إدارة التغيير كأحد الاتجاهات الإدارية المعاصرة في المؤسسات التربوية

بقلم: صبا محمود عوده

التغيير سمة من السمات الكونية والتي لا يمكن لأحد منعه أو التحكم به بشكل أكيد. فكل النشاطات الإنسانية في الحياة اليومية متصلة بالزمن والذي يندفع باستمرار نحو المستقبل دون توقف ويستحيل للزمن الماضي أن يكون حاضراً أو مستقبلاً إلا أن إدارة الحاضر والتغييرات التي تتم فيه تؤثر إلى حد كبير على صورة المستقبل.

وإدارة التغيير ضرورة ملحة في شتى المجالات لمتابعة كل جديد والتكيف معه وللإستمرار في عملية التحسين المستمر والحفاظ على البقاء. والتغيير والعمل على تطوير المؤسسة التعليمية أصبح ضرورة حتمية لمسايرة التغييرات التي تحدث داخل البيئة المدرسية والتعليمية وخارجها.

والتغيير للمؤسسة لا يمكن للفرد الواحد أن يقوم به إلا أنه يمكن لفرد واحد أن يقوده، وهذا هو دور قادة التغيير. فقادة التغيير هم من يبحثون عن الفرص المناسبة لإحداث التغيير للنهوض بمؤسساتهم من جهة كما ويضعون الخطط لمواجهة أي تغيير يمكن أن يطرأ لديهم من جهة أخرى، و يدرسون كافة الأساليب لاختيار الأسلوب الأنسب في عملية التغيير ويستطيعون قيادة فريق العمل نحوه بشكل إيجابي.

وكما أسلفت فالتغيير من السنن الكونية الفطريه التي تتأثر بعامل الزمان والمكان وتعاقب الأحداث و التطورات المتلاحقة، وبداية التغيير تنبع من الذات فكما قال جل جلاله: (إِنَّ اللّه لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد: 11]. ويتطلب التغيير الهادف والفعال وجود رغبة ملحة واتخاذ الإصلاح والتحسين المستمر أهدافاً أساسية للنظام الإداري.

و في حال عدم وجود تطلعات مستقبلية هادفة للتغيير فلن يمنع ذلك من حدوثه، إلا أنه سيؤثر على كونه تغييراً ايجابياً أم لا. فالتغيير حاصل لا محالة ولكن الإدارة الحكيمة هي التي تتابع التغييرات وتسير على الركب لاستثمارها تارةً وتنتهز الفرص لاحداثها تارةً أخرى، كما وتقوم هي أيضاً بخلق بعض التغييرات في أحيانٍ كثيرة حسب أولويات وحاجات المؤسسة.

تعريف إدارة التغيير

يمكن تعريف إدارة التغيير بأنها منهج منظم لانتقال الأفراد والمجموعات والمنظمات من حالتهم الحالية إلى حالة مستقبلية مرغوبة، بهدف تحقيق رؤية أو استراتيجية محددة، بالإضافة إلى كونها عملية تنظيمية تهدف إلى تمكين الموظفين من قبول واحتضان التغييرات في بيئة العمل.

مراحل التغيير

اتفق عدد من الكتاب والباحثون على تقسيم التغيير إلى ثلاث مراحل وهي:

  • المرحلة الأولى: مرحلة إذابة الجليد أو مرحلة الهدم والإزالة للقديم.وتتضمن استبعاد و إلغاء الاتجاهات والقيم والعادات والسلوكيات الحالية وايجاد شعور بالحاجة لشيء جديد بدافعية واستعداد لتعلم أشياء جديدة.
  • المرحلة الثانية: مرحلة التغيير أو مرحلة التهيئة والإستعداد.يتم في هذه المرحلة تغيير وتعديل فعلي في الواجبات أو المهام أو الأداء. ويلزم ذلك تزويد الأفراد بمعلومات ومعارف وأساليب جديدة.
  • المرحلة الثالثة: مرحلة إعادة التجديد أو مرحلة إقامة البنيان الرئيسي.وفي هذه المرحلة يتم دمج الأفكار والمهارات والاتجاهات الجديدة في الممارسات الفعلية. حيث تهدف هذه المرحلة إلى تثبيت التغيير واستقراره.

خطوات التغيير

كما أن التغيير يمر بخطوات أساسية تشمل:

  1. تحديد ما نطمح إلى تغييره.
  2. إقناع أصحاب المصلحة بجدوى عملية التغيير.
  3.  إعداد خطة التغيير.
  4. توفير الموارد الضرورية واستخدام البيانات للتغير.
  5. عملية التواصل الفعال.
  6. مراقبة وإدارة ممارسات المقاومة للتغيير، والاستعداد للمخاطر المحتملة
  7. إشراك فريق العمل وتقدير ما وصل إليه في كل مرحلة.
  8. التحديث والمراجعة والتركيز على أن التحسين عملية مستمرة يجب ألا تتوقف.

استراتيجيات إدارة التغيير

أجمع العديد من الباحثين والكتاب على وجود عدد من استراتيجيات إدارة التغيير أوجزت د. إيناس عباد العيسى أبرزها في كتاب إدارة الإدارة (منصة تعليم جديد: 8-5-2021) على النحو الآتي:

  • استراتيجية الرشد والتطبيق العملي: والتي تفترض أن الأفراد يميلون لتطبيق ما يحقق مصالحهم واستخدام ونشر وتبادل المعلومات لاتخاذ القرار الرشيد.
  • استراتيجية القيم:وتعني أنه لا بد من إعادة التعلم لإحلال القيم الجديدة بدلاً من القديمة لعدم فعاليتها.
  • استراتيجية تطبيق القوة والقهر والإذعان: وتقوم على إرغام الأفراد على إحداث التغيير.

كما أضاف إليها الصيرفي (2006)  عدداً آخر من الاستراتيجيات منها:

  • إثارة عدم رضا العاملين عن الوضع القائم.
  • تفعيل دور الإدارة العليا والحصول على دعمها.
  • مشاركة العاملين في صنع واتخاذ القرار.
  • إمكانية ربط المكافآت بالتغيير.
  • التقدم باستراتيجية لعمل دراسة ميدانية للواقع للتعرف على أسباب مقاومة التغيير. 

مقاومة التغيير

يقصد بمقاومة التغيير امتناع الأفراد عن التغيير ورفضهم الكلي أو الجزئي له وعدم الإمتثال له وتنفيذه ويمكن أن يكون هذا الرفض معلناً كالاحتجاج وطلب النقل والإضراب أو غير معلن وينتج عنه تكوين جماعات معارضة سرية تقاوم التغيير. ولرفض التغيير جوانب ايجابية وأخرى سلبية ويكون عادة نابع من وجود اسباب لدى الأفراد مثل:

  • الإرتياح للوضع الحالي واعتبار أنه ليس من الممكن أن يوجد ما هو أفضل منه.
  • الجهل بهدف التغيير وسوء الإدراك.
  • الخوف من الجديد أو من فقد مزايا مكتسبة من الواقع الحالي وتأثر المصالح الشخصية.
  • التخوف من النتائج المترتبة على التغيير وعدم الثقة في مستقبله والشعور بوجود أضرار مترتبة عليه.
  • ضعق القيادة الإدارية و عدم قدرتها على اعطاء الثقة للأفراد.

ولضمان نجاح التغيير هناك عدة عوامل، أبرزها:

  • تشخيص المشاكل التنظيمية بأسلوب علمي للتعرف على مداخل التغيير.
  • توفير مناخ يتقبل التغيير.
  • اشراك الأفراد والجماعات في وضع أهداف التغيير والتخطيط له وتنفيذه.
  • تشخيص عوامل مقاومة التغيير ومركزه.
  • دعم القادة الإداريين لقادة التغيير لضمان استمراريته وتحقي نتائجه المطوبة.
  • توضيح فوائد التغيير للأفراد وتوضيح الآثار المادية والمعنوية المترتبة عليه.

الخلاصة

إدارة التغيير تهدف بشكل رئيسي إلى الوصول للمعارف والمهارات والاتجاهات والأنماط السلوكية والثقافية للمؤسسة أو المنظمة للعمل على تحسينها وتطويرها استيعاب الثقافة السائدة والمتغيرة عالمياً، وتلبية احتياجات السوق ومواجهة المشكلات الإدارية المختلفة وعلى كافة المستويات العمل على حلها بطريقة تتناسب مع التقدم التكنولوجي وزيادة الجودة. وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بوجود استراتيجيات واقعية مدروسة وعقلانية وبالعمل المشترك في صناعة واتخاذ القرار، مع تقدير حاجات الأفراد داخل بيئة العمل، الأمر الذي يدفع باتجاه عملية إعادة التعلم وإحلال قيم جديدة تتلاءم مع الأهداف.

بقلم: صبا محمود عوده

 

أضف تعليقك هنا