كيف يتغلب الروس على العقوبات المفروضة من الغرب

بقلم: مروان إسماعيل

علاقة العملات الرقمية بالعقوبات

أقوم بجولاتي المعتادة في اليوتيوب ولفت نظري وأنا أتصفح قناة باسم (من داخل روسيا) يقدمها يوتيوبر روسي في الأربعينات من عمره وهو يعرض المعانة كما يسميها في روسيا ويبدأ اليوتيوبر من خارج إحدى أماكن التسوق الكبيرة في العاصمة موسكو مع صديق أمريكي له ويبدأ بالتعليق أنه عندما يزور المكان ولا يجد مكان للسيارة الخاصة به و لكن الآن المكان خالي تماماً من السيارات رغم أن اليوم هو الأحد وما زلنا في وقت الظهيرة ورغم أن هذا المكان شبه خالي،  قرر الاثنان دخول المول التجاري الكبير في العاصمة وعند دخولهم والقيام بجولة في المكان لاحظوا أن الماركات الأمريكية اختفت تماما ولكن بشكل جزئي فعلى سبيل المثال ماكدونالدز المطعم الأمريكي الشهير مغلق ولكن دجاج كنتاكي مازال يعمل وهذا أمر غريب لأن أغلب الشركات الأمريكية أعلنت مغادرة روسيا منذ أكثر من شهر ولكن هناك بعضها ما زال يعمل وهذا يطرح سؤال هل غادروا أم لا؟

للإجابة على هذا السؤال يجب أن نلقي نظرة أكثر عمقا من مقطع فيديو علي قناة لليوتيوب ونرى أن السلطات الروسية قد سمحت للعديد من الشركات الصغيرة باستيراد غير مباشر من الصين أو أي مكان آخر وعرض هذه المنتجات على أنها منتجات أصلية مثل منتجات شركة أبل مثلا التي يشتريها الروس من الصين ويبيعونها في السوق المحلي أو منتجات أخرى مثل شانيل و هي ماركة عالمية فنجد أن شركة شانيل قد غادرت روسيا ولكن في المتاجر الروسية المحلية ما ذالت تبيعها و لكن ليس في متجر تحت أسم الماركة أو ما يعرف بالموزع المعتمد وهكذا تقوم هذه الشركات بالوصول الي المستهلك الروسي ولكن هذا يأتي بتكلفة عالية جدا لأن لارتفاع تكاليف الشحن والجمارك و طول المدة التي يستغرقها المنتج للوصول الي السوق الروسي بالإضافة لأن المنتج الآن لن يتمتع بتغطية من المصنع وهذا يعني أن عدم وجود ضمان للبضاعة وإتاحة الفرصة لأي تاجر قد يمارس الغش التجاري وأن المنتج ليس أصليا و هذا يعرض المستهلك الروسي للاحتيال بالإضافة أن عمليات الدفع تعقدت جدا وسوف نذكر هذا لاحقا في المقال والآن بعد أن عرفنا كيف يحصل المواطن الروسي على المنتج لم نقم بالإجابة على السؤال الآخر وهو كيف أن ماكدونالدز مغلق ودجاج كنتاكي ما زال يعمل والإجابة هي بسيطة ولكنها من شقين:

  • الأول وهو أن تصريح ورخصة الإدارة تكون في بعض الأحيان مشتراة من قبل المورد المحلي وبالتالي هو يمتلك حق التصنيع للمنتج ولهذا لا يتبع بشكل مباشر المورد الأساسي لهذه السلعة وبالتالي يستطيع أن يعمل بشكل مستقل عنه.
  • والسبب الثاني هو أن المواد المستخدمة تكون محلية و هناك موردين لها من السوق المحلي و ليسوا من الخارج و هذا يمنح الموردين استقلالية في العمل و فقط علي المورد المحلي أن يتبع الشروط للاحتفاظ بالرخصة التي أشتراها مع القيام بالتطوير أن لزم الأمر و هذه هي أجابه السؤال الثاني و الان بعدما فهمنا كيف يعملون ننتقل للسؤال الثاني و هو كيف يدفعون؟

وجود العملات الرقمية أتاح للروس شراء المنتجات بسهولة

مع وجود العملات الرقمية والباي بال كخدمة لتحويل الموال وأيضاً يستطيع الروس شراء أي شيء يريدون ويجب أن تذكر أنهم لا يحولون هذه المبالغ مباشر الي أوروبا ولكنه عن طريق وسيط غير خاضع للعقوبات مثل الصين أو بلاروسيا على سبيل المثال وهكذا لا يستطيع أحد أن يوقفهم أو يراقب هذه الدول إلا بحظر كامل هلي كل دول العالم مع العلم أن روسيا دولة كبيرة جدا ولها حدود مع برية مع الصين وبلاروسيا وأيضا كازاخستان وهذا الأمر يصعب جليا منع التداول مع روسيا بالإضافة للموانئ الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا وبالتالي يكن أن تكون الشحنة موجه للدولة الأوكرانية علي الورق فقط ولكن هناك مستقبل أوكراني يعمل لصالح الروس ويرسل الشحنة الي روسيا ولا يستطيع أحد إيقافه أو منعه بالإضافة للشركات الوهمية وما يعرف بالأوفشور و الشركات الأشباح وبمنتهي السهولة يستطيع أي أنسان من خلال الانترنت أن يقوم بأنشاء شركة في جزر الكاريبي أو الباهاما بمبلغ خمسمئة دولار فقط وأن يكون المالك من أي دولة في أمركا اللاتينية من خلال وكيل وهكذا تكون الشركة قانونية بالكامل و يتم الاستيراد من خلالها الي بلاروسيا ومن ثم تعبر الحدود الي روسيا ولا يستطيع أحد إيقافها.

روسيا تخلق نظاماً جديداً إثر فرض العقوبات عليها

والشركة الوهمية بإمكانها أن تأجر وكيل لكي يكون عميلا لها فعندما تريد أن تتحقق من الشركة وتقوم بالاتصال تقوم فتاة بالرد عليك وهناك صور للمكتب وعنوان وهذه الفتاة تجلس في مكان في الفلبين أو إندونيسيا وغيرها من الدول التي يجيد مواطنوها الإنجليزية مثل نيجريا والهند و باكستان وغيرها من الجزر في المحيط الهادي مما يصعب بشدة ملاحقة هذه الشركات وفي حال  أن لاحقتها فما هي التهمة لأنهم يرسلون البضائع الي بلاروسيا فأين الخطأ في هذا الأمر وإن كانت تذهب الشحنة الي روسيا في النهاية فهذه مشكلة المورد في بلاروسية وليس الشركة في الكاريبي وهذه اللعبة قد فتحت الباب لوجود سوق تهريب كبير وزيادة نفوس المهربين وعدم دافع الضرائب والآن أصبحوا يعملون تحت غطاء من الحكومة الروسية وبلا ملاحقة أمنية وبالطبع التعاون من الإنتربول ليس له محل من الأعراب وهذا خلق نظام جديد الان للتسوق والتجارة ووضع روسيا تحت العقوبات بهذا الشكل لم يخدم الا أصحاب التهريب والأعمال الغير قانونية للأسف و سوف نجد مزيد من دول العالم الثالث سوف تستغل الموقف وتتاجر مع روسيا في هذه اللعبة الشريرة مثل ليبيريا التي تبيع علم دولتها لترخيص السفن التجارية ودول أخرى مثل البحر الكاريبي التي تبيع جواز السفر الخاص بها لمن يدفع وهذا سوف يتيح للروس التخفي وإنشاء اقتصاد مخفي بالكامل سوف ينتقل لكل شيء ابتداء من أجهزة الجوال الي السلاح والمخدرات ولا ننسى بالذكر أن هناك طريقة الدفع المخفية تماما وهي العملات الرقمية مثل (اليتكوين، و الإيثر) وغيرها من عملات وهذه العملات التي تعمل بطريقة البلوك تشان وأيضا التوكين الذي من الممكن استخدامه و صنعة من قبل أي أنسان عادى و اعتماده للتداول بين الشركات و كل هذه الطرق السابق ذكرها يمكن استخدامها للدفع.

هل تضررت روسيا من العقوبات المفروضة عليها؟

الان نرجع الي جولتنا في المول التجاري في العاصمة موسكو مع اليوتيوبر الروسي المتحدث بالإنجليزية مع صديقة الأمريكي و هم يتجولون في المتجر لشراء السلع ونلاحظ الارتفاع الشديد للأسعار بنسبة تتراوح من 25 ال 30 % وهذه نسبة ليست بالضئيلة للمقارنة بالأسعار نجد أن سعر البطاطس قد قفز من 25 الي 89 روبل للكيلو وكذلك سعر الحليب الذي قفز من 57 إلى 90 للتر الواحد فقط و هذه الأسعار مرتفعة جدا بالنسبة للمواطن الروسي ولاحظ اليوتيوبر الأمريكي أن أغلب الافراد الذين يقيمون بالتبضع يقومون بشراء بضعة أشياء فقط لا غير وهذا يثبت أن القوة الشرائية للشعب الروسي قد ضعفت بشكل كبير وأن كل عشرة يقومون بالتبضع من بينهم ثلاثة فقط هم من الروس والباقي أجانب من جورجيا وكازخستان وغيرها من دول الجمهوريات المستقلة التي هي على وئام مع الدولة الروسية وهكذا من خلال هذه الجولة مع اليوتيوبر الروسي نري التأثير الواضح للعقوبات والأثر علي الاقتصاد الروسي والعالمي من هذه العقوبات. والآن عزيزي القارئ، ما الذي تعتقده هل العقوبات هي القرار السليم للتعامل مع النظام الروسي؟ أم أنها خلقت عالم جديد؟ أكتب لي في التعليقات فأنا متشوق لأعرف ما الذي تفكر فيه.

بقلم: مروان إسماعيل

 

أضف تعليقك هنا