الحمد لله ربب العالمين وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، أمّا بعد، فيعدُّ مستقبل اللغة العربية باقياً ومتطوراً في دول أوربا رغم المنافسات بين اللغات ، والانحسار اللغوي في دول المغرب العربي ، ولغات الاستعمار على مدى التاريخ كأنَّ الأرض تتكلّم اللغة العربية ، وهذا نابع من أنها لغة القرآن الكريم، حيث لعبت اللغة العربية بين القرن التاسع (الميلادي) والقرن الثالث عشر دور الناقل للمعرفة العلمية والفلسفية في أوروبا عبر الترجمة إلى اللاتينية ومنها إلى اللغات الأوروبية التي احتفظت حتى يومنا هذا بمئات المفردات ذات الأصل العربي . ثم كانت نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين فرصة لتعود اللغة العربية من رحلتها الأوروبية بما يبعث على التفكير والتجديد وإنتاج العديد من المصطلحات التقنية([1]).
أهمية اللغة العربية عند الغرب
وقد انشأت مراكز في دول أوربا لتعليم اللغة العربية ما يسمى بالبيت العربي casa arabe في مدريد ، زيادة عن الإعلام الخليجي في بريطانيا ، و معهد العالم العربي في فرنسا ؛ إذ استقطبت حصص اللغة في فرنسا 120,000 تلميذ، زيادة عن دراسات رفاعة الطهطاوي ، ود. طه حسين ،وقد اهتمت فرنسا منذ عهد بعيد باللغة العربية، فأوصى الملك فرنسوا الأول منذ القرن السادس عشر بإدخالها الى أرقى مؤسسة تعليمية عمومية هي الكوليج دو فرانس.
وآخر من أكّد على أهمية تدريسها وزير التربية جان ميشال بلانكير في شهر سبتمبر أيلول 2018، وكذلك توجّهنا الى فريديريك فوده، المجازة بالتاريخ وبأعلى شهادة فرنسية في اللغة العربية، والتي عملت طويلاً كمستشارة ثقافية في مركز اللغة والحضارة العربية في معهد العالم العربي، وشاركت مع بريجيت ترانكار في وضع كتاب لتعليم العربية لغير الناطقين بها ، كما شاركت في وضع اختبار قياسي للغة العربية على الكومبيوتر ووضعت حجر الأساس الأول في اختبار قياسي دولي لإثبات المستوى في العربية، بالتعاون بين أساتذة اللغة في معهد العالم العربي وخبراء الاختبارات القياسية في المركز الدولي للدراسات التربوية([2]).
زيادة أن هناك دولة مالطا في أوربا تتكلم العربية، وهي جزيرة صغيرة في البحر المتوسط لكنها دولة مستقلة بذاتها لها سيادة ولغة خاصة بها؛ إذ يتحدث أهل مالطا اللغة العربية أو لغة قريبة منها إلى حد كبير أطلقوا عليها اللغة المالطية وهي لغة مشتقة بالأساس من اللغة العربية([3]).
الكلمات الأوربية ذات الأصل العربي
ورغم المبادرات الرامية إلى تحويل المفردات العربية إلى مفردات غربية بعد الاستعمار([4]) فقد وصلت المفردات العربية للغات الأوروبية عن طريق ترجمة مؤلفات ابن رشد، والكتب العلمية الأخرى، وكذلك لوحظ وجود كلمات أوربية كثيرة أصلها عربي:
في الانكليزية
زيت Aceite
شراب Jarabe
البحيرة Albuhera
السوق Alzoco
ديوان Divan
دينار Dinar
فقير Faquir
إملاء Imela
عالم Ulema
الياسمين Jasmines
القاضي Alcalde
خزانة Alacena
البركة Alberca
وفي الفرنسية :
مِسكين Mesquin
شَرْبات Sorbet
الغَارة Algarade
حِصان. Alezan
وفي الالمانية :
الطاسة Tasse
سكر Zucker
عصير الليمون Limonade
قهوة Kaffe
وفي الايطالية :
كلمة مرتبة materasso بمعنى فراش ، وكلمة الكحول العربية نجدها في الإيطالية alcol، وكلمة chitarra من العربية قيثار، وكلمة طرمبة العربية: Trmbp وتعني مضخة المياه، وكلمة مملوك العربية نجدها في الإيطالية mamelucco ،وسلطان sultano ،وزرافة giraffa ، وقيراط carato. أمَّا عن اللغة الإيطالية فيقول رينالدي:”لقد ترك المسلمون عددًا عظيمًا من كلماتهم في اللغة الصِّقِليَّة والإيطالية، وانتقل كثير من الكلمات الصقلية التي من أصل عربي إلى اللغة الإيطالية ثم تداخلت في اللغة العربية الفصحى، ولم تكن الكلمات فقط هي التي دخلت إيطاليا، وإنما تسربت أيضًا بعض جداول من الدم العربي في الجالية العربية التي نقلها معه إلى مدينة لوشيرا، الملك فريدريك الثاني… ولا يزال الجزء الأعظم من الكلمات العربية الباقية في لغتنا الإيطالية التي تفوق الحصر دخلت اللغة بطريق المدنية لا بطريق الاستعمار… إن وجود هذه الكلمات في اللغة الإيطالية، يشهد بما كان للمدنية العربية من نفوذ عظيم في العالم المسيحي”.
وفي الاسبانية :
أحدُ الأمثلة على ذلك: القضاء، والذي اعتمد على الشريعة الإسلامية؛ فكلماتٌ مثلُ: “asesino” ،”rehén”؛ أي: (الرهينة أو المحبوس)، و”tarifa” التعريفة، كلُّها دخلت الإسبانيَّةَ من خلال العربية. وكذلك أن هناك ما يزيد على 4000 كلمة عربية مستعارة، وأكثر من 1000 جذر لُغوي عربي، وهما معًا يشكِّلان 8% من المفردات الإسبانية([5]).
اللغة العربية في الجامعات الغربية
وللغة العربية حظ في الجامعات الغربية ، إذ أقام معهد اللغات واللسانيات التطبيقية في جامعة كازيمير العظيم (بالبولندية Kazimierz Wielki وتنطق كازميرش فيلكي)، في مدينة بيدغوتش شمال بولندا.وكانت محاضرات المشاركين عن جوانب مختلفة من لغة العرب وثقافتهم وتاريخهم ، ومن جامعاتهم التي تعتني باللغة العربية جامعة آدم ميتسكيفيتش في مدينة بوزنان، التي تأسست عام 1919 ويبلغ عدد طلبتها 50 ألفا، منهم 1300 طالب دكتوراه([6]).
وكذلك أول مطبعة عربية في أوروبا هي تلك التي أمر بإنشائها الكردينال فرناندو دي مدتشي Ferdinando I de’ Medici، كبير دوقات توسكانا Toscana ([7]).
إنَّ مستقبل اللغة العربية في دول أوربا يعود أولاً إلى بركة القرآن الكريم ، وتعلمه من قبل الناس ، والأوساط الثقافية والتعليمية والاجتماعية في دول أوربا ثانياً ، زيادة عن مساهمات الدول العربية والإسلامية في إقامة المؤتمرات والندوات والمهرجانات والتجمعات الأخرى .
فهرس الكلمات
([1])اللغة العربية خارج أراضيها.
([2]) اللغة العربية خارج أراضيها.
([3])دولة أوروبية رائعة الجمال لغتها الرسمية هي العربية.. فما هي؟
([4])حالة الدراسات العربية في ألمانيا.
([5]) كيف وصلت المفردات العربية للغات الأوروبية؟ ، و أثر اللغة العربية في اللغات الأوروبية Empty .
([6]) اللغة العربية في جامعات أوروبا، د. ستار سعيد زويني.
([7])أثر اللغة العربية في اللغات الأوروبية Empty.