الرأسمالية والإنتاج

بقلم: نادية عبد الهادي عتيق

معدل زيادة الناتج الكلي

إن النظرة السائدة للرأسمالية هي نظرة عدائية تشير الى ان هناك نواقص في الانجاز الرأسمالي مما جعل من الصعب عمل المحللين الاقتصاديين في تلك الحقبة، والاختبار الأول للأداء الاقتصادي هو الناتج الكلي، والذي يتم قياس تغيراته بواسطة مؤشرات مستمدة من عدد من السلاسل التي تمثل انتاج السلع الفردية. ومنذ الحرب الاهلية توجد في الولايات المتحدة سلاسل فردية كافية لتجيز مثل هذا المؤشر الخاص بالمنتج ، وكما هو معروف بمؤشر داي- برسونز الخاص بالإنتاج الكلي الذي يفترض ان الماكينة الرأسمالية تستمر في الانتاج  لمدة نصف قرن  ولكن الرأسمالية في العقد الزمني ١٩٢٩ وعام ١٩٣٩ اخفقت في بلوغ ذلك المعيار بسبب الركود الاقتصادي الذي تعرضت له  ابتداء من الربع الاخير لعام ١٩٢٩ والربع الثالث لعام ١٩٣٢.

وقد كان من ظواهر الركود الازدهار القليل وهبوط الاسعار مما عمل على تبني خطط اقتصادية جديدة تغيير في موقف الحكومة  من المشاريع الخاصة لكن الخطط من هذا القبيل غير متسقة مع العمل الفعال  لنظام اي مشروع خاص. نستطيع القول إذا استمر الانتاج المتوفر الخاضع لشروط الرأسمالية  في التطور  ابتداء من عام فيجب ان نلاحظ:

  • اولا: إن معدل الزيادة في الناتج الكلي يمكن مساواته بشكل تقريبي بمعدل الزيادة  في المجموع الكلي للدخل النقدي .
  • ثانيا: زيادة الدخل  الفردي  الفعلي .

وقد مالت آراء بعض الاقتصاديين إضافة الى ماركس  أن العملية الرأسمالية مالت الى تغيير الحصص النسبية من المجموع القومي ولو أن الرأسمالية كررت ادائها  لنصف قرن اخر  فان النتيجة تكون القضاء على الفقر، بالإضافة الى انه لن يكون مبالغا في ذكر المعدل الفعلي للزيادة وهو لا يحسب حساب السلعة ووقت الفراغ الحر

كما ان المؤشر لا يقيس السلع الجديدة ولا يمثلها بصورة كافية ،ويجب ان يطبق على السلع الاساسية والمنتجات الوسيطة  ولنفس السبب فان التحسينات النوعية لا تحصل ولو كنا نملك وسائل قياس التغير الحاصل  في الكفاءة التكنولوجية  للمنتجات الصناعية فان هذا القياس سيفشل ايضا  في نقل فكرة كافية عما يعنيه لكرامة الحياة الانسانية .وإشباع الحاجات وهذا هو الناتج الحقيقي للانتاج الرأسمالي  والسبب لاهتمامنا بمؤشر الانتاج  الذي  تدخل فيه والتي القيمة لها في ذاتها

إن الحصص النقدية للمائة سنة السابقة ظلت ثابتة وهذا لايصح إلا اذا قسناها بالنقد، وإذا قيست هذه الحصص النسبية بمفردات واقعية  فان جوهرها يتغير لصالح  مجموعات الدخل الأدنى، وهذه الظاهرة تنتج  من ان الماكينة  الرأسمالية هي ماكينة إنتاج كبير وهذا يعني أن الإنتاج للجماهير .وإذا ما نظرنا الى مقاييس الدخل الفردي نجد أن هناك نسبة متزايدة للصرف على الخدمات الشخصية والسلع اليدوية والتي اسعارها تتبع معدل الأجور.

ويتجلى هذا الواقع في صورة أفضل عند النظر في الموجات الطويلة للنشاط الاقتصادي .التي تتألف كل واحدة منها من ثورة  صناعية ومخرجاتها. وإذ اعادت هذه الثورات تشكيل بنية  الاقتصاد القائمة على ادخالها لطرق جديدة للانتاج . فأنها بدورها  توفر التضخم الاساسي الذي اعطى الاعمال طابعها العام .

إن العملية الرأسمالية ترفع وباستمرار بفضل اليتها مستوى حياة الشعب، وهذا ليس بالصدفة ولكن عن طريق سلسلة من التقلبات متناسبة مع سرعة التقدم وإن تقييم نظام اقتصادي لا يكتمل ولا يكون ماركسيا إذا توقفنا عند الناتج الذي ينقله الناقل الاقتصادي إلى مجموعات المجتمع المختلفة.

إن تقنية الصراع للتشريع الاجتماعي يشوش الوقائع الواضحة، إذ أن جزء من هذا التشريع يفترض وجود نجاح رأسمالي سابق ومن ناحية أخرى هناك الكثير مما يطوره التشريع الاجتماعي ويعممه كانت قد بادرت به وأنجزته الرأسمالية  وان كلا الحقيقتين  يجب ضمهما الى المجموع الكلي للأداء الرأسمالي. وإذا جرى النسق كما كان عليه في الاعوام الستين قبل عام ١٩٢٨ وبلغ ١٣٠٠ لكل فرد من السكان فأننا نرى أن جميع الامنيات التي ناصرها المصلحون الاجتماعيون تتحقق أما بطريقة اتوماتيكية أو من غير تدخل مهم للعملية الرأسمالية، وتوفر واسع  من فرص العمل اذ ان وجود البطالة وعدم دعم العاطلين عن العمل يمكن ان يخلق مشاكل معقدة، إذ تعتبر البطالة من أهم القضايا في اي مناقشة للرأسمالية، وحيث أن الثورات الصناعية هي ما ميزت العملية الرأسمالية ، فان العطالة فوق العادية هي احد سمات فترات التكيف التي تتبع فترة الازدهار .وفي الواقع فان العطالة عن العمل هي مشكلة  كبيرة سواء كانت دائمة او مؤقتة ولكن المشكلة الحقيقية لا تكمن في العطالة بحد ذاتها إنما في استحالة  التوفير الكافي للعاطلين من غير اضعاف شروط التطور الاقتصادي الإضافي.

وتتبدد المخاوف من العطالة إذا لم تتأثر حياة العاطلين تأثرا كبيرا، إذ كان الأهم في الماضي أن النظام الرأسمالي عاجز عن ضمان ذلك .وعند الحديث عن النفقات الاجتماعية الماضية للانجاز الرأسمالي نقول أن الجزء الأفضل من المهمة يمكن تحقيقه الان من غير ضغط، وإنما الحقيقة إن رقم العاطلة قي ازداد بالخطط المضادة للرأسمالية، وتنطبق الحجة نفسها  على امكانيات المستقبل التي يخصصها التطور الرأسمالي للعناية بالمرضى والمسنين  والتعليم والصحة …الخ وهذا يشمل الحاضر  بقدر كبير اذ يكون المتوقع زيادة عدد السلع  وتصبح بمتناول الجميع  ويتحقق ذلك من خلال ترتيبات بين الوكالات العامة والمؤسسات الاقتصادية المنتجة او بواسطة التأميم  والتقدم التدريجي للتطور المستقبلي حتى  الى الرأسمالية غير المقيدة .

الرأسمالية المقبولة:

ما ورد في السابق كان مجرد توضيح لأهمية التطور التاريخي خلال ستون عام  ماضية  والذي توضح من خلال انعكاس معدل الزيادة في الانتاج الكلي الحاصل خلال الفترة المذكورة على المستقبل  وقبل  ان نبدأ بمناقشة فرصة تكرار الرأسمالية لأدائها السابق ، علينا ان نحدد بأي معنى يتم قياس معدل زيادة الناتج  الملاحظة . للأداء  في الماضي . بالإضافة الى وجود علاقة بين الرأسمالية والمعدل الملاحظ  في زيادة الانتاج بالإضافة الى افتراض وجود علاقة ان معدل الزيادة كان عائدا اليها وليس الى حالات متوافقة معها بجزيئية معينة .وإذا ما ناقشنا قضية “تكرار الأداء نخرج الى قضية وجود ما يوضح سبب اخفاق الالة الرأسمالية في الفترة المستقبلية  اذا ما تابعت عملها كالسابق، وعند استخلاص ما يسمى النموذج الذي يمثل الواقع الرأسمالي ما اذا كان ملائم او غير ملائم لما تم ملاحظته  على الاداء  فإننا سنقوم بمقاربة المسالة كالتالي :

  • أولا: نشأت طبقة البرجوازية الاقتصادية وقياس الربح والخسارة من خلال المال. الامر الذي أفرز ظاهرة الانتقاء الاجتماعي
  • ثانيا: إن وجود الانتقائية الاجتماعية فإن اداءها لا يكون معد للخدمة الاجتماعية وإنما لزيادة الارباح إلى أقصى حد بدل الخير العام

أما الاقتصاديين الكلاسيكيين كانوا متفقين على ان مصلحة  الصناعي والتاجر هي مصلحة عامة  في إطار مؤسسات رأسمالية, وقد قاموا بصياغة مفردات لوضع تاريخي بطريقة غير نقدية  والذي انطلقوا منه للتعميم الغير نقدي، إضافة الى قيام البعض منهم بالمناقشة بمفردات المصالح الانجليزية والذي افرز عداوة الدول الاخرى لهم.

ومن وجهة نظر المحللين الاقتصاديين فان ميزة الكلاسيكيين  تتمثل في تبنيهم لفكرة ان  النشاط الاقتصادي في المجتمع الرأسمالي هو ضد المصالح العامة كونه قائم على الربحية مما يحرف الانتاج عن هدفه الاجتماعي بسبب تركيز هدفه على الربح الخاص. إلا أن الكلاسسيكيون فشلوا في ردم الهوة بين الإدراك الربح الاقصى والميل القوي لأداء إنتاجي أقصى، ضمن الافتراضات العامة  لتحليل مارشال- ويكسل  ان الشركات الغير قادرة على احداث التغيير ستعمل على زيادة الانتاج حتى الوصول الى التكلفة  الاضافية. وقد عرف الكلاسيكيون الاحتكار واعتبروا ان مرونة الاسعار هي حالات استثنائية يمكن تجاوزها  وان معظم الشركات لها اسواق وهي من تحدد السعر .في حين اقترحوا فكرة ان التنافس هو القاعدة .

وعند الحديث عن انتاج منافسة كاملة  والشروط الواجب توفرها فإننا نلاحظ  افتقارها للعديد من الامثلة  عليها اذا ما نظرنا خارج الانتاج الزراعي، وذلك لان المزارعين يأخذون السعر كأمر مسلم به  ,وليس عمله الفردي ،وتبقى بعض السلع لا تحكمها شروط المنافسة  الاحتكارية  وهي  منتجات  متجانسة جوهريا تابعة لشركات كبرى  تعمل على احتكار السلع  دون تمييز بينها وهذا ما يسمى ( احتكار القلة) وهذا يقودنا الى ان هذا الاحتكار تلائم مع مخطط الاحتكار من هذا النوع اكثر مما هو عليه في المنافسة الكاملة

في  حال سيطرة آراء لمنافسة الاحتكارية فإن الآراء تدور حول فكرة التوازن الاساسية  و هي من النوع الذي صعب الرهان عليه ـ أما في حال احتكار القلة فان ذلك يدل على عدم وجود توازن مما يخلق جو من التوتر  والمنافسة بين الشركات لكن بالرغم ان هناك حالات خاصة تكون بحالة من التوازن إلا ان هذه الحالات إلا انه هذه الحالات قد تقود الى منافسة شرسة  للسيطرة على الاقتصاد والمال. ووفق نظرية المنافسة الكاملة فان التوازن لا يضمن عمالة كاملة او ناتجا كبيراً، إن التحليل الحديث بين انه لا يوجد موازاة بين انتاج الربح والإنتاج للمستهلك وإن المشاريع الخاصة هي وسيلة لتقليص الانتاج لاحتكار الارباح على شكل ضرائب. وبذلك يرفض اراء الكلاسيكيين وتجسيد للنظرة الشعبية.

عملية التدمير الخلاق

يمكن توظيف نظريات الاحتكار لتأييد النظرة القائلة ان الواقع الرأسمالي لا يصلح للأداء الاعظمي في الانتاج، بالرغم من ميل الرأسمالية الى الانتاج الكبير  غير ان الانتشار المتأخر للبنى الاحتكارية  قد قلب ذلك الميل . وبالرغم من  عدم تحقيق المنافسة الكاملة فان تلك النظريات تخلق العصر الذهبي  للمنافسة الكاملة والتي قد تتحول الى عصر احتكاري بامتياز .

ولا بد من الاشارة الى ان معدل الزيادة في الناتج لم ينقص منذ التسعينات. وان المستوى الحديث قد تطور  خلال فترة الاعمال الكبرى غير المقيدة  نسبيا. والملاحظ ان بعد عام ١٨٩٩٩ ان الاسعار النقدية لكل سنة مقسومة على معدلات الاجور للساعات السنوية  وان معدل التقدم قد زاد عن ما قبل  بعد التحسن في نوعيات المنتج.

إن النتائج التي تطرقنا اليها في الفصل السابق هي نتائج  خاطئة مع العلم انها نتيجة نظريات صحيحة  ,لكن النقطة الجوهرية التي يجب ان نفهمها ان تناولنا الرأسمالية في البحث هو تناول لعملية تطويرية. اذ ان الرأسمالية هي  طريقة من طرق التغيير الاقتصادي  والحافز الاساسي الذي يفعل  في الالة الرأسمالية  ويبقيها  متحركة  مصدره التنظيم الصناعي الجديد الذي يخلقها المشروع الرأسمالي .

إن محتويات ميزانية العامل  مرت بعملية تغير نوعي وتاريخ  الانتاج  الخاص بالمزرعة النموذجية هو تاريخ ثورات .وهكذا  هو تاريخ الانتاج الصناعي، وان هذه الثورات عملت على التثوير المستمر للبنية الاقتصادية من الداخل والتدمير المستمر للبنية الاقتصادية وخلق بنية جديدة باستمرار ، و هذه عملية التدمير الخلاق هي الحقيقة الجوهرية للرأسمالية. والتي تتعلق بمسألتنا بطريقتين:

  • أولا لتقييم اداري اي عملية فإن ذلك يتم من خلال نقطة زمنية معينة وبما أننا سنحكم على ادائها  عبر الزمن اي بعد عقود فإن تلك العملية على المدى الطويل ستكون أقل قيمة في نقطة زمنية أخرى .
  • ثانيا بما أننا نتعامل مع عملية عضوية فان تحليل ما يحدث أو الآليه ليس كافيا  وذلك لعدم إعطاء أي جزء من الاستراتيجية اهمية حقيقية في العمل ويجب أن يفهم أن تقييم الاداء الاقتصادي يمكن أن يتغير وأن القبول الاخلاقي أو عدمه لا علاقة له بتقييمنا للنتائج إلا اذا تم تبني نسق اخلاقي مثل مذهب المنفعة. وحالما تدخل منافسة النوعية فان متغير السعر يخرج مع وضعه السائد وستبقى المنافسة تسيطر على  عمليا على الانتباه .

إن العديد من المنظرين اخذوا بوجه نظر ينشا من خلالها وضع  بواسطة التراكم الهرمي المتتالي تكون فيه زيادة التموين مترافقة مع زيادة الاسعار وإنقاص المبيعات وفي مثل هذه الحالات من المناسب تحليلها بالرغم انها حالات ثانوية وعابرة وتوجد بصورة رئيسية في قطاعات بعيدة عن كل ما يميز النشاط الرأسمالي ونستطيع القول أن البناء النظري الذي يهمل عنصر جوهري من عناصر القضية يكون مهملا ما هو رأسمالي خاص بها وحتى لو كان  البناء صحيحا واقعي.

الممارسات الاحتكارية

إن تأثير الاشياء الجديدة  على البنية القائمة للصناعة يختزل المجال البعيد المدى للممارسات وأهميتها  التي تستهدف المراكز  المؤسسة وزيادة الارباح  الى الحد الاقصى، كما ان الممارسات المقيدة من هذا النوع تكتسب اهمية جديدة في التدمير الخلاق الدائم، الذي جعل  من حالة التقدم المتوازن  هي الطريقة الافضل لجميع الوسائل التي بواسطتها يكون تمويل الاستثمارات الاضافية، غير أن ممارسات التقييد تخفف من الصعوبات المؤقتة في عملية التدمير الخلاق. فكل استثمار يجب ان يتبعه عمليا نشاطات حماية مثل التأمينات او براءة الاختراع في حال الاستثمار طويل المدى إلا ان بعض الاقتصاديين يعتبرونها وسائل تعيق التقدم بالرغم من اهميتها في المجتمع الرأسمالي.

ومما سبق نرى ان المؤسسات الاقتصادية عدوانية بطبيعتها وتستخدم  سلاح المنافسة الفعال  وناجحة في غالب الاحيان  في تحسين الناتج الكلي  ،ومع ذلك فان هذه المؤسسات  احيانا تحتاج لأسلحة للدفاع عن نفسها تتمثل  في حصر نواتجها وإبقاء الاسعار مرتفعة.

إن متطلبات رأس المال الثقيل وقلة الخبرة ستعوق المنافسة وذلك بهدف كسب الوقت لتطورات إضافية ومن جهة أخرى يكون  المشروع بأغلب الحالات مستحيلا وهناك اوضاع قد تظهر  عملية التدمير الخلاق قد تهلك فيها شركات كثيرة أو قد تنشأ حالات من الركود وفوضى في الصناعة يسبب خسائر مادية وعطالة عن العمل يمكن تجنبها، وإن عملية التدمير الخلاق تهمش الحقائق الخاصة  بدورات الاعمال من وجهة نظر المنظرين .كما يمكن للتدابير ان  تكون علاجات فعالة للركود الاقتصادي او تنتج حالة من ثبات اكبر للناتج الكلي  .

ومما جلب الانتباه أخيرا هو موضوع الاسعار الجامدة   وهي حال الاسعار  اذا كانت اقل حساسية بالتغيرات التي تحدث في حالات الطلب والعرض عند المنافسة الكاملة ومن الناحية الكمية فان  مقدار جمود الاسعار يعتمد على مادة القياس التي يتم اختيارها ، ويمكن لأي سلعة جديدة أن تلبي حاجة موجودة بأسعار أدنى لكل وحدة من الخدمة، ومع ذلك لا يحتاج اي سعر مسجل مفرد ان يتغير في العملية والمرونة  بالمعنى  ذى العلاقة  قد تترافق مع الجمود بالمعنى الصوري وفي حالات اخرى يكون  فيها تخفيض السعر هو المحرك  الوحيد لجلب صنف جديد على أن يبقى المنتج القديم بالسعر القديم، لذا فان من سمة عملية لتطور المؤسسات الاقتصادية  المفردة والصناعات تحسين  نوعية المنتجات  وهناك حالات تشمل جمود جوهري في السعر.

إن ما تهدف  اليه  استراتيجية الاعمال هي تجنب التقلبات الفصلية والعشوائية بالأسعار، اذ ان معظم الحجج تثبت أن جمود الأسعار يبعد ثمرات التقدم التكنولوجي عن المستهلكين وخاصة إن كثير من الاسعار لا يتعرض فورا إلى كساد اقتصادي. ويؤثر الجمود الاقتصادي قصير المدى على تطور الناتج الكلي الطويل المدى في حالات التعافي اللاحقة وبالتالي يخفض معدل الزيادة في الناتج الكلي، وقد تم وضع حجتين لصالح هذه النظرة؛ الحجة الأولى أنه قد يؤثر جمود الاسعار على مقدار الدخل القومي وتوزيعه، أما الحجة الثانية فتقوم على الاثار  التشويشية التي يمكن لجمود السعر أن يحدثها اذا ادى الى تقييد إضافي للناتج.

ونستطيع القول أنه في الشروط التي يخلقها التطور الرأسمالي قد تزيد من المرونة الكاملة للأسعار من زعزعة النسق في حالة الكساد الاقتصادي بدلا من جعله مستقرا وهناك عقيدة أخرى تبلورت وتحولت الى شعار وهي أن المحافظة على قيمة الاستثمار الموجود هو الهدف الرئيس لنشاط المقاول ويقود ذلك الى ان النظام الرأسمالي لا يعود متسقا مع التقدم. إذ ينجم عن التقدم تدمير قيم الرأسمال والتي تتنافس معها السلعة الجديدة  أو طريقة الإنتاج ولا تستطيع الادارة الخاصة إذا حركها دافع الربح أن تهتم بالمحافظة على قيم أي بناء موجود او آلة وكل ما تسعى اليه الادارة الخاصة هو زيادة القيمة الصافية للموجودات والتي تساوي القيمة المحسوبة لعائدات الصافية المتوقعة.

وعند الحديث عن المحتكرين فإننا نعرفهم  انهم البائعون الذين تكون اسواقهم غير مفتوحة لتدخل منتجين للسلعة نفسها أو سلع شبيهه، أو هم البائعون المفردون الذين يواجهون طلب مستقل عن عملهم وعن أي ردود فعل على عملهم من قبل المؤسسات الاقتصادية أو التجارية وبذلك لا تنطبق نظرية كورنو مارشال التقليدية عن الاحتكار إلا إذا حددناها بهذه الطريقة. ولا فائدة من تسمية أي شيء لا تنطبق عليه تلك النظرية احتكار.

وإذا ما تم تحديد الاحتكار طبقا لذلك  فان الحالات الصافية من الاحتكار الطويل المدى سيكون وقوعها من اندر ما يكون ولقد استخدم  تصور الاحتكار استعمال غير متشدد وقد صار هذا المصطلح  يدل على السلوك المخزي  والذي يثير الشعب  ومن هنا ربط  الاحتكار بالاستغلال  الذي لا وظيفة له .اما البرجوازي الليبرالي بخاصة صار الاحتكار ابا لجميع مظاهر اساءة الاستعمال .

إن نظرية الاحتكار البسيط تعلم ان السعر الاحتكاري أعلى والنتاج الاحتكاري أدنى من السعر التنافسي والناتج التنافسي ويمكن القول ان عنصر الدفاع عن المنافسة قد يخفق إخفاق كامل لان اسعار الاحتكار ليست بالضرورة أعلى أو منتجات الاحتكار أقل من الاسعار التنافسية، كما أن النظرة الكلاسيكية عن سعر الاحتكار والمنتجات  تظل على حالها غير أنه لا يجوز بناء نظرية عامة والسبب أنه في الصناعة المعملية لا يمكن اكتساب الوضع الاحتكاري إلا باليقظة والطاقة.

إن اوضاع الاحتكار في المدى القصير كثيرة كما ان  طرق الانتاج الجديد والسلع  لا تعني احتكار في حد ذاتها  حتى لو انتجتها شركة واحدة ولقد اكتشفت النظرية التقليدية ذاتها عددا من حالات الاستثناء نسبة الى الاراء القديمة عن المنافسة الكاملة، والأكثر خطورة هو التحليل الديناميكي الذي يشرح سبب كون كمية اقتصادية  معينة هو كما نجده في لحظة معينة من الزمن لا يتطلب الامر اعتبار حالة الكميات الاقتصادية الاخرى في اللحظة نفسها فحسب كما  تفعل النظرية  السكونية وإنما حالة تلك الكميات في نقاط زمنية سابقة. إذ تضمن المنافسة الكاملة الدخول الحر في كل صناعة  وبحسب تلك النظرية العامة في جميع الصناعات هو شرط للتوزيع الامثل للمصادر  وبالتالي زيادة الانتاج الى الحد الاقصى.

إن ادخال سلع جديدة وطرق انتاج جديدة لا يتسق مع وجود منافسة كاملة  والواقع ان المنافسة الكاملة كانت تعلق بصورة مؤقتة  عند دخول شيء جديد بصورة اتوماتيكية كما أن القول بوجود سعر جامد في النسق التقليدي هو قول صحيح حيث ان الجمود هو نمط من مقاومة التكييف الذي تستثنيه المنافسة الكاملة الفورية وهذه الحالات التي عالجتها النظرية التقليدية، ويمكننا القول ان النظرية التقليدية هي صائبة في افتراضها في الافادة ان الارباح التي تزيد على ما هو ضروري في الحالة الفردية لإنتاج  مقدار من توازن  وسائل الانتاج. وأخيرا يمكن ان نبين  انه في ضوء الافتراضات التي تؤدي الى اقصاء اكثر سمات الواقع الرأسمالي يكون اقتصاد المنافسة الكاملة بريئا بصورة نسبية من الهدر.

إن نمط القدرة الزائدة الناتجة من ممارسة  توفير القدرة الزائدة التي تدين بوجودها الى ممارسة توفير القدرة لذروات الطلب الدورية يتناقص مع نظام منافسة كاملة. إذأان القدرة الزائدة من هذا النمط  يكون سبب في الادعاء  بتفوق الاقتصاد الاشتراكي، غير أنه لا يجوز من غير تعديل أن يعتبر ادعاء بتفوق نوع المنافسة الكاملة الخاصة بالاقتصاد الرأسمالي بالمقارنة مع نوع الاحتكار .

ويمكن القول أن عمل ترتيب المنافسة الكاملة في شروط التطور الرأسمالي يكشف عن اشكال الهدر  الخاصة به، إن المنافسة الكاملة مستحيلة لذا يجب قبول المؤسسة الكبيرة كأمر مسلم به غير منفصل عن التقدم الاقتصادي  ولا تكون المنافسة الكاملة مستحيلة فقط وإنما لا معنى لوضعها نموذج للكفاءة المثالية لذا من الخطأ بناء نظرية حكومية في تنظيم الصناعه على اساس المبدأ  المفيد أن الاعمال يجب أن يطلب منها ان تعمل في منافسة كاملة وعلى الاشتراكيين ان يعتمدوا في انتقاداتهم على مزايا الاقتصاد الاشتراكي وليس على مزايا النموذج التنافسي. (شاهد فيديو موقع مقال على اليوتيوب)

بقلم: نادية عبد الهادي عتيق

 

أضف تعليقك هنا