مفهوم الفكر التربوي الاسلامي ومصادره

بقلم: هبة يوسف صرصور

مفهوم الفكر التربوي الاسلامي ومصادره
إعداد :هبة يوسف صرصور

مفهوم الفكر التربوي الإسلامي

“مجموعة الآراء والنظريات التي احتوتها دراسات الفقهاء والفلاسفة والعلماء المسلمين، ويتصل اتصالا مباشرا أو غير مباشر بالقضايا والمفاهيم والمشكلات التربوية”(فلية، ومحمد، ٢٠٠٤ ،١٩٣)وهذا التعريف نفسه ذكره كل من الخطيب (١٩٩٥ )في كتابه، والبيك (٢٠٠٩ )في دراسة له.

“هو عبارة عن التميز الفكري الذي وجد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وضمن الكتابة التربوية التي جاءت عن طريق مؤلفات أو رسائل أو وصايا أو إشارات في مواضع شتى من الإبداعات والمؤلفات الإسلامية، أنشأها مجموعة من المفكرين ممن تخصصوا في الجانب التربوي أو غيره من جوانب الحياة العملية المختلفة” (الرشدان، ٢٠٠٤ ،١٤).

هو “ما أثر عن علماء التربية الاسلامية من نظريات وآراء وأفكار توارثتها الأجيال وأخذتها من مفكري التربية الإسلامية قديما وحديثا” (المحيلبي، ٢٠٠٥ ،١٣).

“هو ما أثر عن علماء التربية المسلمين من آراء ونظريات من أمثال الغزالي والماوردي والقابسي وغريهم من قدامى ومحدثين على السواء”(رفاعي، وآخرون، ٢٠٠٠ ،١٥ .)

“يعني التصور الشامل لعناصر المنهج الرباني، والفقه التربوي الأمثل لمستلزماته، لتحقيق كمال الأداء وفق أفضل الأساليب والوسائل التربوية”(السامرائي، ١٩٩٧ ،١٧٢)

“هو مجلة المفاهيم والتصورات والمبادئ التربوية المستمدة من الكتاب والسنة والاجتهاد الموافق لروح الإسلام” (الرشدان، ٢٠٠٤ ،١٤)وجاء التعريف نفسه في دراسة أبي دف عن معامل الفكر التربوي الإسلامي عند سيد قطب (أبو دف، ٢٠٠٢ )

الفكر التربوي الاسلامي هو عبارة عن الإطار النظري الذي يتسع ليرسم مسار العملية التربوية في شكلها النهائي وفق فلسفة الأمة وعقيدتها، وقيمها، واتجاهاتها ومصادرها ، منطلقا من فكرها العام ليفي بحاجات المجتمع وتطلعاته وآماله وطموحاته في مجال تربية الفرد والمجتمع وباء الأمة وحضارتها.

فالفكر التربوي الإسلامي أشبه ما يكون بالكائن الحي ، يتأثر بعوامل قوة الأمة وضعفها ولذلك سجل حضورا هاما على مر العصور ، ولم يغب لحظة واحدة ، حتى فيما يقال إنه عصر ضعف وركود ، لذلك ام يصب من أهمل دراسة الفكر التربوي وفي حقبة من الحقب، فلكل مرحلة سماتها وخصائصها وفكرها التربوي المنبثق من الواقع، ولكل دولة سماتها الحضارية الخاصة ، وأنماطها الفكرية المتميزة ، حتى إن الدولة الواحدة شهدت مراحل نمو وازدهار وضعف في حركة الفكر التربوي (حسنة، ١٩٩١: ٥٤_٥٥)

مصادر الفكر التربوي الاسلامي الوحي (القرآن والسنة) التراث التربوي الإسلامي

  1. الاجتهادات التربوية الإسلامية الحديثة
  2. الخبرات التربوية العالمية
  3. الوحي (القرآن والسنة)

يعتبر الوحي مصدرا للفكر التربوي الاسلامي، فكلا المصدرين القرآن والسنة يقعان تحت دائرة الوحي. فالقرآن وحي من عند الله، والسنة كذلك فهي وحي من عند الله تعالى. وهو ثابت قال تعالى: ” ا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ” (فصلت،٥٢) وهذا يشمل القرآن والسنة قال الله تعالى: ” إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ”  (الحجر،٩)، قال تعالى: ” إن هو إلا وحي يوحى“{النجم: ٤}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا اني أوتيت القرآن ومثله معه) (أبو داود، د ت، ح رقم ٤٦٠٤)، من الآيات الجامعة لأنواع الوحي، قوله تعالى: “وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ الله إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَآئِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِىَ بإذنه مَا يشاء ۚ إنه عَلِىٌّ حَكِيمٌ” (الشورى: 51]، وقال تعالى فيما أوحاه إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (“وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى”)] النجم:٤]، قال تعالى: “وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا” (النساء، الآية 113)، فالوحي يتمثل في القرآن الكريم وسنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، من قوله: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا..) وبيان هذين المصدرين كالتالي:

القرآن الكريم

وهو كلام الله المنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل الأمين ، المحفوظ بين دفتي المصحف، المبدوء بالفاتحة والمنتهي بسورة الناس ( الزرقا، دت : مج ١، ١٤)، فالقرآن الكريم جاء كمصدر أول رسالة للعالمين وأساسها للعلوم ، فيه يجد الناس حاجتهم على السواء ، قال تعالى ” مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ” (الأنعام ، ٣٨)

السنة النبوية

السنه في اللغة تعني الطريق لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلتموه) (البخاري ، أحاديث الأنبياء : ٣٤٦١) أي طريقهم، واصطلاحا هي ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلقية أو خلقية (السباعي ، ١٩٨٥: ٤٧) والسنة وحي من الله كلف النبي صلى الله عليه وسلم بتبليغها والعمل وفق هديها، قال تعالى : “وَمَا یَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰۤ ۝٣ إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡیࣱ یُوحَىٰ” ( النجم،٤)

وهي المجال التطبيقي وصورة الالتزام بدين الله عز وجل ، حيث أمره ربه فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِين ﴾ [المائدة: 67]، ثم زكاه فقال : “وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم”(القلم، ٤)

وتأتي أهمية القران الكريم كمصدر هام من مصادر الفكر التربوي الاسلامي ومن خلال:

  • اشتماله على المعطيات الأساسية والمبادئ العامة والمسلمات للنظام التربوي الإسلامي ، والتي يعتمد عليها الفكر التربوي في صياغــة الإنسان كهدف للتربية الإسلامية ( أبو العنين ، 1988 : 32 ) قال تعالى : { اقرأ باسم ربك الذي خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم} ( العلق ، 1-5 ).
  • شمولية القرآن على المنهج الرباني القادر على تحقيق سعادة الإنسان، في الدنيا والآخرة من خلال خطابه الشامل ، وغذائه للعقل والقلب والروح مصداقاً لقوله تعالى :{ قد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم افلا تعقلون } ( الأنبياء : 10 ) .
  • شموليته على تصور متكامل عن الإنسان والكون والحياة ، حيث يسعى لتحقيق حياة سعيدة تتفق مع نظام الكون ويستغــل بموجبها الإنسان قدراتـــه لتسخيـر ما في الكون لخدمته (أبوالعنين،1988: 33). مصداقاً لقوله تعالى :{يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلاَّ قليلا }( الإسراء : 85 ) .
  • هو الإطار المرجعي لنواحي الحياة ، وهو أصل التشريع والمصدر الأول والأساس للفكر وفيه بيان لحياة الإنسان كلها من مطالب وتطلعات ، بدايات ونهايات ( حوَّى ، “ب” ، 1988 : 72 ).
  • ربط القرآن الكريم المباحث المتفرعة في مجال التخصص ؛ ليوفر الرؤية الكلية المستمدة من طبيعته ، حيث يحفظ الفروع ويقيم بينهما علاقة نسبه وتناسب ويحميها من الانشطار ليكون بقاؤها مرهوناً ببقاء الرؤيا الكلية للمعرفة ( النجار ، 1990 : 208 ) .
  • إشارته في أول آياته إلى القراءة والكتابة كأسسٍ لعملية التعلم قال تعالى :{ إقرأ باسم ربك الذي خلق ،خلق الإنسان من علق ، أقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم } ( العلق ، 2-5 ) وهذا يدفع باتجاه أن القرآن كزاد للجميع قد تناوله الفقهاء لاستنباط الأحكام الفقهية، فحريٌ برجال الفكر أن يتناولونه من زاوية أخرى من زاوية التربية والتنشئة الاجتماعية ،لإعادة هذه الأمة فكرياً وتربوياً ، وذلك على ضوء فقه العصر وحركة الواقع ( النجار ، 1990 : 99 ) .

وتأتي أهمية السنة كمصدر هام من مصادر الفكر التربوي الاسلامي ومن خلال:

  • أنها تمثل الجانب التطبيقي لنصوص الوحي ، لأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم وسلوكياته وحركاته ترجمة لما جاء به الوحي
  • فيها بيان لأحكام القرآن من خلال تقييد مطلقه، وتفصيل مجمله أو تخصيص عامه ، كالأحاديث التي فصلت أحكام الصلاة والصيام والزكاة والبيع ، وهذا أغلب ما جاءت به الأحاديث (السباعي، ١٩٨٥: ٣٨٠ )
  • إنها شارحة للكتاب مبينه أحكامه مثل الصلاة والزكاة.
  • إلحاق أمر لم يرد فيه نص بأمر ورد فيه نص بالقياس كتحريم الخمر.
  • فيها بيان ما سكت عنه القرآن مثل : أحاديث الميراث ورجم الزاني المحصن ( السباعي ، ١٩٨٥: ٣٨١)

التراث التربوي الإسلامي

ويشمل اجتهادات العلماء حول نصوص الكتاب والسنة ، والعلوم المتعلقة بهما والعلوم القديمة التي ذابت في الفكر الإسلامي وتشربها، ويمثل كل ما وصل من الماضي ويشكل جزءا من الحضارة السائدة في حينه  فهو موروث، والتراث يأخذ معنى الثروة التي انتقلت إلينا من أسلافنا في كافة المجالات ، سواء كانت مادية أو معنوية، زمانية أو مكانية ( أبو العينين ، ١٩٨٨: ٧٠) ويوجد التراث الإسلامي في مستويين على النحو التالي :

  • المستوى المادي: وهو عبارة عن تراث مكتوب مكانه المكتبات والمخازن ، وهو إما مطبوع ، أو أنه مخطوط فهو تراث مادي له وجود على مستوى أولى مستوى الأشياء المحسوسة .
  • المستوى المعنوي: وهذا النوع موجود في نفسية الجماهير وهو عبارة عن مخزون نفسي ، وهو قيمه في الوجدان ، يمكن أن يؤثر ويبعث على السلوك ( أبو العنين ، 1986 : 98 ، 99 ). وفي كلا المستويين التراث ليس كياناً منفصلاً عن الأمة بل هو سلوك معاش في حياة الناس .
وللتراث صور وأشكال أهمها :
  • اجتهادات المفكرين المسلمين
  • “ أهل السنة والجماعة “وهي نتاج تفكير متواصل واجتهاد مستمر من علماء المسلمين في القرآن والسنة دراسة وشرحاً ؛ للوصول إلى قواعد أصول وقضايا ومبادئ ، كونت في مجملها تراثاُ فكرياً وفي ضوء ثقافة العصر تعتبر هذه الاجتهادات مصدراً من مصادر الفكر التربوي .
  • تراث الفرق والجماعات الإسلامية: ولهذا القسم مكانه خاصة في التراث الإسلامي وذلك  من عدة نواحٍ هي:
    1. أنه اعتمد على القرآن والسنة كمصدرين من مصادر الفكر التربوي .
    2. اهتم بالعلوم العقلية وجعلها مقدمه على العلوم النقلية .
    3. تفاعل مع علوم السابقين من فلسفة ومنطق وطبيعة .
    4. أطلق علماؤهم العنان لعقولهم في التفكير وربما جاوزوا الصواب .
    5. أن قاده هذه الفرق أصحاب دعوه ولهم هويتهم الفكرية والسياسية (حلاوي ،1981 :102) .

ويعتبر أهل السنة والجماعة أن فكر الفرق والجماعات فكراً غير سليم في كليته ، إذ إنه نتاج عقولٍ درجت على إيذاء المسلمين وهو تراثهم الفكري والثقافي فكان لهم موقف منه تمثل في الآتي:-

  • ألا بأس بدراسته دراسة تاريخية، أو اجتماعية، أو أكاديمية.
  • بلا يجوز اعتباره فكراً إسلامياً ؛ رغم أنه يحمل اسم الإسلام ويرفع أصحابه شعارات إسلامية ، لأن هذه الأفكار قد توضع موضع التطبيق، إذا أتيحت لها الفرصة في الواقع، وهذا من باب الحفاظ على فكر الأمة وسلامتها (حلاوي ، 1981 : 101).
  • تووصل الأمر عند البعض بعدم اعتباره من جملة الفكر التربوي الإسلامي، ولو أدى ذلك إلى قسر الحرية بالدين (حلاوي، 1981 : 107) .

وفي ضوء ذلك يتضح أن الفكر التربوي الإسلامي متمثلاً بمصادره حدوداً لا يمكن تجاوزها وضوابط لا يمكن تعديها، ولقد أصبح التراث الفكري يمثل قاعدة فكرية عريضة ينطلق منها الفكر التربوي في كافة العلوم ومناحي الحياة. ويتضح ذلك من خلال الاطلاع على ما كتب حول أنواع العلوم وأقسامها مثل:

  1. “ مفتـــاح السعادة “ أحصى فيـــه طاش كبري زاده جملة علوم عصره فجاوزت ( 300 ) علم  ( عبد العزيز ، 1996 : 215 – 225 ) .
  2. “كشف الظنون” لحاجي خليفة أحصى فيه أيضا كافة علوم عصره واستفاد من مفتاح السعادة .
  3. وكتاب “ الفهرست “ لابن النديم كان المقدمة الأولى في علم التصنيف العربي .
  4. وتاريــخ الحكماء لابن القفطي، وإحصـاء العلـوم للفارابي ..( النجار، 1990 : 258، 272 ). فمن يطلع على مثل هذه المؤلفات، يدرك مدى العمق الحضاري والفكري الذي وصل إليه المسلمون، فقد أحاطت الثقافة الإسلامية بأنواع العلوم مما أكسبها القدرة على التفاعل مع الماضي والحاضر والاستعداد للمستقبل بحيوية وحركة دؤوبة.

ويندرج تحت التراث الإسلامي فكر وثقافة الشعوب المجاورة ، وتلك التي فتحها المسلمون فذابت بفكرها وثقافتها في فكر الدولة الإسلامية : (إذ الحكمة ضالة المؤمن أنَّى وجدها فهو أحق بها )  (الترمذي ، كتاب العلم : 2611) .فكل ما دخل في حوزة العرب من ثقافات وأفكار عبر مراكز العلم القديمة لم يتجمد على أيديهم بل تطور في ظل ظروف طبيعية فبلغ القمة وحقق غاية النمو ، كل ذلك في إطار الفكرة الإسلامية الصحيحة القائمة على أساس من التحرر من الهوى والعصبية والحقد مستمدة مفاهيمها وأصول حركتها من مصادر الفطرة   (أبو سلمان ، 1991 :  190 ) .

ولذلك لابد من النظرة النقدية البناءة للتراث التربوي الإسلامي، وذلك لمعرفة الغث من السمين وتجنب الفكر الدخيل والهدام، سواء كانت جذوره قديمة أو حديثه، إذ الأمة اليوم بحاجة إلى فكرٍ تربوي فاعل يتسم بالعصرية، ولا حاجه لها بكل ما خلفه الأوائل، إذ لربما كانت لبعض أفكارهم خاصية بمرحله معينه، وزمن معين، ولم تأخذ صفة الاستمرارية والحيوية. وعلى ضوء ذلك انقسم الناس تجاه التراث الإسلامي إلى ثلاثة أقسام:

  1. منهم من نظر إلى الماضي نظرة تقديس ، فأخذ كل ما جاء فيه بنوع من المغالاة والتحيز مما حدا به لرفض واقعة والانجذاب للماضي .
  2. ومنهم من نظر إلى الماضي بازدراءٍ شديد ، ولم يعره أي اهتمام وأخذ في التطلع إلى المستقبل ، من خلال نظرته السطحية المستفيضة إلى حاضرة فقط .
  3. ومنهم من سعى للتوفيق بين الطرفين ، فنظر باعتدال إلى الماضي ، ولم يسلم  بكل ما جاء فيه ؛ بل رأى ضرورة نقده والتعامل معه وفق ما يناسب فكر الأمة وثقافتها. فالغاية من ذلك هي الاستفادة من كل ما فيه من علم وخير ومنفعة ( حلاوي،1981 : 166 ، 167 ).

التراث التربوي الاسلامي

هو ذلك الكم المعرفي في مجال التربية والتعليم الذي تركته الأجيال المسلمة السابقة للجيل المسلم الحاضر.vويعتبر التراث التربوي مصدرا للفكر التربوي الاسلامي في ضوء البناء التراكمي لخبرات الأمة المسلمة عبر القرون الماضية التي تمثل حالتها الحضارية ، وهويتها وعمقها الوجودي والإنساني والتاريخي في إطار تفاعلها العقلي مع واقعها الاجتماعي وسياق النصوص الشرعية .

ولا يمكن أن يكون هناك فكر تربوي إسلامي بدون الاستناد إلى التراث التربوي الإسلامي قطعيا لأنه يعتبر امتدادا له شرعيا وحضاريا ومعرفيا ، وأن الانقطاع عنه وتجاوزه يعني التنكر لهوية الأمة الإسلامية، وأصالتها الحضارية وعراقتها الاجتماعية.vان التراث عنصر أساسي من عناصر الوعي بالذات الثقافية والحضارية والاجتماعية ولا سيما التراث التربوي المختص بالفكر والممارسة الذي يظهر اثره في صياغة شخصية الفرد والمجتمع.

التراث التربوي الإسلامي هو ما كتبه العلماء عن الفكر والممارسة في مجال التربية والتعليم وليس الوحي الإلهي والهدى النبوي

فالتصور الإسلامي السليم ينظر إلى التراث التربوي بأنه ” اجتهادات علماء مسلمين سابقين” وهي قابلة للصواب والخطأ من جهة كما أنها ممكنة لأن تكون صالحة لحاضرنا أو غير ممكنة رغم صوابيتها الشرعية.vالتراث التربوي الاسلامي هو إنتاج العقلية المسلمة التي عاشت في ماضي هذه الأمة ، وأبدعت واجتهدت وقدمت ما قدمت من نتاج تربوي متصل بواقعها المعيش ، فمصدرية التراث التربوي الاسلامي هي مصدرية متسعة تاريخيا وحضاريا بشكل كبير لتشمل ما تم تأليفه وكتابته سواء بشكل مستقل أو متصل من علوم الإسلام.

فالفكر التربوي الاسلامي جعل من التراث التربوي للأمة مصدرا متجددا ومفيدا يصل حاضر المجتمع المسلم بماضي أمته ويطبعه بخصائص حضارتها، ويضمن له هوية تربوية مستقلة به .

الخبرات التربوية:

هي مجمل عناصر العلم التي يتعلمها المتعلم من حقائق ومفاهيم ومبادئ ونظريات تختص بموضوع العلم، والأثر الناتج عن عملية التعليم والتعلم الذي نلاحظه في السلوك العملي للمتعلمين. والخبرة البشرية المعاصرة تشمل خبرة المجتمع في بلدان العالم حيث أن بعض هذه الخبرات أصبحت معولمة بحيث نجدها في معظم مجتمعات العالم وفي الوقت نفسه نجد اختلافا وتنوعت في هذه الخبرات، وكلها خبرات متاحة للنظر والتبصر والتقويم.

يقصد بالخبرات التربوية العالمية، تلك الآراء والتطبيقات والتجارب التي قدمتها الحضارات الإنسانية العالمية في مجال التربية والتعليم. فهي بذلك تشكل مصدرا من مصادر الفكر التربوي الاسلامي لكن بالشروط الإسلامية .وذلك من خلال:

  • مناسبة ما يؤخذ من خبرات تربوية لأصول الشريعة الإسلامية ومقاصدها التي يحددها علماء المسلمين ومؤسسات الفتوى.
  • مناسبة ما يتم نقله من  خبرات تربوية لبناء المجتمع المسلم، وتحقق الفائدة العلمية منها،
  • وعدم وجود بديل يسد مكانها ، وهذا ما يبينه أهل من الاختصاص من  التربوين المسلمين ومؤسسات التربية الاسلامية.

وتتضمن الخبرة التربوية المعاصرة مجمل الفلسفات والنظم والمبادئ التربوية التي تشيع في معظم بلاد العالم اليوم والممارسات التي تقوم عليها.

الاجتهاد التربوي الإسلامي

هو بذل الجهد لاستنباط واستخراج الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية في الأمور التي لم يرد فيها نص شرعي قاطع .قال تعالى: “إن في ذلك لآياتٍ لقوم يعقلون”] النحل:12]، كما قال تعالى: “كتابٌ أنزلناه إليك مباركاً ليدّبروا آياته وليتذكر أولو الألباب”. ] ص:29]

شروط الاجتهاد

  • أن يكونَ المُجتهد مُسلماً.
  • أن يكونَ المُجتهد بالغاً عاقلاً مُميّزاً.
  • أن يكون المُجتهد عالماً بالقُرآن الكريم وحديث رسول الله صلّى الله عليهِ وسلّم.
  • أن يكون المُجتهد على عِلمٍ باللغة العربيّة وفنونها وبلاغتها.
  • أن يكونَ المُجتهد ذا عِلمٍ بتفسير كلامِ الله تعالى وشرح حديثِ رسولهِ صلّى الله عليهِ وسلّم.
  • أن يكون المُجتهد على عِلم بما اتفق عليهِ العُلماء من إجماع وما صدرَ من أحكام شرعيّة كيلا يسعى في بذل الجهد في فهم ظنِّ قد قطعهُ العُلماء بإجماعهم.
  • أن يكون المُجتهد على عِلم بما اتفق عليهِ العُلماء من إجماع وما صدرَ من أحكام شرعيّة كيلا يسعى في بذل الجهد في فهم ظنِّ قد قطعهُ العُلماء بإجماعهم.
  • العِلم بالناسخ والمنسوخ فلا يجتهد في استخراج حُكمٍ شرعيّ من خلال نصٍّ منسوخ. (شاهد مقاطع فيديو موقع مقال على اليوتيوب)

بقلم: هبة يوسف صرصور

 

أضف تعليقك هنا