محبة الله (سبحانه وتعالى)

بقلم: معاذ الروبي

أطهر أنواع الحب هو حب الله

من أجمل وأسمى وأطهر أنواع الحب، هو حب المخلوق لخالقه، حب العبد لربه. محبة الله تعتبر من أهم الأشياء في الحياة. إنها مصدر قوة وتحفيز للإنسان خاصة عندما يواجه مواقف صعبة، وهي مصدر العزاء النفسي والروحي لنا عندما نشعر بالضياع. فحب الله نورٌ في القلب ونورٌ في الروح. حب الله هو العبير الذي يجذب الانسان لربه فطرياً وتلقائياً، وهو المطر الذي يسقط من الغيوم فيروي عطش القلوب، هو من يعطي الحياة والأشياء التي فيها معنى أفضل. حب الله هو الحب الوحيد الذي يعود علينا دائما بالعطاء اللامتناهي والخير اللامحدود.

حب الله هو الثروة الحقيقية للمؤمن 

إن حب الله هو رأس المال الحقيقي للمؤمن، وهو الثروة التي لا يمكن أن تضيع، والمال الذي لا يخسر أينما أودعته، بل دائما يأتي لك بالصفقات الرابحة. يتضمن حب الله الكثير في طياته، فهو يحمل لنا السكون والطمأنينة، وهو حب مختلف تماما عن حب المخلوقات لبعضها، فحب المؤمن لله لا يجاريه أو ينافسه أي حب لأحد من مخلوقاته، قال الله تعالى في سورة البقرة: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ} البقرة ١٦٥. وعبوديته لله تحمل معاني الحرية في جوهرها، حرية تعفي المؤمن من أن يكون عبدا لمخلوقات لا تملك نفعاً ولا ضراً إلا بإذن الله.

حب الله نجاة من المعصية والضلال

والله سبحانه وتعالى يحب من يحبه بصدق وإخلاص، بل ويهدي قلبه اليه، فيبعده عن المحرمات ويقربه من الطاعات. الحب الحقيقي لله يتميز بالصفاء والنقاء، حيث يشعر الانسان بمراقبة الله له في أفعاله، فلا يفعل إلا الصالحات وتكون نواياه صادقة في كل جوانب معيشته. إن من أهم الدلائل على حب الله، هي رضى الانسان بالقضاء والقدر بالإضافة الى المناوبة على القيام بالأعمال الحسنة في كلّ وقت وحين، وتجنب سوء العمل، والإخلاص في توحيد الله سبحانه تعالى دوماً.

حب الله يتمثل في الإيمان به وعبادته 

إن حب الله تعالى لا يكون بالقول فقط، إنما يجب أن يتبعه العمل. وحتى تكون محبة المسلم لله صادقة يجب أن يتضمنها العديد من الأفعال مثل: ايثار محبة الله وطاعته على كل ما سواه وعدم خشية أحد كخشية الله، العبودية التامة لله وحده وتدبر معاني أسماءه الحسنى وصفاته العليا، الاكثار من التدبر والتفكر في ملكوت الله والمداومة على ذكره سبحانه بالقلب واللسان، تأمل نعم الله والاكثار من ذكرها وحمده وشكره عليها، مراقبة الله في الأفعال والأقوال والالتجاء إليه في كل الأحوال حيث قال تعالى (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ) الذاريات ٥٠، اتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول تعالى (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) آل عمران ٣١، الإكثار من قراءة القرآن الكريم لأنه كلام الله الذي بتلاوته يتواصل الانسان مع ربه وخالقه، الالتزام بأوامره سبحانه وتجنب نواهيه وأداء العبادات على أتم وجه، الحرص على فعل الخير والأعمال الصالحة وكذلك التحلي بمكارم الأخلاق، أيضاً محبة لقاء الله فإذا أحب العبد لقاء الله أحب الله لقاءه أيضا والعكس بالعكس حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (قالَ اللَّهُ: إذا أحَبَّ عَبْدِي لِقائِي أحْبَبْتُ لِقاءَهُ، وإذا كَرِهَ لِقائِي كَرِهْتُ لِقاءَهُ) رواه البخاري.

حب الله يتمثل في حسن الظن به

إن حسن الظن بالله من أكثر الأدلة على صدق محبة الله، وحسن الظن ينطوي على ثقة المؤمن بالله أن يدخله جنته ولا يلقيه في النار حيث يقول صلى الله عليه وسلم: (واللهِ لا يُلْقِي اللهُ حبيبَهُ في النارِ) صحّحه الألباني. وكذلك أيضا، الاستغناء بالله تعالى والاكتفاء به حيث يقول سبحانه: (وَاللَّـهُ خَيرٌ وَأَبقى) طه ٧٣. وهذا يظهر خلال مواجهة الانسان لصعوبات وأزمات الحياة حيث يجب أن يستشعر معيّة الله له في كل الأوقات حيث يقول تعالى (لا تَحزَن إِنَّ اللَّـهَ مَعَنا) التوبة ٤٠، ويقول سبحانه (إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) الشعراء ٦٢، لذلك فعلى الإنسان دائما أن يوكل أموره كلها لله كما قال سبحانه تعالى (وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا) النساء ٨١.

حب الله يبعث في النفس السكينة والطمأنينة 

نختم بالقول، إن محبة الله من أكبر منازل العبادة وعليها تدور رحى الطاعة والطريق والمسير إلى الله، لأنها تقود المؤمن إلى القرب من الله وترغبه في الإقبال عليه. محبة الله تعالى والسكون إليه والتوكل عليه ودوام ذكره وإفراده بالحب والخوف والرجاء والتوكل يجعلون الإنسان يعيش جنّة القرب من خالقه ويحيا نعيم حياة الصالحين. كما تجعل عيون الناس تقر به فمن قرت عينه بالله قرت به كل عين. كيف لا والله هو العليم بكل شيء، بما كان وبما سيكون، يعلم السر وأخفى، لا يشغله شيء عن شيء، ولا صوت عن صوت، ولا خلق عن خلق، السر والعلن عنده سواء. إن الله جميل الذات، وجميل الأسماء الصفات، وجميل الأفعال والكلمات، ولنور وجهه أشرقت الظلمات. (شاهد مقاطع فيديو موقع مقال على اليوتيوب)

بقلم: معاذ الروبي

 

أضف تعليقك هنا