحمي نظام العمل صاحب العمل وذلك بإعطاءه الحق بحماية مصالحة المشروعة، ولهذا وصفنا نظام العمل بميزان العدالة لأنه يرتكز على العدل وليس المساواة. ومن أهم صور حماية المصالح المشروعة لصاحب العمل هي المادة ٨٣ من نظام العمل التي تنص على أحقية صاحب العمل حماية مصالحة المشروعة في حال حصل أحد موظفيه على معلومات تخص عملاءه أو اسرار يخشى تفشيها مما تؤثر سلبا على عمله او تجارته.

وجاءت المادة سالفة الذكر بأن لصاحب العمل الحق باشتراط عدم منافسته من قبل العامل الذي يعمل لديه شريطة وجود أربعة أمور أساسية في المادة ٨٣ من نظام العمل، وهي أن يكون شرط عدم المنافسة مكتوباً وليس شفهياً، فالكتابة شرط انعقاد وليس شرط صحة، ويجب كذلك تحديد الزمان بشرط لا يزيد عن سنتين وأيضاً تحديد المكان ونوع العمل. وأعطى المنظم فرصة لصاحب العمل لتقديم دعوى عمالية ضد العامل المخالف لشرط عدم المنافسة، وهي سنة من تاريخ علمه بالمخالفة وإلا سقط حقه بالتقادم مما يجعل دعوته مرفوضة شكلياً لدى القضاء وبالتالي عدم النظر في موضوع الدعوى.

الأخطاء التي يقع فيها أصحاب العمل

ومن الأخطاء التي يقع فيها صاحب العمل هي التعسف في استخدام هذا البند الحساس، حيث يضع صاحب العمل من ضمن شرط عدم المنافسة بأن لا يحق للعامل العمل لدى منافس وهذا خطأ  لأن العمل حق للعامل كما جاء في المادة ٣ من نظام العمل، فالمادة ٨٣ ذكرت عدم منافسة صاحب العمل وليس العمل لدى منافس، لان منع العامل من العمل لدى منافس سيؤدي إلى حرمانه و حرمان الكثير من العاملين ويدفع الجميع بالاحتجاج بهذا الأمر مما يترتب عليه الأثر السلبي على المجتمع.

ولهذا لم تنص المادة ٨٣ على منع العامل من العمل لدى الغير، ومن الأخطاء الأخرى هي وضع مدة تتجاوز السنتين من تاريخ انتهاء الرابطة العقدية وهذا يبطل الشرط لانه خالف المادة ٨٣ الفقرة الأولى، وأكثر الأخطاء شيوعاً هي توسيع نطاق مكان المنافسة ليشمل كل المملكة العربية السعودية وهذا فيه تعسف صريح، خاصة إذا لم يكن للمنشأة فروع متعددة تشمل كل مناطق المملكة العربية السعودية، ولذلك ترفض المحكمة هذا الشرط وتعتبره باطل لأن التعميم يجرده من اي قيمة إلزامية.

وحتى يكون استخدام المادة ٨٣ من نظام العمل صحيح، يتعين على صاحب العمل اذا وجد ان العامل قد اطلع بحكم عمله على أمور خاصة مثل معرفة قائمة عملاءه أو اسرار بالعمل يخشى صاحب العمل ان تتسرب إلى منافس اخر او يستخدمها العامل لمنافسته، وكانت هذه المعلومات لها قيمتها وجدوتها في المنافسة، جاز له استخدام شرط عدم المنافسة لمدة سنتين من تاريخ انتهاء الرابطة العقدية مع تحديد النطاق المكاني الذي يسبب له ضررا في حال تمت منافسته وأيضا تحديد نوع العمل الذي يجب على العامل عدم منافسته فيه ولا يمتد ذلك إلى كامل صنعته أو مهنته لان في هذا الشرط قطع رزقه ونظام العمل قد نصا صراحه في نص المادة الثامنة بأن أي شرط لا يكون في مصلحة العامل يعتبر باطل وأيضا نصت القاعدة الفقهية لا ضرر ولا ضرار.

متى يسقط شرط عدم المنافسة؟

في حال عدم تضمن شرط عدم المنافسة لكل من الشروط أعلا يسقط نظاماُ ولا يعتد به لدى المحاكم. وفي النهاية على صاحب العمل والعامل ان يكونا حسن النية وأن لا يقوما بأي شيء مخالف للشرع والنظام وأن يعرفا بأن نظام العمل جاء للعدل وليس للمساواة وأن نصوص المادة القانونية لا تؤخذ على إطلاقها أو ظاهرها بل يتعين اللجوء لأهل الاختصاص حتى يكونوا على يقين ومأمن من المشاكل المستقبلية.

بقلم: عبدالعزيز بن فزع الشمري

أضف تعليقك هنا