سُخرِيَةُ الأقدَارْ

قصة شاب مصاب بالإيدز..

ماذا حدث عندما أراد الشاب أن يتبرع لأخيه بالدم؟

بعدَ مكابدةٍ للمرض ِاستمرت ثلاثة َأعوامٍ دونَ أن يَعلمَ بهِ أحد, بدأتْ معالمُ ما يخفيهِ بالظهورْ…. لاحظتْ والدتهُ ذلكَ فأخبرتْ أخيهِ الوحيد الذي سَارعَ بإسعافهِ إلى المشفى. وبعدَ فحوص ٍأجريت له ُعـُلم مَرضهُ الذي أخفاهُ, بل وتمنى الموت ليكتمهُ كآخرَ سرٍ من أسرارهِ التي لم تكن قليلة، واحتاجَ لكمية ٍمن الدم لتعويض ما فقدهُ مِنهُ. كانت فصيلة ُدَمهِ نادرة بل نادرة ٌجدا، وبعد البحث في بنك الدم الذي لم يجدوا فيهِ إلا كمية ًقليلة لا تفي بنصفِ الاحتياج بدئوا بالبحثُ في المستشفيات ومن ثَمَّ البحثُ عن متبرعين, ولحسنِ حظهِ أن كانت فصيلة ُدَمِ أخيهِ نفسَ فصيلة دمهِ.

ما نتيجة الفحوصات التي أجراها الشاب قبل التبرع بالدم لأخيه؟

اتجهَ الأخُ لبنكِ الدم لإجراءِ الفحوصات ِقبلَ التبرع وهناكَ كانتِ المفاجأة… لم يـُقبلْ دمهُ!.. تساءل عن السببِ ولم يجدْ إجابة شافية إنما كانَ يشعُرُ بنظراتٍ لم يستطع تفسيرها، خصوصا ً مـن المُمرضات وأطباءِ المُستشفى… لم يكترثْ لذلكَ وتابع البحث عن دم ٍلأخيهْ.

وبعدَ أن تماثلَ أخوه للشفاءِ وعودتهَ إلى المنزلِ بدأ السـؤال ُيفرضُ نفسهُ.. لماذا لم يـُقبلْ دمهُ؟!. عادَ للمستشفى باحثا ًعن إجابةٍ فلم يجدها.. نَصحه ُالطبيبُ الذي فحصَ دمهُ بإعادةِ الفحص بالمختبرِ المركزي لعدم ِتأكده ِمن نتيجة ِالفحصِ السابق. شغلهُ ذلكَ كثيراً.. لم يعرفْ ذلكَ غير صديقه الذي كانَ بمثابةِ توأمهُ الذي لا يفارقهُ.. لم يكتمْ عنهُ قلقهُ وتوجسهُ من الأمر.. توقع َالإصابةَ بفيروس الكبدِ البائي وكانَ مرعوباً لذلك كثيراً.. ولم يكن يعرفُ عن ذلكَ الفيروس الكثير، سِوى أنهُ خطير.. دونَ علمهِ بمدى خطورتهُ.

لحظة اكتشاف الإصابة بالإيدز

لاحظَ صديقهُ شدةَ قلقه فنصحهُ بالذهابَ لإعادة ِالفحص كما أشارَ الطبيب كي يقتلَ الشكَ باليقينِ فإن كانَ ما يُرعبهُ بدأ بعلاجهِ حتى لا يتفاقمَ المرضُ ويزدَادَ الخطرُ، وبالفعلِ ذهبَ إلى هناكَ وأُخِذت منهُ عينةً من الدم والنتيجةُ في الغدْ.. مرَّ عليهِ ذلكَ اليوم كَدهر… لم يجدِ النوم سبيلاً لعينيهِ تلك الليلة التي طالت والوسَاوِسُ تـُكدرُ عَيشهُ.. وفي الصباح ذهبَ إلى صديقهُ واتجها إلى المختبر حيثُ قابلَ الطبيب الذي طلبَ الانفرادَ بهِ..
– هل أنتَ مُـتزوج ؟
– لا .
– هل لك علاقاتٍ مع الجنسِ الآخر ؟ !
– علاقاتُ زمالةٍ لا تـَتـَعدى حد العمل .
– اقصدُ علاقاتٍ جنسيه .
– أستغفرُ الله .. بالتأكيدِ لا .
– أرجو أن تكون صَريحا ً .
– أنا بِمنتهى الصراحة .
– هل كنتَ تشكُ بشيءِ ما ؟ !
– نعم .
– ما هو … ؟ !
– اشكُ بإصابتي بفيروسِ الكبدِ البائي .
– فقط ؟ !
– فقط ْ! ! !
– ما الذي جعلكَ تـُجري هذه ِالفحوصاتُ أذنْ ؟!.
– قلتُ لك … كنتُ اشكُ بإصابتي بفيروس الكبدِ البائي .
– ما سببُ الشكِ بإصابتكَ بذلكَ المرض ؟!.
– تقدمتُ بالتبرعِ بالدم ِلأخي ولم يقبل مني على رغم انهُ من نفسِ فصيلتهُ .
– لماذا لم تشكْ  إلا بفيروسِ الكبدِ البائي ؟ ! .
– لأني لا اعرفُ سِواهُ يظهرُ في الدم .
– لماذا لم تشك في السكرِ مثلا ً على رغم انتشارهِ وشهرته ؟ ! .
– لا ادري …. هل أنا مصابٌ بهِ ؟ ! .
– لا .
– ماذا إذن ؟  !
– لا ادري ماذا أقول ، لكن يجبُ أن تعرف .
– اعرفُ ماذا ؟ !
– أنتَ مصابٌ بنقصِ المناعةِ المكتسبة .
– ء إيدز ؟  ! (( برعب ))
– للأسف .
– غيرُ معقول لا بـُدَ انكَ تمزح .. أو لعلهُ خطأ أو اختلاطٌ بالأوراق.
– يمكنكَ إعادةُ الفحص ؟ ! .
– بالتأكيد … فأنا واثقٌ من خلوي منهُ … ثم إني لم اقرب الحرامَ قط ْ.
– الاتصالُ الجنسي ليسَ الوسيلةَ الوحيدة َلانتقالِ الفيروس فقد ينتقلُ عن طريقِ نقلِ دمٍ.. أو استعمال أدوات ملوثة بهِ ثاقبة للجلد كالإبرِ أو أدواتُ الحلاقةِ مثلاً… ولا بأسَ من إعادة ِالفحص.

حالة الشاب بعد معرفته أنه مصاب بالإيدز

خرجَ من غرفةِ الطبيبِ متغيرَ الملامحِ… سألهُ صديقه ُعما جرى فلم يخبرهُ… تبدلت طباعهُ وتغيرت تصرفاته… صَــارَ شديدَ العصبيةِ لأتفه ِالأشياءِ… لم يجد النومَ سبيلاً إلى عينيهِ في تلك الليلة أيضاً و التي صارت أشدُّ وطأً من الليلةِ الماضية.

خيبة أمل!

وفي الصباح اتجهَ إلى المختبرِ وحيداً وقابلَ الطبيب وكانت الطامةُ الكُبرى فقد تأكدت أصابتهُ بالفيروس الذي توقعهُ أخوهُ بل تمنى الموت ليَكتـَم ِسرهِ… لكن ما خشيهُ أخوهُ ولم يخشهُ هو شاءت الأقدار أن يكون مقدراً عليه. كان حفلُ زفافهِ بعد اقلَ من الشهرِ… اِفتعلَ الأسبابَ لعدم  إتمامهِ حتى لا يَربطَ مصيرهُ المجهول بمصيرِ فتاةٍ أحبـَّها….  مُؤثـِراً العيشَ بقيةَ أيامهِ على ذكرى ذلكَ الحب…. راضياً بما قُـدِّرَ عليه.

فيديو مقال سُخرِيَةُ الأقدَارْ

أضف تعليقك هنا