الأقسام إسلامرمضان

رمضان أقبل….هيّا فشمروا

من واسع فضْل الله – تعالى – وجميل كرمه، ومقتضى حكمته، ورفيع عَدله، أنه ميَّز بين الخلائق، وفضل بعضهم على بعض، بل وميز بين الأماكن وفضل بعضها على بعض، فجعل مكة المكرمة أطهر بقاع الأرض وأشرفها، وميز بعض الأزمان على بعض، فجعل رمضان سيد الشهور وأشرفها، بل وجعل ليلة واحدة فيه تفضل ألف شهر كاملة.

الشهر الذي تنزل فيه الرحمات وتكثر فيه البركات

ومما منَّ الله به على هذه الأمة أن جعل فيها رمضانَ، ضيفٌ عزيزٌ ينزل بها في كل عام مرة واحدة، يملؤها فرحة ويغمرها سعادة، يغير  أجواءها من الكآبة والسأم إلى السعادة والأمل، من الشح والبخل والأثرة إلى البذل والجود والعطاء، والعجيب أن هذا الضيف يَفِد لا ليكرمه المضيف، بل إنه ضيفٌ نزل بنا مع بركته وخيره وفضله، فهو شهر تتنزل فيه الرحمات وتكثر البركات، ويزاد فيه رزق المؤمن، وبه من المنح والهبات والعطايا ما تواترت به الأحاديث وامتلأت به كتب السنة، وسطره ربنا في قرآنه حين قال: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ ﴾  البقرة :185

ورمضان هو تلك الثورة السنوية التي تحدث على مستوى الأفراد والمجتمعات، فالفرد يهرول إلى ربه يرجو رضاه، ويبدأ رحلته إليه، فتراه يحزم أمتعته ويعزم على بدء التغيير والتعديل والتطوير، فإن كان مقصرًا فيما يتعلق بأمور الدنيا أو أعمال الآخرة وثب ليعدل مِن حاله، ويلحق بركب الصالحين، فتعتدل أخلاقه، وتنضبط عباداته، ويبادر بالإحسان في كل شي، فعن النبي ﷺ أنه قال“: إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة.”

فضائل شهر رمضان

ويا له من شهر عظيم، تتجلى فيه رحمات ربنا وفضله، ويزداد فيه خيره وكرمه، فهو يجازي بالحسنة خيرًا منها، وعلى الفريضة أضعافها، وعلى النوافل ما لا يعلمه إلى هو -سبحانه وتعالى – وقد ثبت عنه ﷺ أنه قال: “كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، يقول الله عز وجل: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك “

الفالح الفائز من خرج من هذا الشهر وقد حقق هدفه

والفالح الفائز من خرج من هذا الشهر، وقد حقق هدفه، وبلغ مناه، ووصل إلى مبتغاه، الفالح الفائز من خرج منه وقد غفرت ذنوبه ومحيت سيئاته، وفاز بالجنان، وكتب له الارتواء من نهر الريَّان، والخاسر الخائب من نزل به رمضان، فبقي ما بقي، ثم رحل عنه ولم ينل منه سوى الجوع والعطش في نهاره، والقيام والسهر في ليله.

مقالات متعلقة بالموضوع

فعن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: صعد النبي -صلى الله عليه وسلم- المنبر فقال: آمين، آمين، آمين. قال: أتاني جبريل -عليه السلام- فقال: يا محمد، من أدرك أحد والديه فمات فدخل النار، فأبعده الله. قل: آمين. فقلت: آمين. قال: يا محمد، من أدرك شهر رمضان، فمات، فلم يغفر له، فأدخل النار، فأبعده الله. قل: آمين. فقلت: آمين. قال: ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك، فمات فدخل النار، فأبعده الله. قل: آمين. فقلت: آمين” ويالها من حسرة يومئذٍ.

اللهم لا تحرمنا هذا الشهر خيره وبركته ورحمته

فهيا – أخي الكريم – لنكن أول من يغتنم هذا الشهر، فيهب لله صيامه، ويحرص على قيامه، يبادر بالخيرات، ويسارع في فعل الطاعات، يصدق في تجارته، ويخلص في حرفته، يتلو قرآنه، ويقيم صلاته، ينفق من ماله، ويصل أرحامه وإخوانه، يتعهد أهل بيته ويقود أولاده إلى كل خير، يضع خطته ويحدد أهدافه، وليكن هدفه من هذ الشهر: “يا رب رضاك والجنة” نسأل الله – جل في علاه – ألا يحرمنا هذا الشهر خيره وبركته ورحمته، وأن يرزقنا فيه الفوز بالجنة والنجاة من النار.

فيديو مقال رمضان أقبل….هيّا فشمروا

أضف تعليقك هنا
شارك

Recent Posts

جبريل عليه السلام

بقلم: رسل المعموري جبريل عليه السلام هو أقرب ملائكة الله إليه، وصديق النبي صل  الله… اقرأ المزيد

% واحد منذ

من فضلك كن نفسك فقط

أيها القارئ الكريم ظللنا لعقود طويلة ومنا من لا يزال يؤمن أو متأثر بثقافة المنظرة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

تاريخ الديانة الحنيفية

بقلم: رسل المعموري ""وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا… اقرأ المزيد

% واحد منذ

كيف تحتوي المراهقة؟

ما هي صفات الابن المراهق؟ لسن المراهقة بدايةً بالتمهيد وهو عمر ما قبل سن المراهقة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

بين قمم الأطلس وخضم الريف: شهادة امرأة حرة عن جمال وتنوع المغرب الأمازيغي

أنا فخورة بأنني أمازيغية مغربية، فاللغة الأمازيغية تحمل في طياتها عمق الإحساس وجمالية الطبيعة والثقافة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الدراما السورية..نهوض الفينيق!!

لطالما كان الوقوفُ على قدمين منتصبتَين، أو ربّما على قدمٍ واحدة، أو ربما النهوض بلا… اقرأ المزيد

% واحد منذ