سماحة الدين الإسلامي

بقلم: معاذ الروبي

السماحة جوهر الدين الإسلامي

السّماحة ككلمة بحد ذاتها تحمل الكثير من الرفق واللين. ليس هذا فحسب، بل هي تشمل السلاسة والسهولة في الأحكام بما تتضمنه من أوامر ونواهي دون افراط أو تفريط. لذلك كان من البديهي للإسلام كدين عالمي أن تكون السماحة جوهر بنيته وتشريعاته. حيث تسهل هذه السماحة مخاطبة كل البشر بغض النظر عن أعراقهم أو ألوانهم وأفكارهم ومعتقداتهم.

هذا ظهر جلياً منذ بدايات هذا الدين الحنيف وكان أكثر وضوحها في عصر النبوة حيث كان العفو عن المقدرة صفة بارزة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم خلال حروبه وفتوحاته. امتد هذا ليشمل أحكام هذا الدين حيث تتميز بالعدل والمرونة. من الأمثلة على ذلك التخفيف في العبادات حيث سمح الإسلام للمريض بالصلاة جالسا وأباح للمسافر قصر صلاته أو جمعها. كذلك منح للصائم غير المقتدر الفطر عند وجود العذر.

الإسلام ليس دين عنف

في الآونة الأخيرة ظهر الكثير ممن يتهجمون على الدين بوصفه ديناً إقصائياً يدعو للعنف. ويا للأسف هذا الادعاء برره لديهم تصرفات بعض المحسوبين على الإسلام وتهاون أئمة المسلمين بالرد عليهم أو التبرؤ منهم ومن أفعالهم. من هنا تصبح المسؤولية أكبر على عاتق كل مسلم بأن يقدم الصورة الصحيحة لدينه التي تتسم بالاعتدال وتحمل في طياتها انبساط الوجه وإفشاء السلام ولين الجانب. في زمننا هذا حيث صار العالم قرية صغيرة وجب رفع شعار لا إكراه في الدين وإعادة توضيحه للناس خصوصا أنه أصبح بمقدور كل شخص على هذه البسيطة الوصول لدعوة الإسلام ومعرفتها من خلال الانترنت والتطبيقات المتاحة بكل اللغات تقريبا بدون جهد أو مجهود يذكر.

مظاهر تجلي السماحة والعفو في المعاملات عند الإسلام

لقد شرع الإسلام للناس حقوقهم ووضع عليهم واجباتهم من أجل تنظيم حياتهم داخل المجتمع وخارجه. شمل هذا الكثير من الأحكام الميسرة في مختلف جوانب الحياة. حيث دعا الدائنين إلى الصبر على المدينين وعدم استغلال محنتهم. أيضاً الدعوة إلى اللين و السماحة في التجارة بما تشمله من عمليات البيع والشراء، وضمن هذا السياق يقول النبي: (رَحِمَ اللهُ رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى) [رواه البخاري].

السماحة في خلق الرسول محمد صلى الله عليه وسلم 

إن من أعظم الأمثلة على سماحة هذا الدين هي تسامح نبيه صلى الله عليه وسلم مع أذى قبيلته قريش التي كالت له كل أنواع الأذى خلال دعوته المحمدية. ومع ذلك فقد عفى عنهم ومنع إيذاء أيّ معاهد أو مستأمن دخل بلاد المسلمين حيث قَالَ: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا) [رواه البخاري]. كذلك فقد حرم التعرض لدور عبادة غير المسلمين سواء وقت الحرب أو السلم. ومنع قتل من لم يتجهز للحرب من نساء وأطفال وكبار سن.

الإسلام دين يسر 

إن الإسلام دين رحمة ورأفة.. دين يسر وسماحة، وعلى كل المسيئين لفهمه أن يستقوا معلوماتهم من الراسخين في العلم لا المتنطعين والمغالين من كل المذاهب والمشارب، لم يكلف الله الناس إلا بما تحمله وتستطيعه، فما تعمله من خير فلها وما تقترفه من شر فعليها حيث يقول سبحانه: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) البقرة ٢٨٦ ويقول في سورة الحج الآية ٧٨ (هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج)، إن الله سبحانه هو أدرى بعباده وأحوالهم وهو الأرحم بهم من أمهاتهم، لذا فهو لا يحاسبهم على أخطائهم التي ارتكبوها بفعل النسيان أو الجهل أو الإكراه، بل بما اقترفوه عمداً حيث يقول سبحانه: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) الأحزاب ٥.

لقد أراد الله بالمسلمين اليسر لا العسر (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) البقرة ١٨٥ وبعث نبيه بالحنيفية السمحة والذي قال (إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا) رواه البخاري. فيا دعاة الغلو والفساد أفيقوا قبل أن تحاسبوا، واعلموا أنكم بتطرفكم وتضييقكم على الناس إنما تصدون عن دعوة الإسلام وتفتنون الناس في دينهم ومعتقداتهم. (شاهد مقاطع فيديو موقع مقال على اليوتيوب)

بقلم: معاذ الروبي

 

أضف تعليقك هنا