بقلم: سعد أحمد
من هي كليوباترا؟
تعرفُ كليوباترا (بالانجليزية: Cleopatra) بأنّها ملكة مصرية اعتلت الحكم بعد وفاة والدها بطليموس الثاني عشر في الواحد والخمسون قبل الميلاد، إذ كانت كليوباترا من الشخصيات المشهورة في التاريخ؛ فقد اشتُهرت من الناحية الدرامية بحبّ يوليوس قيصر، وبزواجها لاحقاً من مارك أنطوني، وكانت نموذجاً للمرأة الفاتنة والرومانسية الجميلة في ذلك العصر، امّا من الناحية التاريخية فقد كان لها أثر كبير في السياسة الرومانية في ظلّ ظروفها الحرجة التي كانت تمر بها، فقد حكمت مصر فور وفاة والدها مع شقيقها بطليموس الثالث عشر، وكان ذلك من عام واحد وخمسين قبل الميلاد ولغاية عام سبعة وأربعون قبل الميلاد، ثمّ حكمت مع شقيقها بطليموس الرابع عشر حتى عام أربعة وأربعين قبل الميلاد، ثمّ حكمت مع ابنها بطليموس قيصر حتى عام ثلاثين قبل الميلاد، اذ تزامن ذلك مع وقوع مصر تحت سيطرة الرومانيين بعد هزيمة قوات كليوباترا وأنطونيو المشتركة ضد جيوش أوكتافيان الرومانية. مقال يتحدث عن الملكة كليوباترا ويمكنك قراءة المزيد من المقالات التي تتحدث عن التاريخ من هنا.
ولادة الملكة كليوباترا ونشأتها
استقبل حاكم مصر بطليموس الثاني عشر والذي كان يُدعى أوليتيس (بالانجليزية: Auletes) طفلته الثالثة في العائلة المالكة في شتاء عام تسعة وستين قبل الميلاد، وسُمّيت هذه الطفلة باسم كليوباترا، والتي تعني باللغة اليونانية مجد والدها، حيث انضمت كليوباترا إلى السلالة التي حكمت مصر لأكثر من مئتين وخمسين عاماً؛ ابتداءً من بطليموس الاول الذي خدم في القرن الرابع قبل الميلاد كجنرال في عهد الإسكندر الأكبر، وختاماً بحكم كليوباترا.
[٢] اتّصفت كليوباترا بالعديد من الصفات التي ورثتها من البطالمة (بالإنجليزية: Ptolemaic)؛ إذ كانت تظهر كمواطنة مصرية إلّا أنّ أصلها اليوناني كان يجري منها مجرى الدّم، وقد نشات كيلوباترا -التي تُعرف كذلك باسم كليوباترا السابعه تاريخياً- في قصر يقع في الإسكندرية، حيث ضمّ هذا القصر خمسة أخوات وإخوة بالإضافة إلى كليوباترا التي لم يؤكد التاريخ هوية والدتها؛ إذ يُذكر أن أمهم هي أخت بطليموس الثاني عشر، والتي كانت تدعى كليوباترا الخامسة، حيث كان الفراعنه قديماً يتزوّجون من الأخت الشقيقة؛ تأثّراً بحياة الآلهة التي يعبدونها.شخصية الملكة كليوباترا محط أنظار الكتاب والمؤرخين
تمّت تربية كليوباترا واخوتها بشكل يسمح باستمرارية هذه السلالة التي كانت تتيح للمرأة ممارسة الحكم بشكل مستقل، أو أن تكون شريكة للرجل في ذلك، فتتلقى التعليم لتكون مهيئة لحكم الامبرطورية وإدارة مسؤوليتها تماماً كما يتلقاه الرجل في الأُسر الحاكمة، إذ يحدث ذلك تبعاً للقانون المصري الذي اتّبعه البطالمة ان ذاك، وقد كانت كليوباترا امرأة جميلة وفاتنة سحرت بشخصيتها الجذّابة العديد من الشخصيات المهمة في عصرها، بالإضافة لما كانت تتميّز به من صوت موسيقي جميل، وذكاء حاد تمثّل في حنكتها السياسية بشكل خاص، ويُذكر عن كليوباترا انها كانت تتحدث تسعه لغات، بالإضافة إلى كونها أول من تحدثت باللغة المصرية من البطالمة الفرعونيين.
كان لحياة كليوباترا الأثر الكبير على الروائيين، والمؤرخيين، وعامة الناس، اذ انتشرت قصتها بقوة لِما شهدته مصر في عصرها من ازدهار في ذلك المجتمع الذي يسيطر عليه الرجال، لا سيما في ظل المعارك الداخلية والخارجية التي سيطرت على مصر في ذلك الحين، حيث استطاعت كليوباترا الحفاظ عليها، وإثبات نفسها كقائد منافس لنظرائها الذكور، وكامرأة قوية حافظت على لُحمة بلادها، وهي الأمور التي جعلت اسمها خالداً في كتب التاريخ حتى اليوم.[٦] سحرت كليوباترا عشرات الفنّانين والكتّاب بجمالها وجاذبيتها التي ظهرت لعامة الناس، وبتحالفها مع اقوى رجلين في عصرها؛ مما جعلها محوراً للعديد من أعمال الكتّاب والفنانين الأدبية التي تصف حياتها وملامح شخصيتها الفريدة.
قصص مختلفة حول موت الملكة كليوباترا
تُظهر الروايات التاريخية تفصيل حول موت كليوباترا، فبعد خسارة أنطونيو في معركة أكتيوم أمام قوات أوكتافيان انتحر أنطونيو وتبعته كليوباترا بلدغة ثعبان حملته ودفعته للدغها، فيما وُضعت العديد من الدراسات لبيان مدى صدق الفرضيات المطروحة حول موتها، إذ وضعت دراسة جدانكين كتجربة فكرية لاختبار منطقية ما نصّت عليه الفرضية، إذ مما هو معلوم أنّ قبر كليوباترا يقع قرب القصر الذي عاش فيه أوكتافيان في الإسكندارية في مصر، وقد كانت كليوباترا في ضريحها عندما أرسلت مذكرة الانتحار التي كتبتها إلى أوكتافيان، مما يدل على حملها للثعبان بعد فترة قصيرة من إرسال المذكرة ليقوم بعضّها وقتلها،[٥] كمّا يُشار إلى أنّ الوقت الذي استغرقه الحارس لإرسال المذكرة والعودة الى مكانه هو بضع دقائق، وهذا ما يتعارض مع ما جاء به الطب، اذ أثبت ان أمر وفاة كليوباترا استغرق بضع ساعات لا دقائق وهو الأمر الذي يدحض الفرضيّة الأولى، لذا ظهرت فرضية أخرى تنصُّ على ان أوكتافيان هو من قتل كليوباترا وابنها كجزء من خطته للاستيلاء على الإمبرطورية بأكملها.
[٥] وقد تمّ العثور على معلومات حول انتحار كليوباترا في ملف موجود في المعبد، على الرغم من احتواءه على أخطاء فقد اعتقد بعض الأفراد بذلك بعد ما ظهر في المعبد من نحت لإيزيس وهو محاط بثعبان، حيث اعتقدوا بأنّ كليوباترا هي النسخة الحية لإيزيس وهو ما يدل على مصيرها، وكفرضية أخيرة أشارت إليها بعض الدراسات الحديثة أوضحت أنّ سبب موت كليوباترا جاء نتيجة لتعاطي بعض المواد المخدّرة السامة، وذلك وفقاً للمؤرخ والاستاذ الالماني في جامعة ترير كريستوف شافر تبعاً لما وجده في أوراق البردي القديمة التي أظهرت بأنّ المصريين كانوا يعرفون السموم، لذا يعتقد شافر بأنّ كليوباترا قد خلطت مجموعة سامة من المواد المخدّرة المستخرجة من النباتات لتنفيذ غايتها بالانتحار، أو أنّ هناك من أعد لها ذلك السُّم المسؤول عن موتها، إلّا أنّه وبالرغم من كل ما ذكره العلماء والمحللون تبقى مسألة وفاة كليوباترا مُحاطة بالغموض؛ بسبب عدم توفّر المعلومات الدقيقة التي تصف ما حدث منذ ما يقارب الألفي عام. (شاهد مقاطع فيديو موقع مقال على اليوتيوب)بقلم: سعد أحمد