التدين المسيء

هل الإنسان في خدمة الدين أم الدين لخدمة الإنسان؟

هذا السؤال يثير حفيظة المتدين القسري الذي لا يغوص في مقاصد فهم الدين وانما يطفح في الفقوه التي تجعله فقط مدافعا عن قناعاته المعلبة حتى لو كان في دفاعه ضرر للآخرين أو تعنيفهم أو الاعتداء عليهم ماديا أو نفسيا، فهو يجاهد بكل ما يملكه ويستطيعه أن ينزل الضرر على المخالف له فما بالنا بمن يعتقد أنه يسخر من معتقداته، فهو يظن أن واجبه وتكليفه الشرعي هو إيقاع أكبر ضرر على خلق الله من أجل الله، فهو يظن أن الله بحاجة دفاعه وتعنيف الناس من أجل معتقده ومجاهدة الآخرين كي يكون الدين كله لله، ونسي ما قاله له الله في القرءان الكريم حيث الآية:- ﴿وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا (140)﴾- سورة النساء

الله حتى مع الاستهزاء بأياته والكفر بها لا يأمر باتخاذ أي إجراء تجاه الكافر أو المستهزئ بل يقول غادروهم بلا أي ضرر أو حتى لوم فضلا عن الشتم أو الردع، فقد أوجب عليك إجراء لنفسك وليس عليهم غادر حتى يتغير الموضوع وارجع معهم تتعامل ولا ترتب على تعاملك معهم شيئا يؤذيهم لأن الله هو المحاسب ولم يرتب عليك حساب لهم فأنت مخلوق مثلهم وحسابهم عند خالقهم.

إيذاء الآخرين ليس وسيلة لحفظ الدين 

البعض منا للأسف لا يأخذ بما جاء في القرءان مع أنه يبدي نفسه أمام الآخرين هو المدافع عن الدين بالسوء في سلوكه وتصرفه فيؤذي الآخرين بالسخرية أو النكات أو الايذاء النفسي إن ردعه القانون عن الإيذاء المادي، وهو يظن أنه يدافع عن دينه بغير الحق وبغير ما أمره الله في القرءان فيعطي صورة قبيحة للمتدين المتمسك بتعاليم القرءان والذي أعطى عكس ما كان من تعليمات سماوية كما في الآية السابقة.

إن فكرة إيقاع الأذى على الآخر المخالف مهما كان خلافه معاكسا لمعتقدك أو لرأيك هي فكرة بشعة قبيحة وشنيعة ولا يجب أن تصدر من متدين يحمل وسم الدين على سلوكه فيسيء إلى ما يحمل من معتقد، يقول جوستين بيرغ: الاشرار يفعلون الشر بطبعهم، والأخبار يفعلون الخير بطبعهم، لكي تقنع الأخبار بفعل الشر يحتاجون إلى دين. كما على المتدين ألا يجعل لهذه المقولة مصداق بسلوك مشين أو يكون مصداقا لهذه :-كلما زاد منسوب التدين قل منسوب الأخلاق.

فيديو مقال التدين المسيء

 

أضف تعليقك هنا

علي البحراني

علي البحراني