معنى “الحور العين” الصحيح في القرآن

عشنا عمرا ونحن نعتقد ان معنى قوله تعالى (وَحُورٌ عِينٌ) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) هن نساء خلقهن الله في الجنة جزاء للمؤمنين. كما اخبرونا وأن للمؤمن منهن عدة نساء.. .ولكن عند التدبر بلسان القرآن القويم واتباع قرآن الايات لاستخلاص بيانها وتفصيلها تجد المعنى يختلف عن ماقالوه جملة وتفصيلا.

تفسير الأية الكريمة(وحور عين)

قال سبحانه وتعالى عن اهل الجنة (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ) لَّا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ) وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ) ومن ثم قال سبحانه (وَحُورٌ) حور في اللسان بمعنى بيض يقال: احوّر الظبي اي ابيض.. ويقال : امرأة حوراء اي بيضاء ..ويقال : احورت عينه اي ابيضت. وهي صفة عطفت على ماقبلها من الولدان (وَحُورٌ) اي بيض(عِينٌ) اي انهم بعينة واحده (كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) اي مثلهم كمثل اللؤلؤ الابيض النقي والنفيس اذا انتثر.

والايات تصف إحورار الولدان وصفائهم وعينتهم وأنهم عند رؤيتهم في طوافهم بين اهل الجنة كأمثال اللؤلؤ النفيس المكنون (كَأَمْثَالِ) تشير الى نثر (اللؤلؤ المكنون) كقوله سبحانه عنهم في آية اخرى (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا) والقرآن يبين بعضه والمعنى : اي ان هؤلا الولدان الطوافون بالخيرات الحسان على اهل الجنة هم في أحورارهم وصفائهم وعينتهم كأمثال اللؤلؤ الابيض النفيس المنثور في تفرقته..

هذا معنى الاية باللسان واتباع القرآن لأستخلاص البيان قال سبحانه (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) يعني الله سبحانه يخبرنا ان البيان الصحيح في القرآن (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا) فقط اتبع قرآن الاية المراد بيانها وستجدها في آيات مفرقه ومفصله كما قال (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا) ناهيكم ان القرآن مافيه اختلاف فهو كتاب يبين بعضه قال (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)

من هم الولدان المخلدون؟

الولدان ليس بغريبين عن اهل الجنة وهم اطفال اهل الدنيا الذين توفاهم الله سبحانه دون سن التكليف ومنهم الجواري الاناث ومنهم الغلمان الذكور. ومفردة الولدان في اللسان تطلق على الفئتين كقوله سبحانه (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا) الولدان هنا يعني بهم الذرية القاصرة الضعيفة التي لم تبلغ سن التكليف وتجمع الغلمان والجواري وذالك كون صيغة التذكير تغليب في اللسان..

وقد فصّل القرآن عنهم ذكور واناث قال عن الغلمان (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ) وعن الجواري (وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ) قاصرات الطرف اي بالكاد ان تنظر اليك احداهن حياء وخجلا وهذا الوصف ايضا موجود لدى بعض الجواري الصغار في الدنيا وقال (عين) اي انهن بعينة واحدة وعمر واحد قال (كأنهن بيض مكنون) بمعنى (لؤلؤ مكنون) في الغلمان وبيض صفة للونه في الجواري ..

وقال سبحانه في اخرى (وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ) اي هذه من ترب هذه وهذه من عينة هذه واتراب في اللسان تطلق على الجواري الصغار كالقول : سلمى من ترب سعاد.. وليلى من ترب رجاء ..وعن الغلمان كالقول: ذهب الغلام يلعب مع اترابه. اي مع اقرانه.او ومن هم من عينته.. وفائدة لطيفة قال عن الجواري (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ) يتضح هنا ان الاية تتكلم عن اناث بينما قوله سبحانه. (كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) هنا يتضح انها تتحدث عن ذكور ولو شمل المعنى الاناث ولكن صيغة التذكير تغلب في الولدان

المؤمنين من أهل الجنة وذرياتهم من الولدان

وقد بين الله سبحانه عن المؤمنين وذرياتهم من الولدان قال (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) تدبر ان المتقين هنا يعني بهم سبحانه المؤمنين من الرجال والنساء قال (يلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ) ومن ثم قال (كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ) زوجناهم في اللسان يعني اقرناهم كقوله سبحانه (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) اي اقترنت بامثالها واشكال

(وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ) اي اقرناهم والحقنا بهم ازواج من ذريتهم النفيسة من الجواري والغلمان كقوله سبحانه (أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) اي الحقنا بهم زوج آخر من ذراريهم ووصفهم بحورارهم وعينتهم (بِحُورٍ عِينٍ) وذالك ليقر اعين المؤمنين بهم لذالك قال بعدها عن المؤمنين (يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ) ومن يلبوا دعواهم هم ذريتهم الطوافون عليهم كما كانوا كذالك في الدنيا (طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ

وأهل الجنة جميعهم من ذرية آدم الصالحه بعضهم من بعض والمؤمنين كانوا في الدنيا لديهم ولدان من ذرياتهم الذين من اصلابهم ولديهم مما ملكت يمينهم من ذراري الاخرين كما قال سبحانه (لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) كذالك في الآخرة الطوافون عليهم من الولدان هم مما ملكت يمينهم من ذراري الاخرين من اهل الدنيا ومنهم الذين منا صلابهم وكلهم بعضهم من بعض.

تعريف المفردة تحريف

الناس فسروا (وحور) بتعريف المفردة ب [الحور] وقالوا الحور جمع المراة الحوراء ..اي البيضاء .. وذالك غير صحيح ..جمع حوراء في اللسان [حواريات] وليس حور.. وفي ذالك قول الشاعر :أن الحواريات معطبة لنا اذا تبدن من خلف الجلابيب. ويعني بالنساء البيض انهن فتنه ان تبدن من خلف جلابيبهن وقال آخر: قل للحواريات يبكين غيرنا ونحن تبكينا الكلاب النوابح..

والدليل ان جمع حوراء حواريات، هو ان جمع حواري من الرجال (حواريون) على وزن (حواريات).. وسموا حواريون عيسى بذالك كونهم يلبسون ثياب بيض فاتصف الحواري فيما بعد بالرجل المخلص الموالي باخلاصه للنبي، تيمنا باخلاص الحواريين لعيسى عليه السلام فقيل: لكل نبي حواريون اي اصحاب مخلصين ..زفي الحديث قال : الزبير من حواري النبي

وفسروا (عِينٌ) بالعين الواسعة النجلاء اي عين البصر علما ان (عِينٌ) بكسر العين وليس فتحها وغير معرفة وتعني انهم بعينة واحدة وعمر واحد فجعلوا الناس المعنى هنا مستقل عن الصفة المعنية بها في الايات بقولهم [الحور العين] بينما هي (وحور عين) صفة لما قبلها غير قابله للتعريف فكل مفردة تعني شيء (حور) تعني بيض (عين) تعني بعينة واحدة وبيانها (كأمثال اللؤلؤ المكنون) واللؤلؤ ابيض ونفيس وبعينة واحده والايات تصف الولدان

عدم جواز تحريف كلام الله عن مواضعه في القرآن الكريم

والناس بتعريفهم للمفردة حرفوا الكلم عن مواضعه بغير علم وتلك سنن اهل الكتاب (مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ) مشايخ اهل الكتاب لووا السنتهم بالكتاب بمعنى على غير حرف الكتاب الذي انزل عليه كما قال فيهم سبحانه (يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ) فالتحريف من حرف الحرف عن مكانه وليه واستبداله لمعنى آخر ..

وقد اتبعنا تلك السنن حذوا القذة بالقذة من زمن ..حيث انهم بتعريفهم للمفردة قالوا: ان الحور العين نساء خلقن في الجنة للرجل عدة نساء منهن واطنبوا في الوصف وقالوا: انك ترى وجهك في ساقها وترى الماء من عبرها..وترى.. وترى.. وترى. من الصفات

وتلك اماني ذكوريه صرفه كأماني اهل الكتاب والله يقول (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا) وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) تدبر ان الذكر والانثى جزائهم واحد في الجنة وقال سبحانه في آية اخرى (أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ)

الله سبحانه وتعالى يجزي الانفس بما عملت سوا ذكور او اناث ولايزيد فئة بشيء عن اخرى قال (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ) والذين آمنوا يعني بهم المؤمنين والمؤمنات..لن يخلق لله سبحانه للرجال نساء بمواصفات خاصه دون نسائهم المؤمنات اللاتي شاركوهن الحياة وسهرن وتعبن على تربية ابنائهن واحسنن في الحياة الدنيا لبعولتهن بل سيجزيهن احسن الجزاء

قال (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) فعلى ذالك قام الخلق والامر (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ) بين الناس في الدنيا والءخرة..والايات كانت صفة لإحورار الولدان ونقائهم وعينتهم انهم كأمثال اللؤلؤ النفيس المكنون اذا انتثر وتفرق والله اعلم.

بقلم: عبدالكريم باسويد

أضف تعليقك هنا